عجز حكومي أمام أزمة السكن في السعودية

18 يناير 2015
أكثر من 60% من السعوديين يسكنون في وحدات مؤجّرة(أرشيف/AFP)
+ الخط -

يرى محللون ومختصون في السعودية، أن وزارة الإسكان باتت عاجزة عن حل أزمة السكن في المملكة، معتبرين أن قرارها الأخير بالتوقف عن بناء المساكن الجاهزة، والاتجاه إلى تخطيط الأراضي ومنحها للمواطنين، مع قروض للبناء، يؤشر إلى فشلها في أداء الدور المنوط بها، واستمرار سياستها المتخبطة التي لم تفرز أية نتائج ملموسة على الأرض.

ويعاني السعوديون من أزمة سكن منذ عقود، وتؤكد إحصاءات شبه رسمية أن 60% من السعوديين لا يملكون مسكناً خاصا، وأن نحو 30% من المُلاّك يقطنون مساكن غير لائقة.

وقال وزير الإسكان شويش الضويحي، الأسبوع الماضي، إن الوزارة ستتوقف عن بناء الوحدات السكنية، على أن تتولى تخطيط الأراضي وتنفيذ البنى التحتية لها، ثم تقوم بإعطائها للمواطنين، مع قروض سكنية للبناء عليها، حسب آلية الاستحقاق والأولوية.

وحسب بيانات لوزارة الإسكان، يجري العمل حالياً على استكمال الوحدات السكنية التي بدأت الوزارة ببنائها والتي يبلغ عددها 13 ألف وحدة، تم توزيع مشروعين منها في جازان والقصيم. ويجري العمل على تنفيذ 12 مشروعاً لتوفير أراضٍ مطورة بالبنية التحتية تستوعب أكثر من 44 ألف وحدة سكنية. فيما تعمل الوزارة على تصميم 80 مشروعاً تستوعب حوالى 100 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى طرح 9 مشاريع تستوعب حوالى 4700 وحدة سكنية.

تخبط حكومي

قال عضو اللجنة العقارية في مجلس الغرف التجارية السعودية، عبدالله المغلوث، إن قرار وزارة الإسكان يؤكد مدى تخبط الوزارة، وعدم قدرتها على أداء دورها المطلوب منها كما يجب، معتبرا القرار يُدخل المواطن في دوامة من الأزمات لم يكن لها داع.

وأضاف المغلوث، في مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد"، أن "فقدان الاستراتيجية الواضحة والشفافة لدى وزارة الإسكان، يجعلها تتخبط في اتخاذ قراراتها، ما يعكس عدم ثقة المواطن في الإجراءات التي تتخذها الوزارة أو الوعود التي تُطلقها، أو تلك التي تتعلق بتنفيذ المشاريع والمساكن التي أمر بها ملك السعودية عبدالله بن عبدالعزيز منذ أكثر من أربع سنوات، ببناء 500 ألف وحدة سكنية".

وقال: "ما نشاهده حالياً من مشروعات لا يتناسب مع حجم المطلوب بأي حال. الوزارة تبني 13 ألف وحدة من أصل 500 ألف تم حجز ميزانيتها فعليا!".

وأضاف المغلوث أن المقترح الذي أثاره وزير الإسكان مؤخراً، بالتوقف عن بناء مسكان وتوزيع أراضي بناء على المواطنين، غير قابل للتنفيذ فعلياً، قائلاً: "لا يمكن القبول بذلك، فوزارة الإسكان هي المسؤولة عن بناء الوحدات السكنية لمختلف الشرائح، ثم تسلمها للمواطن حسب الأمر الملكي السابق".

خطوات متثاقلة

مع أن الوزير الضويحي شدد على أن مشروعات الإسكان التي تنفذها الوزارة لن تتأثر

بانخفاض أسعار البترول، التي بدورها ستؤدي إلى خفض الإنفاق في الميزانية العامة للدولة، إلا أن كثيرا من المحللين غير واثقين من قدرة الوزارة على النجاح في دورها المطلوب منها.

ويؤكد مدير إدارة الصناديق العقارية في شركة "دراية" فيصل الشماس، أن وتيرة إنشاء وزارة الإسكان للمشاريع، لا تزال بطيئة، ولن تنعكس بشكل إيجابي سريع على سوق العقار في السعودية؛ لأن ارتفاع قوائم الانتظار أسرع بكثير من وتيرة عمل الوزارة.

وقال الشماس لـ"العربي الجديد": "هناك بطء في عمل الوزارة، وإصرار على أن يكون التوسع العمراني أفقياً، بدلاً من أن يكون طولياً، والإصرار على هذا النوع من التوسع يحتاج إلى الكثير من الأراضي المطورة غير الموجودة فعلياً". ويتابع: "لا أعلم لماذا لا يكون التوجه لبناء عمارات كبيرة وتوزيعها كشقق خاصة على حديثي الزواج".

وقبل عامين أعلنت وزارة الإسكان عن تنويع بدائل التمويل الإسكاني، بعد اجتماعات مع ممثلي المصارف ومؤسسة النقد العربي السعودية، لتشجيع التمويل الإسكاني طويل الأمد، وتقليل مخاطره، وربط خدمة الدين بنسبة مقبولة من دخل الأسرة، الأمر الذي يزيد من فرص المواطنين السعوديين في الحصول على السكن الملائم، ولكن لم يتحقق أي شيء على أرض الواقع حتى الآن.

وفي الأسبوع الماضي، شدد وزير الإسكان على أن وزارته تدفع باتجاه إقرار فرض رسوم على أراضي البناء غير المستغلة، بعد أن قدمت دراسة مستفيضة في هذا الجانب أيدت فيها سرعة إقرار هذا المطلب، لما له من أثر إيجابي للحد من ارتفاع أسعار الأراضي واحتكارها.

تغيير ثقافة البناء

هاجم مجلس الشوري السعودي، أكثر من مرة، وزارة الإسكان؛ بسبب "تخبطها وعجزها عن تأمين السكن للمواطنين"، مطالباً الوزارة بتحركات أسرع لحل أزمة الإسكان التي يعاني منها قرابة 70% من السعوديين.

ويقول عضو مجلس الشوري، عبدالله الحربي، إن الوزارة لديها مشاريع كبرى في جميع أنحاء المملكة لبناء مجمعات سكنية، ولكن الملاحظ هو إنشاء هذه المشاريع من خلال شركات المقاولات التي ما زالت تعتمد على الطرق التقليدية في تنفيذها، ما يؤثر على سرعة إنجاز

المشروعات.

ويقول لـ"العربي الجديد": "الكل يعلم أن تقنية البناء في العالم تطورت بشكل كبير، وأصبح عدد كبير من الدول تشترط 70 إلى 80% من المواد التي تدخل في البناء عبارة عن مواد مسبقة الصنع، بداية من الخرسانة مسبقة الصب، إلى الأبواب والنوافذ وغيرها".

ويضيف: "نتطلع إلى دور الوزارة في تغيير ثقافة البناء بالمملكة، من خلال إعادة النظر في

الاشتراطات والتنسيق مع الجهات الحكومية مثل وزارة البلديات، لتطبيق معايير واضحة ومحددة في البناء، ودفع شركات المقاولات إلى تغيير نمطية عملها الحالية إلى نمط يقوم على مفهوم الاستثمار في صناعة البناء، وهو ما يُسهم في تنافس شركات المقاولات، وتقبل الشباب السعودي للعمل في شركات المقاولات التي تعتبر الموظِّف الأكبر في السعودية، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، مما ينعكس على توطين هذه الصناعة".

المساهمون