تعدّ المدارس والجامعات في تركيا التحدّي الأكبر للمهجّرين والمغتربين العرب، في ظلّ الظروف الأمنية الصعبة في بلدانهم، خصوصاً من يعتزم منهم الاستقرار بشكل نهائي في هذا البلد.
في هذا السياق، التقى "العربي الجديد" العديد من أسر وطلاب الجاليات العربية في مدينة إسطنبول، لمعرفة مدى استعدادهم للعام الدارسي الجديد الذي يبدأ في 17 سبتمبر/أيلول الجاري، والعقبات التي تواجههم.
يقول الأربعيني العراقي عمار طالب إنه منذ وصوله إلى تركيا قبل عامين، فضّل أن تلتحق ابنتاه بالمدارس التركية لأنها مجانية، إضافة إلى حرصه على تعلّم أسرته اللغة التركية للاندماج بشكل أساسي في المجتمع. ويشير إلى أنه لم يأخذ بنصيحة أحد أصدقائه بإلحاق أولاده بالمدارس العربية في تركيا، من بينها المدارس العربية الدولية الليبية، والمنارة الدولية والأقصى الدولية، بسبب ارتفاع المصاريف الدراسية.
وعن التكاليف المدرسيّة، يوضح عمار أنّ الزي المدرسي والأدوات المكتبية التي يحتاجها التلميذ لا تتعدى كلفتها 650 ليرة تركية (نحو مائة دولار). في الوقت نفسه، يسعى إلى تعليم أولاده الصغار اللغة العربية من خلال قراءة الكتب وإلحقاهم في دورات مكثفة خلال الدراسة والإجازات الصيفية حتى لا ينسوا اللغة العربية.
ويقول المصري إبراهيم أسعد، الذي قدم إلى تركيا حديثاً، إنّ أكبر عائق لديه هو أن التسجيل في المدارس التركية يكون بحسب عمر التلميذ وليس العام الدراسي السابق، ويضيف إن التحدي الثاني الذي يواجهه هو كيفية شرح الكتاب والمنهاج التركي لأولاده باللغة العربية، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية. إذ عليه توفير تكاليف للدروس الخصوصية ليتعلموا اللغة التركية. ويتجاوز سعر الدرس الخصوصي الواحد 50 ليرة (نحو 8 دولارات).
وفي ما يتعلّق بالفرق بين المدارس التركية والعربية، يوضح أسعد أن المدارس العربية تحاول مراعاة ثقافة العرب، ولا تهتم باللغة التركية، لكنّ المدارس التركية تتيح للتلميذ مشاركة عاداته وثقافته ولغته. وعلى الرغم من أن عائلته قد تستقر في هذه الدولة، من الأفضل الالتحاق بالمدارس التركيّة التي تضم جامعات جيدة.
ويبيّن الخمسيني المصري أن أسوأ ما في الأمر هو المشقة الكبيرة للطفل الذي لا يعرف التركيّة حين يدخل إلى المدرسة. ويعاني بسبب العزلة من عدم قدرته على استيعاب شرح المدرسين.
إضافة إلى أسعد وطالب، اضطر آلاف السوريين إلى مغادرة بلادهم بسبب الحرب الدائرة واللجوء إلى دولة أخرى.
من جهته، يقول السوري إسلام عبدالرحمن، وهو طالب في كلية الهندسة في إحدى جامعات إسطنبول: "المعاناة التي تواجه التلميذ العربي والسوري في تركيا تتمثل في عدم قبوله في المراحل التعليمية الأولى في المدارس القريبة من محل إقامته، وإرسال أوراق تسجيله إلى مدارس أخرى بعيدة، ما يضطر التلميذ إلى استخدام المواصلات. وهذا يجبر رب الأسرة على توفير مخصصات مالية للمواصلات على الرغم من الظروف المعيشية الصعبة".
وإلى الجامعات، يشير إسلام إلى أن تركيا ما زالت تتصدر القائمة (بالمقارنة مع الدول العربية) لناحية عدد الطلاب، خصوصاً بعد إزالة كافة العراقيل التي تواجه الطلاب السوريين المقيمين في تركيا.
ويؤكّد أن توافد التلاميذ العرب يزداد عاماً بعد عام، سواء أكانوا مهجرين أم وافدين، خصوصاً أن بعض هؤلاء يحصلون على قبول في الجامعات التركية الحكومية التي تعفي بعض الجنسيات من الرسوم الجامعية، أو يقبلون في إحدى الجامعات الأهلية مع منحة دراسية جزئية أو كاملة بحسب ظروف الطالب.