مع ازدياد الأزمات التي يعاني منها المزارع وتجاهل الحكومة مطالبه، يتجه الاتحاد التونسي للفلاحة إلى وقف إمداد السوق بالمزروعات... هذا ما يؤكده رئيس الاتحاد، عبدالمجيد الزار، في حوار لـ"العربي الجديد"
وهذا نص المقابلة:
وهذا نص المقابلة:
1- كنتم قد وقعتم مع الاتحاد العام التونسي للشغل بروتوكولاً للدخول في مفاوضات اجتماعية، ما هي الخطوط العريضة لهذه المفاوضات؟
وقعنا في 12 مايو/أيار الماضي بروتوكولاً مع الاتحاد العام التونسي للشغل، يعتبر الأول في تاريخ تونس، يجمع بين اتحاد الشغل واتحاد الفلاحة من أجل الدخول في مفاوضات اجتماعية لحماية الفلاحين والعاملين في القطاع الفلاحي والصيد البحري. وستكون هذه المفاوضات مجالاً للدفاع عن حقوق الفلاحين، وعن مشاغلهم ومطالبهم النقابية. وخصوصاً دعم القطاع الذي ما زال يعامل من طرف الحكومات بنظرة دونية.
2- في كل مرة نقرأ عن اتفاقيات كثيرة وعديدة بين اتحاد الفلاحة وبعض الهياكل والمؤسسات الأخرى، لكن لا نرى تفعيلاً لهذه الاتفاقات، إذ تبقى، عملياً، مجرد حبر على ورق، ما السبب؟
في كل مرة نحن نعمل جاهدين على تطوير القطاع وتعزيزه باتفاقيات وطنية ودولية، ولكن تقف الإرادة السياسية ضد تحقيقها بفعل الوضع العام للبلاد، إضافة إلى التجاذبات السياسية التي تحاول تعكير صفو كل منظمة مستقلة في تونس.
3- كيف تقيّمون تجاوب الحكومة مع مطالب الفلاحين وتحركاتكم كاتحاد؟
الحكومة لا تتجاوب، أصلاً، مع مطالبنا، بل تتجاهلها وتحاول قمعها بتأخير تمرير بعض مشاريع القوانين وتعمد إلى عدم الاعتراف بالاتحاد وهياكله. وكلما طالبنا بأمر نرى الحكومة تصدنا بلامبالاتها.
4- كنتم قد رفضتم قرار وزارة التجارة القاضي بمنع عملية التخزين للمواد الفلاحية، فهل استجابت الوزارة لرفضكم وتفاعلت معه؟
كنا قد طالبنا وما زلنا نصر على رفض هذا القرار الجائر الذي لا يراعي أوضاع الفلاح، ولا يحتكم لخلفيات صحيحة ودراسات استراتيجية في عملية التخزين. فالأخيرة تمثل ضرورة لامتصاص فائض الإنتاج، حيث لا يمكن أن يكون العرض أكثر من الطلب، ويعتبر التخزين مرحلة عملية للمحافظة على توازن الأسعار. وهنا أسأل، إذا استمرت وزارة التجارة في التشبث بهذا القرار غير المدروس هل ستقبل إتلاف المحاصيل والمواد الفلاحية التي ستنهار أسعارها، ولن تجد من يشتريها لأن العرض أكبر من الطلب؟
اقرأ أيضا: وزير التجارة التونسي الأحول: نواجه تحديات كبرى أهمها الإرهاب وتهريب
5- الأكيد أنكم على علم بما يتم حجزه، يومياً، من أطنان المواد الزراعية والحيوانية الفاسدة والمخزنة... أليس هذا الموضوع نقطة سلبية في دفاعكم عن ضرورة التخزين؟
طبعاً نحن لا نشرّع بيع لحوم الحمير الفاسدة، وكذا الأمر بالنسبة إلى اللحوم البيضاء. ولا نشرّع التجارة بالمواد الفلاحية الفاسدة، ولكن هذا لا يعني أننا نلغي التخزين لمنع مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية وغير القانونية. فالأكيد أن عدداً من المخازن لا تتوافر فيه الشروط الأساسية، ولا تكون عملية التخزين فيه بطريقة علمية وصحية، ولكن منع التخزين لا يعني القضاء على هذه الممارسات، وإنما الأجدر بالوزارة تشديد مراقبة المخازن والإشراف على عمليات التخزين.
6- انطلق موسم الحصاد وهناك تشكيك من الفلاحين بتراجع مردودية الإنتاج، ماهي الأسباب وكيف ستكون تحركاتكم في هذا الاتجاه؟
طبعاً ما هو ثابت أن موسم القمح سيتراجع بنسبة هامة قد تتجاوز 40% هذه السنة، وذلك كما هو معروف للجميع، بسبب موجة الجفاف التي عرفتها تونس هذا العام. وكما عاينا الوضع في محافظتي جندوبة وباجة، فقد تراجع إنتاج الموسم بمعدل %40 وهو ما يجعلنا من جديد أمام مشكلة التعويضات للفلاحين، التي باتت تمثل مشكلة كبيرة للاتحاد، لا تحرك الحكومة لها ساكناً.
7- ماذا عن الصندوق الذي أقرته الحكومة لتعويض الفلاحين المتضررين بعوامل طبيعية وكوارث خارجة عن قدرتهم؟
صندوق التعويضات ولد ميتاً، ولم يفعّل، إلى حد الآن، هو مجرد قرار حكومي لم نر منه شيئاً، وإنما أقر لإسكات الفلاحين المتضررين، وإيهامهم بأن الحكومة تفكر بهم وتحمي مصالحهم. وفي الحقيقة هي لا تبالي بهذه الفئة، ولا يعنيها أن يتكبد مثلاً الفلاحون 8000 هكتار من الخسائر في أراضيهم بسبب الفيضانات، أو أن تتراجع محاصيلهم الزراعية بسبب الجفاف.
8- ماذا عن قانون إلغاء ديون صغار الفلاحين، هو، أيضاً، ولد ميتاً؟
هذا قانون ينطبق عليه مثلنا الشعبي: "رضينا بالهم والهم ما رضى بينا"، بمعنى أننا طالبنا منذ المجلس التأسيسي بإلغاء ديون صغار الفلاحين الموضوعة في ذمتهم، وهي بقيمة 10 آلاف دينار، حتى يستطيع الفلاح الصغير مواصلة عمله، وعدم هجر أرضه بفعل الديون المتراكمة، ومع ذلك رفض التأسيسي الطلب لأسباب لا نعلمها ووافق فقط على إلغاء الديون التي لا تتجاوز 5 آلاف دينار. وفعلياً، رضينا بهذا القرار كاتحاد فلاحة، ومع ذلك بقي القانون حبراً على ورق، بل التفّت كل من وزارة المالية ووزارة الفلاحة على القرار، وحالتا دون تفعيله إلى اليوم، وذلك بوضع شروط تعجيزية لحرمان صغار الفلاحين من هذا الامتياز المبتور.
9- يتهمك بعضهم بأنك نهضوي الانتماء السياسي، وأنه لديك ملفات فساد مالية وإدارية، وهناك 46 نائباً في مجلس الشعب وقعوا عريضة مساءلة ضدك، اتهموك بمحاولة تطويع الاتحاد لخدمة أجندات حزبية ضيقة، كيف ترد على هذه الاتهامات؟
لن أجيب عن هذا السؤال إلا بشيء واحد، وهو التقرير المالي والإداري الذي قامت به دائرة المحاسبات، ومحوره المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة، والذي لم تذكر فيه ولو إخلالاً واحداً أو مظهراً واحداً من مظاهر الفساد المالي والإداري...
وعن تهمة محاولتي تطويع الاتحاد لأغراض حزبية بوصفي أنتمي إلى حركة النهضة سياسياً، فهذا يمكن أن تثبته ثقة ما يعادل 350 عضواً منخرطاً في اتحاد الفلاحة، ومنحني ثقته في المؤتمر الماضي بانتخابي رئيساً. وبالتالي لو كان هذا صحيحاً لانتفض الفلاحون من حولي ليطالبوا بتنحيتي وفق ما يكفله لهم القانون الداخلي للاتحاد. ولمن يحاول استهداف الاتحاد أقول له، لن تجد من يسمعك، وأقول له، إننا خضعنا لتدقيق مالي لم تخضع له منظمات نقابية أخرى.
10- ولكن يوجد لجنة تصحيح للمسار، تعمل على سحب الثقة من مكتبكم التنفيذي بسبب قضايا فساد؟
ليس هناك حركة تصحيح مسار داخل الاتحاد، وما يحصل من خارجه هو محاولات لخلق الشَّرْذمة من بعض الذين يستهدفون وحدة الاتحاد، ويعمدون إلى تدجينه. تصحيح المسار لم يجد صدى لدى الفلاحين، بل كان بمثابة الحركة الهجينة التي تمخضت عن حراك هجين. وأقول لمن يعمل في هذا الموضوع: "تمخض الجبل فولد فأراً".
11- هل ستعيدون نشاط "سوق من المنتج إلى المستهلك"، الذي تعوّد الاتحاد إقامته خلال شهر رمضان؟
كلاّ، هذه السنة لن تكون هناك "سوق من المنتج إلى المستهلك"، لأن الفلاح يعاني من مشكلات عديدة، سواء المزارعين أو البحارة أو كل من يتعاطى نشاطاً فلاحياً، ومع ذلك تتجاهل الحكومة مطالبه ولا تراعي ما يكبده من مصاريف لإيصال المنتج إلى المستهلك بأرخص الأسعار، في حين تتغاضى عن المضاربين" القشارة" الوسطاء الذين امتصوا دم الفلاح والمستهلك على حدّ السواء.
12- هل ستساندون قرار غالبية الفلاحين بالمقاطعة، وعدم تزويد السوق المحلية بالمواد والمنتجات الفلاحية والبحرية؟
طبعاً سنساندهم في ذلك، وستكون هناك مقاطعة للسوق وعدم تزويدها بالمنتجات في شهر رمضان إذا أصر الفلاحون على هذا القرار. نحن هنا للدفاع عن الفلاحين ولا أحد غيرهم.
13- من أين تأتي مداخيل اتحادكم؟
طبعاً، جزء كبير منها من اشتراكات أعضاء الاتحاد من الفلاحين والبحارة، وجزء صغير منها من الحوافز والتشجيعات المالية التي توفرها الدولة لكل المنظمات الحكومية، وجزء من عائدات الأعراف في القطاع.
14- تقول بعض الإحصائيات أن قيمة مديونية القطاع الفلاحي للدولة تقدر بـ 5% فكيف تفسرون هذا؟
طبعاً هذه قيمة بسيطة جداً مقارنة بمديونية باقي القطاعات، كالخدمات والصناعة رغم أن قطاع الفلاحة يمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني وتونس دولة فلاحية بالأساس. علماً أنه إذا وصلنا إلى 5% من المديونية، فهذا يعني أننا لا نساهم في تخريب اقتصادنا، بل إن الفلاحة قطاع منظم ولا يكلف الدولة أعباء ومصاريف بقدر ما يوفر لها مداخيل وامتيازات.
15- ماهي نسبة مساهمة القطاع الفلاحي بالناتج الوطني الداخلي الخام؟ وماهي نسبة المساهمة من إجمالي الصادرات وسوق التشغيل؟
القطاع الفلاحي يوفر لتونس بين 10 و12% من الناتج القومي الخام. ويشارك بنسبة 12% من إجمالي الصادرات التونسية. وبالنسبة للتشغيل فإنه من أوسع القطاعات المشغلة للعمال والقادرة على استيعاب يد عاملة بالآلاف، حيث يشغل 16% من إجمالي اليد العاملة.
16- ألا تفكرون بإطلاق حوار وطني لإصلاح القطاع الفلاحي والنهوض به كغيره من القطاعات؟
طبعاً فكرنا بإطلاق حوار، وبدأنا التحضير له، وقمنا بإعداد مجموعة أوراق لنبحث بها من أجل إرساء حوار وطني، يتحمل فيه الجميع دون استثناء مسؤولية تخطيط مستقبل الاقتصاد الوطني، وتحمل تبعات أي قرار يمكن أن يؤخذ بشأنه حتى لا ترمى المسؤوليات جزافاً على أطراف دون أخرى.
17- هناك حديث عن إمكانية عرض أراض زراعية دولية للتفريط فيها في مزاد علني، كيف ستتعاملون مع هذا الموضوع؟
لا علم لنا بهذا الموضوع في الوقت الراهن، ولكن سبق وأن رفضنا الشروط الموضوعة للتفريط بأراضينا الفلاحية الدولية في 2013، والتي فوتت الدولة من خلالهم 33 أرضاً، وقد أصدرنا بياناً تنديدياً رافضاً لهذه العملية غير القانونية والتي يكتنفها اللبس والغموض. وبالتالي سنعمل هذه المرة على تعديل الشروط وتشديد الرقابة على مثل هذه الممارسات.
اقرأ أيضا: تونس الخضراء تعاني من العطش
الفلاحون والصيادون في مواجهة التهميش
يواجه الفلاحون والصيادون في تونس من تهميش متراكم من الحكومات المتعقابة، وذلك برغم تصنيف تونس كدولة زراعية. ونتيجة الإقصاء الاقتصادي، يتحرك الفلاحون ضمن اتحادهم للمطالبة بحقوقهم المكتسبة.
وقد استطاع الفلاحون من خلال الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، تحقيق عدد من المكاسب، ومنها الزيادة في أسعار الحليب والطماطم الفصلية المعدة للتحويل والحبوب، والتصدي لظاهرة التوريد العشوائي التي تستهدف ضرب منظومات الإنتاج. كما نظموا، وفق البيان الأخير للاتحاد، تحركات واسعة وآليات ضغط واحتجاج لإعادة النظر في مشروع مجلة الاستثمار ومراجعة الشروط المتعلقة بمعالجة الديون الأقل من خمسة آلاف دينار والإبقاء على قطاع الفلاحة والصيد البحري خارج حيز الأداء على القيمة المضافة وعدم إخضاعه إلى الخصم من المورد.
اقرأ أيضا: حسين العباسي: تونس تعيش بوادر ثورة ثانية
كما يعمل حالياً على تسوية الأوضاع العقارية وهيكلة الأراضي الدولية الفلاحية والتمويل والاستثمار ومسالك التوزيع والموارد العلفيّة والمياه، إضافة إلى مراجعة استراتيجيات الإنتاج وتجاوز صعوبات قطاع الصيد البحري وكذلك، يدعو الاتحاد للإسراع في تنظيم الحوار الوطني حول مراجعة السياسة الفلاحية والقيام بتشخيص واقع الفلاحة في تونس وإيجاد الحلول الجذرية لمشاكلها.
بطاقة
انتخب عبد المجيد الزار رئيساً للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في عام 2013، وذلك خلفاً للرئيس أحمد حنيدر جار الله. وكان الزار يشغل منصب نائب رئيس الاتحاد قبل وصوله إلى الرئاسة. والاتحاد التونسي للفلاحة هو اتحاد نقابي تونسي يمثل مصالح الفلاحين والصيادين، وقد تأسس عام 1949.
وقعنا في 12 مايو/أيار الماضي بروتوكولاً مع الاتحاد العام التونسي للشغل، يعتبر الأول في تاريخ تونس، يجمع بين اتحاد الشغل واتحاد الفلاحة من أجل الدخول في مفاوضات اجتماعية لحماية الفلاحين والعاملين في القطاع الفلاحي والصيد البحري. وستكون هذه المفاوضات مجالاً للدفاع عن حقوق الفلاحين، وعن مشاغلهم ومطالبهم النقابية. وخصوصاً دعم القطاع الذي ما زال يعامل من طرف الحكومات بنظرة دونية.
2- في كل مرة نقرأ عن اتفاقيات كثيرة وعديدة بين اتحاد الفلاحة وبعض الهياكل والمؤسسات الأخرى، لكن لا نرى تفعيلاً لهذه الاتفاقات، إذ تبقى، عملياً، مجرد حبر على ورق، ما السبب؟
في كل مرة نحن نعمل جاهدين على تطوير القطاع وتعزيزه باتفاقيات وطنية ودولية، ولكن تقف الإرادة السياسية ضد تحقيقها بفعل الوضع العام للبلاد، إضافة إلى التجاذبات السياسية التي تحاول تعكير صفو كل منظمة مستقلة في تونس.
3- كيف تقيّمون تجاوب الحكومة مع مطالب الفلاحين وتحركاتكم كاتحاد؟
الحكومة لا تتجاوب، أصلاً، مع مطالبنا، بل تتجاهلها وتحاول قمعها بتأخير تمرير بعض مشاريع القوانين وتعمد إلى عدم الاعتراف بالاتحاد وهياكله. وكلما طالبنا بأمر نرى الحكومة تصدنا بلامبالاتها.
4- كنتم قد رفضتم قرار وزارة التجارة القاضي بمنع عملية التخزين للمواد الفلاحية، فهل استجابت الوزارة لرفضكم وتفاعلت معه؟
كنا قد طالبنا وما زلنا نصر على رفض هذا القرار الجائر الذي لا يراعي أوضاع الفلاح، ولا يحتكم لخلفيات صحيحة ودراسات استراتيجية في عملية التخزين. فالأخيرة تمثل ضرورة لامتصاص فائض الإنتاج، حيث لا يمكن أن يكون العرض أكثر من الطلب، ويعتبر التخزين مرحلة عملية للمحافظة على توازن الأسعار. وهنا أسأل، إذا استمرت وزارة التجارة في التشبث بهذا القرار غير المدروس هل ستقبل إتلاف المحاصيل والمواد الفلاحية التي ستنهار أسعارها، ولن تجد من يشتريها لأن العرض أكبر من الطلب؟
اقرأ أيضا: وزير التجارة التونسي الأحول: نواجه تحديات كبرى أهمها الإرهاب وتهريب
5- الأكيد أنكم على علم بما يتم حجزه، يومياً، من أطنان المواد الزراعية والحيوانية الفاسدة والمخزنة... أليس هذا الموضوع نقطة سلبية في دفاعكم عن ضرورة التخزين؟
طبعاً نحن لا نشرّع بيع لحوم الحمير الفاسدة، وكذا الأمر بالنسبة إلى اللحوم البيضاء. ولا نشرّع التجارة بالمواد الفلاحية الفاسدة، ولكن هذا لا يعني أننا نلغي التخزين لمنع مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية وغير القانونية. فالأكيد أن عدداً من المخازن لا تتوافر فيه الشروط الأساسية، ولا تكون عملية التخزين فيه بطريقة علمية وصحية، ولكن منع التخزين لا يعني القضاء على هذه الممارسات، وإنما الأجدر بالوزارة تشديد مراقبة المخازن والإشراف على عمليات التخزين.
6- انطلق موسم الحصاد وهناك تشكيك من الفلاحين بتراجع مردودية الإنتاج، ماهي الأسباب وكيف ستكون تحركاتكم في هذا الاتجاه؟
طبعاً ما هو ثابت أن موسم القمح سيتراجع بنسبة هامة قد تتجاوز 40% هذه السنة، وذلك كما هو معروف للجميع، بسبب موجة الجفاف التي عرفتها تونس هذا العام. وكما عاينا الوضع في محافظتي جندوبة وباجة، فقد تراجع إنتاج الموسم بمعدل %40 وهو ما يجعلنا من جديد أمام مشكلة التعويضات للفلاحين، التي باتت تمثل مشكلة كبيرة للاتحاد، لا تحرك الحكومة لها ساكناً.
7- ماذا عن الصندوق الذي أقرته الحكومة لتعويض الفلاحين المتضررين بعوامل طبيعية وكوارث خارجة عن قدرتهم؟
صندوق التعويضات ولد ميتاً، ولم يفعّل، إلى حد الآن، هو مجرد قرار حكومي لم نر منه شيئاً، وإنما أقر لإسكات الفلاحين المتضررين، وإيهامهم بأن الحكومة تفكر بهم وتحمي مصالحهم. وفي الحقيقة هي لا تبالي بهذه الفئة، ولا يعنيها أن يتكبد مثلاً الفلاحون 8000 هكتار من الخسائر في أراضيهم بسبب الفيضانات، أو أن تتراجع محاصيلهم الزراعية بسبب الجفاف.
8- ماذا عن قانون إلغاء ديون صغار الفلاحين، هو، أيضاً، ولد ميتاً؟
هذا قانون ينطبق عليه مثلنا الشعبي: "رضينا بالهم والهم ما رضى بينا"، بمعنى أننا طالبنا منذ المجلس التأسيسي بإلغاء ديون صغار الفلاحين الموضوعة في ذمتهم، وهي بقيمة 10 آلاف دينار، حتى يستطيع الفلاح الصغير مواصلة عمله، وعدم هجر أرضه بفعل الديون المتراكمة، ومع ذلك رفض التأسيسي الطلب لأسباب لا نعلمها ووافق فقط على إلغاء الديون التي لا تتجاوز 5 آلاف دينار. وفعلياً، رضينا بهذا القرار كاتحاد فلاحة، ومع ذلك بقي القانون حبراً على ورق، بل التفّت كل من وزارة المالية ووزارة الفلاحة على القرار، وحالتا دون تفعيله إلى اليوم، وذلك بوضع شروط تعجيزية لحرمان صغار الفلاحين من هذا الامتياز المبتور.
9- يتهمك بعضهم بأنك نهضوي الانتماء السياسي، وأنه لديك ملفات فساد مالية وإدارية، وهناك 46 نائباً في مجلس الشعب وقعوا عريضة مساءلة ضدك، اتهموك بمحاولة تطويع الاتحاد لخدمة أجندات حزبية ضيقة، كيف ترد على هذه الاتهامات؟
لن أجيب عن هذا السؤال إلا بشيء واحد، وهو التقرير المالي والإداري الذي قامت به دائرة المحاسبات، ومحوره المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة، والذي لم تذكر فيه ولو إخلالاً واحداً أو مظهراً واحداً من مظاهر الفساد المالي والإداري...
وعن تهمة محاولتي تطويع الاتحاد لأغراض حزبية بوصفي أنتمي إلى حركة النهضة سياسياً، فهذا يمكن أن تثبته ثقة ما يعادل 350 عضواً منخرطاً في اتحاد الفلاحة، ومنحني ثقته في المؤتمر الماضي بانتخابي رئيساً. وبالتالي لو كان هذا صحيحاً لانتفض الفلاحون من حولي ليطالبوا بتنحيتي وفق ما يكفله لهم القانون الداخلي للاتحاد. ولمن يحاول استهداف الاتحاد أقول له، لن تجد من يسمعك، وأقول له، إننا خضعنا لتدقيق مالي لم تخضع له منظمات نقابية أخرى.
10- ولكن يوجد لجنة تصحيح للمسار، تعمل على سحب الثقة من مكتبكم التنفيذي بسبب قضايا فساد؟
ليس هناك حركة تصحيح مسار داخل الاتحاد، وما يحصل من خارجه هو محاولات لخلق الشَّرْذمة من بعض الذين يستهدفون وحدة الاتحاد، ويعمدون إلى تدجينه. تصحيح المسار لم يجد صدى لدى الفلاحين، بل كان بمثابة الحركة الهجينة التي تمخضت عن حراك هجين. وأقول لمن يعمل في هذا الموضوع: "تمخض الجبل فولد فأراً".
11- هل ستعيدون نشاط "سوق من المنتج إلى المستهلك"، الذي تعوّد الاتحاد إقامته خلال شهر رمضان؟
كلاّ، هذه السنة لن تكون هناك "سوق من المنتج إلى المستهلك"، لأن الفلاح يعاني من مشكلات عديدة، سواء المزارعين أو البحارة أو كل من يتعاطى نشاطاً فلاحياً، ومع ذلك تتجاهل الحكومة مطالبه ولا تراعي ما يكبده من مصاريف لإيصال المنتج إلى المستهلك بأرخص الأسعار، في حين تتغاضى عن المضاربين" القشارة" الوسطاء الذين امتصوا دم الفلاح والمستهلك على حدّ السواء.
12- هل ستساندون قرار غالبية الفلاحين بالمقاطعة، وعدم تزويد السوق المحلية بالمواد والمنتجات الفلاحية والبحرية؟
طبعاً سنساندهم في ذلك، وستكون هناك مقاطعة للسوق وعدم تزويدها بالمنتجات في شهر رمضان إذا أصر الفلاحون على هذا القرار. نحن هنا للدفاع عن الفلاحين ولا أحد غيرهم.
13- من أين تأتي مداخيل اتحادكم؟
طبعاً، جزء كبير منها من اشتراكات أعضاء الاتحاد من الفلاحين والبحارة، وجزء صغير منها من الحوافز والتشجيعات المالية التي توفرها الدولة لكل المنظمات الحكومية، وجزء من عائدات الأعراف في القطاع.
14- تقول بعض الإحصائيات أن قيمة مديونية القطاع الفلاحي للدولة تقدر بـ 5% فكيف تفسرون هذا؟
طبعاً هذه قيمة بسيطة جداً مقارنة بمديونية باقي القطاعات، كالخدمات والصناعة رغم أن قطاع الفلاحة يمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني وتونس دولة فلاحية بالأساس. علماً أنه إذا وصلنا إلى 5% من المديونية، فهذا يعني أننا لا نساهم في تخريب اقتصادنا، بل إن الفلاحة قطاع منظم ولا يكلف الدولة أعباء ومصاريف بقدر ما يوفر لها مداخيل وامتيازات.
15- ماهي نسبة مساهمة القطاع الفلاحي بالناتج الوطني الداخلي الخام؟ وماهي نسبة المساهمة من إجمالي الصادرات وسوق التشغيل؟
القطاع الفلاحي يوفر لتونس بين 10 و12% من الناتج القومي الخام. ويشارك بنسبة 12% من إجمالي الصادرات التونسية. وبالنسبة للتشغيل فإنه من أوسع القطاعات المشغلة للعمال والقادرة على استيعاب يد عاملة بالآلاف، حيث يشغل 16% من إجمالي اليد العاملة.
16- ألا تفكرون بإطلاق حوار وطني لإصلاح القطاع الفلاحي والنهوض به كغيره من القطاعات؟
طبعاً فكرنا بإطلاق حوار، وبدأنا التحضير له، وقمنا بإعداد مجموعة أوراق لنبحث بها من أجل إرساء حوار وطني، يتحمل فيه الجميع دون استثناء مسؤولية تخطيط مستقبل الاقتصاد الوطني، وتحمل تبعات أي قرار يمكن أن يؤخذ بشأنه حتى لا ترمى المسؤوليات جزافاً على أطراف دون أخرى.
17- هناك حديث عن إمكانية عرض أراض زراعية دولية للتفريط فيها في مزاد علني، كيف ستتعاملون مع هذا الموضوع؟
لا علم لنا بهذا الموضوع في الوقت الراهن، ولكن سبق وأن رفضنا الشروط الموضوعة للتفريط بأراضينا الفلاحية الدولية في 2013، والتي فوتت الدولة من خلالهم 33 أرضاً، وقد أصدرنا بياناً تنديدياً رافضاً لهذه العملية غير القانونية والتي يكتنفها اللبس والغموض. وبالتالي سنعمل هذه المرة على تعديل الشروط وتشديد الرقابة على مثل هذه الممارسات.
اقرأ أيضا: تونس الخضراء تعاني من العطش
الفلاحون والصيادون في مواجهة التهميش
يواجه الفلاحون والصيادون في تونس من تهميش متراكم من الحكومات المتعقابة، وذلك برغم تصنيف تونس كدولة زراعية. ونتيجة الإقصاء الاقتصادي، يتحرك الفلاحون ضمن اتحادهم للمطالبة بحقوقهم المكتسبة.
وقد استطاع الفلاحون من خلال الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، تحقيق عدد من المكاسب، ومنها الزيادة في أسعار الحليب والطماطم الفصلية المعدة للتحويل والحبوب، والتصدي لظاهرة التوريد العشوائي التي تستهدف ضرب منظومات الإنتاج. كما نظموا، وفق البيان الأخير للاتحاد، تحركات واسعة وآليات ضغط واحتجاج لإعادة النظر في مشروع مجلة الاستثمار ومراجعة الشروط المتعلقة بمعالجة الديون الأقل من خمسة آلاف دينار والإبقاء على قطاع الفلاحة والصيد البحري خارج حيز الأداء على القيمة المضافة وعدم إخضاعه إلى الخصم من المورد.
اقرأ أيضا: حسين العباسي: تونس تعيش بوادر ثورة ثانية
كما يعمل حالياً على تسوية الأوضاع العقارية وهيكلة الأراضي الدولية الفلاحية والتمويل والاستثمار ومسالك التوزيع والموارد العلفيّة والمياه، إضافة إلى مراجعة استراتيجيات الإنتاج وتجاوز صعوبات قطاع الصيد البحري وكذلك، يدعو الاتحاد للإسراع في تنظيم الحوار الوطني حول مراجعة السياسة الفلاحية والقيام بتشخيص واقع الفلاحة في تونس وإيجاد الحلول الجذرية لمشاكلها.
بطاقة
انتخب عبد المجيد الزار رئيساً للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في عام 2013، وذلك خلفاً للرئيس أحمد حنيدر جار الله. وكان الزار يشغل منصب نائب رئيس الاتحاد قبل وصوله إلى الرئاسة. والاتحاد التونسي للفلاحة هو اتحاد نقابي تونسي يمثل مصالح الفلاحين والصيادين، وقد تأسس عام 1949.