في كل حفل له، يختار عبد الكريم الشعّار عبارةً من أغنية للست، ويضعها عنواناً لأمسيته، فقبل "اللي شفته"، قدّم "اتنسى ويّا الصباح"؛ إذ أدّى حينها أغنية "لسّه فاكر".
عموماً، يبقى الشعّار مخلصاً لذلك الزمن الذهبي، بإصراره دائماً على تقديم تلك الأغاني التي لحّنها محمد عبد الوهاب وزكريا أحمد ورياض السنباطي ومحمد القصبجي، وغيرهم؛ إذ يرى نفسه في ذلك العصر.
ربّما هو الأمر كذلك؛ إذ يمتلك الشعّار صوتاً واسعاً وعريضاً، يجد مساحته في تلك الألحان التي تضع الصوت في تحدٍّ فريد. حتى إنه، في حفلاته، يصرّ أيضاً على القالب الكلاسيكي في تأدية تلك الأغاني؛ فلا يغادر التخت الشرقي، ولا يضيف آلات خارجة عنه، يبقى في الإيقاع والقانون والكمان؛ فنلاحظ أن حفله يتضمّن الآلات الآتية: محمد نحّاس (قانون) وطوني جدعون (كمنجة) وطارق الباشا (أكورديون) وفؤاد بو كامل (كونترباص) وأحمد الخطيب (رق).
يحاول الشعّار، عبر أدائه، أن يضيف تفاصيل أخرى على الألحان من خلال رؤيته إليها؛ إذ يقول في حديث له: "أرى في اللحن صوراً كثيرة، مشهداً جمالياً؛ فأحاول أن أصوّره كما لو أنّه بورتريه".
يدخل الشعّار في رهانٍ صعب، فهو يواظب على تقديم هذه الحفلات في "مترو المدينة" منذ قرابة الخمسة أعوام، إلا أنه، رغم ذلك، يجد أن الحضور جيد جداً، خصوصاً من فئة الشباب. يقول: "نلتقي جمهوراً بعمرٍ صغير، لكنهم يحفظون الأغنية. هناك شغف لهؤلاء الناس، يحبون أن يستمعوا إلى هذا المكان الجميل في الموسيقى". يضيف: "هناك من يجدون الطرب مملاً، لعلّهم يستمعون إليه بطريقة غريبة". ويرى أن أم كلثوم أقرب إلى "لاعبة، تستطيع أن تتحرّك في الملعب/ اللحن، جيئة وذهاباً كما تشاء، من دون أن ترتكب أي خطأ. لا أعتقد أن أحداً سواها قادر على ذلك".
ويبدو أن الشعّار يميل إلى الأعمال التي لحّنها كل من محمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي، لأم كلثوم. فهو يجد في الأول عبقرية موسيقية لا يمكن مقاومة ألحانها، ويميل أيضاً إلى القصبجي، الذي أدّى من ألحانه مؤخراً "رق الحبيب". ولعلّ القصبجي، خصوصاً، هو الأكثر قدرةً على إثارة مؤدٍّ، لأنه استطاع الظهور بأكثر من شخصية من خلال ألحانه لأم كلثوم. فتارةً يطل علينا بصفته الملحّن الكلاسيكي، في عملٍ متوقّع الجُمل؛ لكنه بديع وجمله تعبيرية واستعراضية لكلّ من إمكاناته والمساحة الصوتية للست، مثل مونولوجيّ "خلي الدموع" و"قلبك غدر بي".
وتارةً أخرى، يطلّ بوصفه الملحن الخفيف المُواكب للغناء الأقلّ دسماً في ذلك الوقت، مثل عمله في طقطوقة "ما تروّق دمك". وفي "يا بهجة العيد السعيد"، نتعرف إليه كصانع لأغاني الفرح القصيرة.
وفي أعمال أخرى، نجده موسيقياً تجريبياً، مثل "ليه تلاوعني"؛ إذ قدّم صوت أم كلثوم الحقيقي الناضج في قالب تجريبي بإيقاع مختلف عن السائد في ذلك الوقت.