علم طفلك النظام وإدارة الوقت

31 ديسمبر 2015
أطفالنا ليسوا فوضويين ولا عشوائيين في إدارة حياتهم(Getty)
+ الخط -

قد يتفاجأ البعض من حقيقة أن الطفل يولد منظماُ بالفطرة، وأن ما يحدث مع أطفالنا من مشكلات في إدارة الوقت تعود للممارسات العشوائية اليومية في الأسرة، فقد أثبتت الدراسات العلمية في علوم الأجنة والمواليد أن الطفل يخلق في بيته الأول رحم الأم في بيئة منظمة تماما تبدأ من التقاء الحيوان المنوي للأب مع بويضة الأم إلى أن يصل الطفل إلى اكتمال التكوين في الشهر الثالث من الحمل واستكمال دورته الجنينية في الرحم إلى وقت خروجه للحياة بعد اكتمال الشهر التاسع للحمل.
وخلال التسعة شهور يعيش الطفل في بيئة منظمة في كل ما يتعلق بإدارة الحياة من التغذية والنوم والتعلم والحركة والمرور بكل محطات الحمل إلى الولادة.

هذه الحقيقة تؤكد أن البذور الأولى لتدريب الطفل على النظام وإدارة الوقت بدأت من المرحلة الجنينية وتستكمل في مرحلة الرضاعة حين يعيش الطفل في بيئة تنظم رضعاته ومواعيد نومه ومكانه الخاص والاضاءة والتنفس واللغة الانفعالية والجسدية المنطوقة والحركية.

يبقى الطفل ينشد النظام ممن يرعاه إلى أن يبدأ بالتعرف على بيئته الأسرية واكتشافها بالحواس إلى أن يصل للسنة الثالثة من عمره وهنا يبدأ ممارسة حياته بشكل أكثر فاعلية ويستكمل اكتشافة للحياة بدورة منظمة أيضاً مضيفاً لها قدرته على النطق والكلام واستخدام الصوت واللحن والحركة.

وهنا تكمن أهمية كبيرة للمرحلة التالية لسن الثلاث سنوات لا تقل عن المرحلتين السابقتين في ممارسة واكتساب النظام وإدارة الوقت من البيئة الأسرية بقيادة الأب والأم أو من يقوم برعايته في المنزل.

أطفالنا ليسوا فوضويين
المعلومات في المقدمة تؤكد أن أطفالنا ليسوا فوضويين ولا عشوائيين في إدارة حياتهم وأن لنا دور كبير كآباء وأمهات وتربويون في تهيئة بيئة حياتية معيشية تليق بإنسانية الطفل وتستكمل عملية تدريبه واكتسابه للنظام وسلوكياته الايجابية الفاعلة، وهنا سننتقل لأهم الأسباب التي تدعم أطفالنا في تبني منهجية حياة منظمة فاعلة إيجابية للأسرة والمجتمع.

اقرأ أيضا:كيف تجهز ابنك لعصر الابتكار؟

ستة أسباب تؤدي إلى نجاح الوالدين في اكتساب الطفل للحياة المنظمة الفاعلة:


1 . القدوة الحسنة:
كي يكتسب طفلك النظام وحسن استثمار الوقت أو الزمن عليه أن يرى ويلمس قدوة حسنة للوالدين أو القائمين على تربيته ورعايته، لا يستطيع الطفل اكتساب تنظيم الوقت في حال أن الوالدين لم يكونا قدوة حسنة في إدارة الوقت والالتزام بقوانينه. علينا أن نلتزم بقوانين إدارة الوقت ليكتسب أطفالنا حسن اسثمار وقتهم واحترام قوانينه.

2 .  التقييم:
كي يحسن طفلك تنظيم الوقت عليك أن تدرس جيدا الظروف التي تساعد الأسرة على حسن إدارة الزمن فظروف كل أسرة تختلف عن الأخرى وأحوال كل طفل تختلف عن الآخر، هنا نحتاج إلى التقييم البنائي والذي يعمل على تقييم الظروف بشكل إيجابي حيث يكتشف نقاط الضعف في ظروف الأسرة كي يحسن من استفادة الأطفال لإدارة الزمن، مثلاُ إن كانت ظروف عمل الوالدين تستغرق ساعات طويلة من النهار ويكون لدى الطفل متسع دون رقابة هنا عليهم استخدام البدائل التربوية المنظمة لتغطية غياب الوالدين مثل التواصل عبر التليفون أوالمتابعة عبر الاسكايب فهي مثيرة للطفل ومحفزة لنشاطة وطاقته، فغياب الوالدين يقلل من مستوى طاقة الطفل الفاعلة.

أيضا توكيل الطفل بمهام محددة ومساعدته في تدوينها عبر تقرير صغير وتقييم جودتها من ثلاث مستويات، هذا النشاط يشعر الطفل بالتحمس والرغبة في المزيد من الأنشطة خاصة تلك التي تلمس ميوله وقدراته الابداعية.

3 . الإيمان:
كي يستثمر طفلك وقته ويكتشف طاقاته عليك كأب وأم أن تتمتعان بالإيمان بشخصية طفلكما وبقدرة هذا الكائن الصغير على الالتزام واحترام القوانين، والإيمان بقدراته المتنوعة في مجاله الخاص، فدراسات قدرات الطفل الفردية تؤكد أن كل طفل يمتلك قدرة ما يكمن فيها سر نجاحه، فعلينا كوالدين الإيمان بذلك، حيث أن الإيمان قاعدة أساسية لاكتساب أطفالنا الالتزام بكل ما هو إيجابي.

4 . الفهم والتفهم:
كي تتمتع بصحة جيدة عليك أن تفهم جسدك وتتفهم تمنع الجسد عن ما يضره وتقبله ما يفيده وطفلك عزيزي الأب كالجسد نسبة الخطأ فيه قليلة ولا يستخدم الرفض أو العناد لمجرد العناد إنما ينتج كل سلوك تبعا لإحساسه الفطري ولطاقاته وقدراته الفردية، إن فهم الأب والأم شئون طفلهما وتفهما احتياجاته وقدراته يستطاعان بذلك الوصول لوجدان الطفل، ووجدان الطفل أهم ركن في جسده للالتزام بما يفيد حياته.

5 . إدارة الانفعال:
إدراة الانفعال كالفهم والتفهم من أهم مهارات الذكاء الوجداني التي ينصح التربويون الوالدين بالتمتع بهما، فإدارة الانفعال تجعل الوالدين يتخلصان من مواقف الغضب وترشيد الانفعالات بشكليها السلبي والإيجابي، لأن قوة الانفعال تدفع بالطفل للانحراف في السلوك وعدم الالتزام بما يتفق عليه، فعلينا كوالدين التحكم في انفعالتنا خاصة التدرب على إدارة الغضب، هذا هام جدا ليكتسب طفلك إدارة وقته بعيدا عن المزاجية والانفعالات، لكل مقام مقال، ولكل أمر زمنه الخاص، بالممارسة وعدم خلط الامور لتبرير التكاسل والتباطئ في تنفيذ المهام كل يساعد في الالتزام وتنظيم الوقت.


6 . الحزم:
على الوالدين التمتع بالحزم والالتزام بالقوانين المنظمة للحياة الأسرية دون أي تهاون فيها، والحزم لا يعني القسوة أو التسلط أو الاجبار، الحزم يقوم على الفهم والتفهم.

اقرأ أيضا:الفائز بنجوم العلوم: إياكم والاستهانة بأفكار أبنائكم

ستة خطوات لتدريب الطفل على اكتساب تنظيم الوقت بايجابية وسعادة:


ما أجمل الممارسات التي يقوم بها الطفل باستمتاع وسعادة، يطلق خلالها طاقاته الابداعية للانجاز وكلما استمتع أكثر انجز بفاعلية وكلما حقق ما يقدم عليه شعر بالسعادة والسرور، هذه الأجواء التي يجب أن نساعد أطفالنا للعيش فيها، ولا سعادة تفوق سعادة طفلك بكونه كائن يؤدي دورا هاما في مجتمعه له تقديره وقيمته، يقدم كل شيء بقناعة وايمان وشجاعة.

1 – تنظيم الحياة الأسرية للجميع:
طفلك إن عاش منذ صغره أو إذا عاش فترة طويلة في حياة أسرية منظمة من الألف إلى الياء بحيث يكون عنصر ايجابي فيها أي له دور ويمارس ويناقش ويختار ويتفاعل ويستشار ويستشير وكل ما في حياته بزمنه الخاص، هذا الطفل يكتسب ذلك الالتزام بالنظام مع الزمن.

2 – الخصوصية:
لكل طفل خصوصيته ونوعيته هناك أطفال لديهم طاقة كبيرة، هناك اطفال طاقاتهم أقل، هناك متحمسون، هناك كثيري الملل، اعرف نوعية طفلك لينتج أكثر ولتتفهم خصوصيته ودوره الحقيقي بالأسرة والمجتمع.

3 -  الأولويات:
درب طفلك على معرفة دوره في الحياة، سواء الشخصي أو الأسري أو المجتمعي حسب عمره، معرفة الدور تنتج مهام وهذه المهام لها سلم أولويات يبدأ من القاعدة وينتهي بقمة الهرم، ناقش مع طفلك أولوياته وساعده في تنظيمها للإنجاز حسب معرفته وقدرته واحتياجاته.

4 – التخطيط:
درب طفلك أن يمتلك هدف وإن كان صغيرا، فتفكير الأطفال بسيط لكن مليئ بالابداع ويتطور التفكير بالانجاز، والانجاز يحتاج للتخطيط، مثلا درب طفلك على اعداد خطة أسبوعية بأيام الأسبوع ويحدد أهداف الأسبوع وماذا يريد أن ينجز ويتدرج بالخطة حتى يصل لما خطط إليه، ذلك السلوك اليومي يفيد طفلك ويكسبه مهارة حسن تنظيم الوقت وكلما بلغ أهدافه الصغيرة تحمس للاندماج في رعاية نفسه والأسرة بصورة أفضل مما قبل، لا شيء يسعد طفلك كشعوره بالانجاز وأنه صاحب هدف ويرسم خطة لحياته، كائن فاعل وليس مفعول به.

5 – التقييم:أمران للتقييم مفيدان للطفل:
- الجلسات الأسرية المسائية، جلسات ودية تطرح فيها الأسرة أحداث اليوم بكل ما فيها من جمال وسوء ويحدث التقييم بشكل غير منظم لكنه بالفعل مفيد ويتم بصورة ودية، فيه يشجع الوالدين طفلهما على السلوكيات الإيجابية ويدربان الطفل على الانتقاد الذاتي البناء والطفل يتقبل كل شيء بالحب وليس بأصبع الإتهام، وهذه الجلسات تدعم التزام الطفل بإدارة الوقت وتحقيق المهام بفاعلية.

- تقييم الطفل لخطته الأسبوعية وهذا يحتاج من الوالدين تدريب الطفل على تقييم الأهداف بالانجاز بمستوياته الثلاثة أي إن قمت بتحقيق الهدف الفلاني بمستوى جيد، جيد جدا ، ممتاز .. والاستفادة من نقاط الضعف التي نتجت من تقييم تنفيذ الخطة الأسبوعية.

6 – الصلاة:
الصلاة هامة لاكتساب تنظيم الوقت، خاصة لأطفال مرحلة الطفولة المتأخرة، فممارستها بشكل منظم، ووضع زمنها ضمن الخطة الأسبوعية لحياة الطفل تساعده كثيرا في اكتساب النظام والالتزام بكل ما هو إيجابي.

أطفالنا ليس لديهم مشكلة مع النظام بل هم منظمون بالفطرة، علينا فقط متابعة النظام الفطري في شخصية الطفل وتنظيم الحياة الأسرة والالتزام بنظمها وممارسته برضا وبهجة.

 اقرأ أيضا:اكسب ابنك واهزم الألعاب الإلكترونية في 10 خطوات

المساهمون