عطلة ربيع طويلة في الكويت

21 يناير 2020
أيام الدراسة قليلة (العربي الجديد)
+ الخط -
تُواجه وزارة التربية والتعليم العالي في الكويت انتقادات واسعة بسبب الأيام الدراسية القليلة لتلاميذ المدارس في ظل كثرة العطل وغياب التنسيق بين وزارة التربية والمؤسسات الحكومية الأخرى، ما يؤثر سلباً على عملية التعليم المتدهورة في البلاد، كما يقول خبراء في التعليم.

وأنهى تلاميذ المدارس الابتدائية والمتوسطة امتحانات نصف العام في منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في وقت أنهى تلاميذ المدارس الثانوية (عدا تلاميذ الثانوية العامة) امتحاناتهم أواخر الشهر نفسه، على أن يعودوا إلى المدارس في بداية شهر فبراير/ شباط، قبل أن يحصلوا على عطلة العيد الوطني يومي 25 و26 من الشهر نفسه، والتي قد تمتد إلى الأول من مارس/ آذار المقبل، ما يعني أن تلاميذ المدارس في الكويت سيحصلون على عطلة نصف سنوية تتجاوز الشهرين.




ويقول المدرّس فهاد العجمي لـ"العربي الجديد"، إن العطلة الطويلة تسببت بشرخ كبير في العملية التعليمية في البلاد، إذ إن التلاميذ، خصوصاً الأصغر سنّاً في المرحلة الابتدائية، سيعانون بعد عودة الدراسة نتيجة عدم الربط بين مناهج الفصل الأول والفصل الثاني بسبب طول العطلة، إضافة إلى أن المنهاج السنوي بشكل عام سيكون مخفّفاً بسبب الأيام القليلة التي سيدرس فيها التلاميذ.

ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "تلاميذ المرحلة الابتدائية بدأوا الدراسة في منتصف شهر سبتمبر/ أيلول حتى منتصف ديسمبر/ كانون الأول، ثم سيعودون إلى الدراسة في أول شهر فبراير/ شباط ليحصلوا على عطل أوائل شهر مايو/ أيار المقبل، أي أن مجموع أيام دراسة تلاميذ المرحلة الابتدائية في الكويت لن يتجاوز الخمسة أشهر، على الرغم من أنها مرحلة تأسيسية مهمة جداً". ويتهم وزارة التربية بالتخبط وعدم إعداد رؤية واضحة في كل شيء، بدءاً من المناهج الدراسية وصولاً إلى إعداد جدول عطل للتلاميذ. ويقول إن السبب هو ما تعيشه وزارة التربية، في ظل عدم وجود قيادة واضحة داخل الوزارة، والتغيير المستمر في الإدارات والمناطق التعليمية والأقسام الناتج عن تدخل السياسيين وأعضاء مجلس الأمة في عمل الوزارة.

ويعاني أولياء أمور التلاميذ في الكويت بسبب العطلة الطويلة والفراغ الذي تتسبب به هذه العطل للتلاميذ، خصوصاً أن الأعمال الحكومية في البلاد تستمر طوال العام، خلافاً لعطلات التلاميذ الكثيرة، ما يعني أن أولياء الأمور لن يستطيعوا البقاء مع أبنائهم لوقت كافٍ خلال أوقات الفراغ في هذه العطل.

وتقول منى السعيدي لـ"العربي الجديد"، وهي أم لثلاثة أطفال في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة: "المعاناة كبيرة. من أقر هذه العطلة الطويلة أجرم بحق أطفالنا. ليس لدى أطفالي الثلاثة أي نشاط يقومون به داخل البيت غير ألعاب الفيديو، ولا يمكنني تقليل ساعات اللعب لأن اليوم طويل جداً بالنسبة إليهم، وهناك حالة من الملل بينهم".

وتوضح منى أنها ليست الوحيدة، فـ"كل والد أو والدة في الكويت يعاني المعاناة نفسها. وهذا لم يكن موجوداً في السابق عندما كنت طفلة، إذ كانت الإجازة الدراسية في منتصف العام، والتي نسميها عطلة الربيع، لا تتجاوز الـ15 يوماً. وكان والدي يأخذ إجازته السنوية خلال هذه الأيام لنخرج سوياً في رحلات إلى الصحراء أو السفر إلى الدول المجاورة. لكن كيف يمكنني الحصول على إجازة لمدة شهرين كاملين؟".

من جهته، يختار أحمد المظفر تسجيل ابنه الذي يبلغ من العمر ثمانية أعوام في أحد المراكز الثقافية الدينية الرياضية طوال فترة العطلة. هناك، يحفظ ابنه القرآن الكريم ويلعب الرياضة ويأخذ حصصاً في التاريخ. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن إدارة المركز الذي سجل ابنه فيه "اتفقت مع أولياء الأمور على التعاقد مع معلمين ومعلمات لتدريس أبنائهم حصصاً مخففة في اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنكليزية، لأنّ العطلة طويلة جداً وتؤثر على وعي ومستوى التلاميذ المعرفي".

ويقول عثمان السبع، وهو مسؤول في مركز تاج الوالدين لتحفيظ القرآن الكريم في الكويت: "المركز يعمل طوال فترة عطلة الربيع تقريباً، والتي تمتد لشهرين، لكنه يعطّل مدّة عشرة أيام. ويطالب أولياء الأمور بإلغاء هذه العطلة، فيأتون إلينا ويقولون إنه يجب الاستمرار طوال العطلة ليتعلم أبناؤنا بدلاً من جلوسهم على هواتفهم المحمولة أو ألعاب الفيديو".




وحاولت "العربي الجديد" التواصل مع مكتب الوكيل المساعد لوزارة التربية والتعليم العالي للحصول على جواب حول اتهامات المهتمين بالشأن التعليمي والتربوي للوزارة بالإهمال حيال التلاميذ، لكنها لم تتلق أي جواب. ويقول المسؤول في جمعية المعلمين الكويتية نواف الشمري، لـ"العربي الجديد": "هناك حالة من الارتباك غير المحدود في الوزارة من هذه الناحية، لكن أولياء الأمور يتحملون جزءاً من المسؤولية. فإذا عمدت الوزارة إلى تمديد أيام الدراسة، سيقولون إنها تقسو على أبنائهم، وإذا عمدت إلى تقليصها حتى لا يدرس التلاميذ خلال شهر رمضان الذي سيأتي في آخر العام الدراسي، يقولون إن الوزارة تهمل أبناءهم". ويستدرك قائلاً: "العملية التعليمية في الكويت بحاجة لرؤية واضحة وتطبيق حازم، ومسألة غياب التلاميذ هي مظهر من مظاهر غياب الوضوح والحزم".
المساهمون