وأكدت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد" أن اجتماعاً عُقد السبت، وضم رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، وأعضاء في حكومته، مع قيادات التحالف العربي، الإماراتية على نحو خاص، وذلك لتدارس احتواء أي تصعيد، بعد أن بدا كما لو أن المدينة، التي تصفها الحكومة اليمنية بـ"العاصمة المؤقتة"، على أبواب مواجهة بين الشرعية والقيادات المدعومة من التحالف، خصوصاً أبوظبي.
وفي الوقت الذي لم تعلن فيه تفاصيل حول نتائج الاجتماع، أفادت المصادر بأن حشوداً من مناصري "المجلس الانتقالي" بدأت السبت بالتوجه إلى عدن، قادمة من المناطق المحيطة بها، استعداداً لفعالية مناهضة للحكومة، مع انتهاء المهلة التي حددتها قيادات ما يُسمى بـ"المقاومة الجنوبية"، لهادي، لإقالة الحكومة التي يرأسها بن دغر. ومن المقرر أن يبدأ المجلس، اليوم الأحد، خطوات تصعيدية ضد الحكومة التي أعلنتها القيادات المدعومة إماراتياً، هدفاً لتصعيدها قبل أسبوع، وأعلنت حالة الطوارئ لتحقيق الهدف ذاته.
وقبل ساعات من انتهاء المهلة، تراجعت حدّة لهجة التهديد لدى بعض قيادات "المجلس الانتقالي الجنوبي"، إذ خرج القيادي السلفي القريب من أبوظبي، هاني بن بريك، الذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس، بتصريح مثير، أعلن فيه أنّ شرعية هادي "من المسلمات"، وقال "زيادة على ذلك، الرئيس هادي جنوبي منّا وفينا، وسنتفق، واشربوا من البحر يا أذناب الفرس"، موجهاً خطابه إلى جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، التي رفض ترحيبها وتوعّد بمواصلة محاربتها.
وأثار تصريح بن بريك تفسيرات متعددة، إذ رأى بعض المحللين اليمنيين أنه قد يكون نتيجة لجهود التهدئة بين الحكومة اليمنية والإماراتية في عدن، باعتبار أن بن بريك أحد أبرز المقربين من أبوظبي. كذلك وصف آخرون التصريح بأنه مناقض للأفعال التي يقوم بها "المجلس الانتقالي"، لتقويض الشرعية، والتحضيرات التي تجري من قبله ومناصريه لإسقاط الحكومة الشرعية في عدن.
وفي السياق، أكدت وزارة الداخلية اليمنية التابعة للشرعية، أمس، أنها رصدت "تحركات مقلقة للأمن" في عدن، وأعلنت إجراءً استباقياً، بمنع أي تجمعات أو اعتصامات أو مسيرات في المدينة، واعتبارها "أعمالاً تستهدف السكينة والاستقرار". كذلك أقرّت، وفي خطوة شجاعة، للمرة الأولى، بـ"منع المجاميع المسلحة من دخول عدن"، في إشارة إلى تلك التابعة لـ"الانتقالي" المدعوم من أبوظبي. وأظهر البيان، جدية الخطر الأمني الذي يتهدد المدينة، بعد الأنباء التي تحدثت عن انتشار آليات عسكرية، تابعة للطرفين، لتبدو عدن كما لو أنها أمام انفجار مؤجل بين الأطراف الداخلية المتناحرة، بما لها من ارتباطات إقليمية.
ويوم الأحد الماضي، عقدت قيادات في ما يسمى "المقاومة الجنوبية"، التي تأسست أثناء المواجهات مع الحوثيين، اجتماعاً في عدن، بدعوة من محافظ عدن السابق، الذي يرأس "المجلس الانتقالي"، عيدروس الزبيدي. وخرج الاجتماع بإعلان "حالة الطوارئ" في عدن، لإسقاط "الحكومة"، ومنح هادي مهلة أسبوع لتغييرها، وإلّا ستبدأ بخطوات تصعيدية، وهو التهديد الذي صدر عن اجتماع شبه عسكري لقيادات مجموعات مسلحة. إلّا أنها في وقتٍ لاحقٍ، بدت كما لو أنها أطلقت تهديدات، يعني تنفيذها، التمرد على "الشرعية"، التي يقول التحالف بقيادة السعودية إنه يحارب لإعادتها.
الجدير بالذكر أن مدينة عدن، ومنذ إعلان تحريرها من الحوثيين في يوليو/ تموز 2015، عاشت موجة من الصراعات بين القيادات والفصائل المحلية المتحالفة مع الإمارات، بوصفها الدولة التي تتصدّر واجهة نفوذ التحالف بقيادة السعودية، في جنوب اليمن، وبين القيادات والأطراف اليمنية الداعمة للحكومة الشرعية، التي واجهت العديد من العراقيل، في طريق استقرارها الكلي في المدينة، على الرغم من مضي أكثر من عامين ونصف العام على إعلانها "محررة"، في حين لا يزال الرئيس هادي والعديد من قيادات الدولة في العاصمة السعودية الرياض. ولم تتوفّر إلى الآن الظروف الكفيلة بتحويل عدن إلى عاصمة مؤقتة فعلياً لليمنيين، بقدر ما أصبحت تتنازع الحكومة الشرعية والقوى التي تتبنى دعوات انفصال الجنوب عن الشمال السيطرة فيها.