بدا لافتاً وصف الروائية العراقية إنعام كجه جي "الجائزة العالمية للرواية العربية - البوكر" بأنها "عرس واوية" (ثعالب باللهجة العراقية)، وذلك في منشور على صفحتها، معلنةً مقاطعة حفل الإعلان عن الجائزة التي تسرّبت نتيجتها ونُشرت في بعض المواقع قبل الإعلان عنها رسمياً مساء أمس، وكانت رواية كجه جي "النبيذة" ضمن قائمتها القصيرة.
كتبت صاحبة "الحفيدة الأمريكية" على صفحتها في فيسبوك: "الآن، بدأ في أبو ظبي حفل الإعلان عن الفائز بـ جائزة البوكر للرواية العربية. وجدت أن من المناسب الامتناع عن حضور الحفل بسبب التسريبات التي سبقته وتضر بهذه الجائزة"، مضيفةً: "لا يمكنني المشاركة في ما نسميه باللهجة العراقية عرس واوية. مبروك للعزيزة هدى بركات فوزها بالبوكر، وهي تستحق ما هو أفضل من هذه الجائزة التي كانت على حقّ يوم دعتني لمقاطعتها".
هذا وإن كانت هدى بركات قد حقّقت موقعاً مقدَّراً لدى قرّاء الرواية العربية ونقّادها، فإن فوز روايتها "بريد الليل"، على جدارته واستحقاقه، سلّط، وللمفارقة، الضوء على هشاشة لجان تحكيم "البوكر" وقلة مصداقيتها على مدى السنوات. هذه "الهشاشة" - لا فوز منافستها التي يُضيف اسمها للجائزة أكثر ممّا تضيفه لها الجائزة التي مُنحت في السنوات الأخيرة لأسماء متواضعة جدّاً - هي ما جعل كجه جي تنتفض ضدّ ما بات معروفاً من تهافت البُنى القيمية والمعرفية لهذه الجائزة ومثيلاتها، وعدم كفاءة لجان تحكيمها، وأثرها السلبي المتفاقم على الرواية العربية، وتحديداً على المستوى الفني للأخيرة.
لكن هناك صنفاً آخر من الروائيين قاطعوا البوكر لأسباب جديرة بالتوقّف عندها أيضاً، من بينهم المصري أشرف الخمايسي الذي كتب في منشور على صفحته: "قدّمت في "بوكر"، الدورة التي ستظهر نتيجتها الليلة بـ"ضارب الطبل". وإذا بسياسات "الإمارات" التطبيعية مع الكيان الصهيوني تتفشّى، بلا حياء أو اعتبار لأي تاريخ أو حاضر يصطبغان بالدم الفلسطيني. فكتبت هنا أعلن عن سحب روايتي من "البوكر" اعتراضاً. وأرسلت إيميلاً لدار "الشروق،" الناشر، بنفس الطلب: سحب روايتي من المنافسات".
ويضيف صاحب "منافي الرب": "وأخذتُ أنظر للأمر من زوايا أخرى، فوجدت أن معظم المثقّفين لن ينبسوا بأقل اعتراض على سياسة "الإمارات" التطبيعية يوماً من الأيام، إذا كانوا ينتظرون من مؤسّساتها فوزاً بمسابقة، أو مشاركات بمجلّاتها وندواتها الثرية بالدولارات، أو بأي فعالية من فعالياتها التي صارت منتشرة على ساحة الوطن العربي؛ كـ"بيت الشعر" مثلاً. إن الفم الذي طُعِم، أو يُطعَم، أو ينتظر الإطعام، إن لم يكن حرّاً، لن ينطق بكلمة اعتراض، تزلّفاً أو خوفاً".
ويختم الخمايسي: "وأسمع اليوم أن "الإمارات العربية المتحدة" ستكون أوّل دولة عربية تجري مناورات عسكرية مع الكيان الصهيوني. "مصر" المربوطة إلى الكيان المحتل بمعاهدة سلام لم تفعلها! لكن "الإمارات" ستفعلها بمنتهى الصفاقة. وسيصمت المثقّفون العرب المغمورون بالدولارات الإماراتية، أو ممن ينتظرون الغمر بجائزة أو فعالية مدفوعة الأجر. وانتظار المال مش عيب. العيب هو إن المال يربط المثقف عن قول ما يجب قوله. الفعاليات الثقافية الإماراتية تحديداً صارت ملغزة ومشبوهة".
وأياً كان موقف المراقب من "البوكر" ومثيلاتها من جوائز استبدلت القيمة الأدبية بالأضواء الوهمية والضوضاء الاستهلاكية والدولارات، غالباً ما تبقى الرواية العربية التي تقول شيئاً للإنسان العربي وتقدّم إضافة فعلية للفن الروائي، في مكان آخر.