على حساب فولتير

01 ديسمبر 2016
سليمان الكامل/ تونس
+ الخط -

كثيرون رأوا في انتصار دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية الأخيرة انتصاراً لنزعة مضادة للنخبوية. يُعتبر الخطاب الذي ينتقد النخب شعبوياً، وكأنه بالضرورة يتبنّى خياراً شعبياً، لكنه ليس سوى عملية وضع خط وهمي بين النخب والشعب.

***

من الصعب تحديد فكرة النخبة. مثلاً، هل يمكن القول إن ترامب لا ينتمي إلى النخبة، باعتبار ثروته أو باعتبار مواقعه في المجتمع والاقتصاد، ولاحقاً في الدولة. هكذا يبدو انتقاد النخب وسيلة من وسائل إقناع الناس بتغيير ما، ولكن من يقفون ضدّ النخب القديمة يتحوّلون إلى نخب جديدة.

***

ثمة خوف من انتشار النزعة المضادة للنخبوية في عالم اليوم، فهي تبدو مدخلاً للتسيّب والذهاب نحو المجهول، غير أن فكرة النخبة زئبقية إلى درجة أننا لا نجد فيها ثوابت تتيح التصنيف أو الترتيب.

***

هذا الصراع ضدّ النخبة ومعها ليس جديداً، ففي القرن الثامن عشر حمل جان جاك روسو خطاباً مضاداً للنخبوية التي تذهب بـ"التنوير" حيث تريد هي، وكان فولتير يعتبر رمز هذا التوجّه.

***

يقال في الفرنسية لمن يخطئ في قواعد النحو "إنها غلطة فولتير" باعتبار أنه أوصل الفرنسية إلى مراتب عليا من الدقة والانضباط. ويبدو أن كل الأخطاء التي سيقع فيها هؤلاء اللانخبويون سيقال عنها "إنها غلطة فولتير".

وحين تكون التبريرات جاهزة، سيجدون راحتهم في ارتكاب الأخطاء، لكن على حساب من؟ النخب التي ينتقدونها أم على حساب الشعوب؟


المساهمون