لا يمكن لعاقل أن يسير في شوارع العاصمة العراقية بغداد، بعد منتصف الليل، إلا إن كان عسكريا أو حاصلا على إجازة تخوله حمل سلاح يحميه من عصابات الجريمة المنظمة التي تنتشر في مختلف الأحياء.
يؤكد العديد من الضحايا بروز ظاهرة استخدام الفتيات من جانب العصابات كنوع من الكمائن، في حين يوضح ضباط عراقيون أن مناطق السكن العشوائي تمثل مرتعا حقيقيا لمثل هذه العصابات، حيث تتفشى فيها أنواع الجريمة، وخصوصا السرقة.
ويتبع عناصر الجريمة المنظمة أساليب مبتكرة للإيقاع بضحاياهم الذين لا ذنب لهم سوى أن عملهم أو ظروفهم تجبرهم على البقاء خارج منازلهم إلى ساعات متأخرة من الليل، تقول سحر عماد، وهي تعمل في مجمع تجاري بحي الكرادة وسط بغداد، إنها استقلت مطلع الشهر الحالي سيارة أجرة عائدة إلى منزلها في حي السيدية، وإن سائق السيارة لم يسلك الطريق المعتاد بين الكرادة والسيدية، وسار في طريق آخر بذريعة الوصول سريعا.
وأضافت لـ"العربي الجديد": "دخل السائق زقاقا مظلما قريبا من نهر دجلة، ثم أشهر مسدسه طالبا مني أن أعطيه كل ما أملك من مال، بعد أن أبلغني أنه علم من شخص في مكان عملي أن الموظفين استلموا مرتباتهم اليوم. اضطررت لإعطائه المرتب البالغ 700 دولار، ثم سلب مني الموبايل ومصوغاتي الذهبية تحت تهديد السلاح".
وأشارت إلى أن الحادثة ليست الأولى، وأن سائق الأجرة مر بأكثر من نقطة تفتيش قبل ارتكاب جريمته، دون أن يلحظ أحد الأمنيين السلاح الذي يحمله.
أما العشريني علي سالم، فله قصة من نوع آخر، إذ إنه من الرواد الدائمين لأماكن الترفيه في حي المنصور وسط بغداد. "تعرفت إلى فتاة تعمل في مقهى بشارع المنصور، وبعد أن تعمقت علاقتنا التقينا في أماكن خارج المقهى، وفي إحدى الليالي سهرنا ورقصنا حتى وقت متأخر، ونمت في المكان بسبب الإرهاق، وفي الصباح استيقظت ووجدت نفسي في مكان منعزل بعد أن سرقت 4000 دولار كانت بحوزتي لتسديد قسط سيارتي".
وأضاف "ذهبت إلى المقهى للسؤال عن الفتاة التي سرقتني، فأخبروني أنها تركت العمل، وبعدها سمعت عن حالات مشابهة لعمليات سرقة تقوم بها فتيات".
ويؤكد النقيب في شرطة بغداد، علي الغريفي، أن القوات العراقية تقوم بجهد استثنائي للحد من جرائم العصابات التي توزع عناصرها في مناطق متفرقة من العاصمة، وتقوم بتوفير الحماية لهم، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن "مفارز النجدة العراقية تتمكن بين الحين والآخر من القبض على أشخاص يعترفون لاحقا أنهم أعضاء عصابات يصعب الوصول إلى زعمائها".
ويبين الغريفي أن مناطق "الحواسم"، تمثل مرتعا للعصابات بسبب عدم سيطرة الأجهزة الأمنية عليها، مؤكدا أن السلطات العراقية حاولت أكثر من مرة ترحيل سكان هذه المناطق، لكن ضغوطا حزبية أبقت عليهم.
والحواسم في العراق هي المناطق التي تتحول إلى أماكن سكن عشوائية، والتي انتشرت بشكل كبير بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، بعد أن سيطرت أحزاب على مقرات الوزارات والمؤسسات وبنايات الأمن والمخابرات وحولتها إلى مساكن للأعضاء والأقارب الذين جاؤوا من خارج بغداد.