في أغسطس/آب 2016، أعلن صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق، تقترض بموجبه مصر، نحو 12 مليار دولار، على مدار ثلاثة أعوام. ووضعت بعثة صندوق النقد عدة شروط أمام الحكومة المصرية، وبعد مرور عام على الاتفاق، ما الذي حققته الحكومة المصرية؟
وفي بيان أصدرته بعثة الصندوق بالقاهرة حينها، قالت إن البرنامج يهدف إلى تحسين عمل أسواق النقد الأجنبي، وتخفيض عجز الميزانية والديون، وزيادة معدل النمو، كما يتضمن تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفقراء ومحدودي الدخل. واليوم، وبعد مضي عام على اتفاق صندوق النقد، هل حقق البرنامج أهدافه؟
هل نفذت الشروط؟
وفق المسؤولين، فإن الحكومة نفذت نحو 85% من الشروط الموضوعة. وقال مسؤول في وزارة المالية المصرية لـ"العربي الجديد"، إن حكومة بلاده نفذت قرابة 85% من التزاماتها أمام صندوق النقد الدولي، والتي تتضمن حزمة إجراءات تقشفية تستهدف تقليص عجز الموازنة.
وتنفّذ حكومة مصر برامج اقتصادية بموجب اتفاق مع صندوق النقد شملت زيادة أسعار الطاقة والدواء وتحرير سعر الصرف وإقرار قوانين جديدة للاستثمار وتعديلات على قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة.
ورفعت مصر أسعار المشتقات البترولية والكهرباء والغاز ومياه الشرب، الشهر الماضي.
وبحسب الخبراء، فإن الخطط الحكومية، وإجراءات التقشف زادت من معاناة المواطنين، حيث ارتفعت أسعار التضخم، مسجلة أعلى مستوى لها منذ عام 1942، كما أدخلت البلاد في نفق مظلم من الديون الخارجية.
في هذا التقرير، نرصد أهم الأحداث الاقتصادية وانعكاساتها على المصريين.
تحرير الصرف
خلال عام من إعلان صندوق النقد الدولي استعداده لإقراض مصر، أقدمت السلطات على تحرير سعر صرف الجنيه ورفعت أسعار المواد البترولية والكهرباء مرتين، ومياه الشرب والصرف الصحي.
وتقول الحكومة المصرية، إنها تنفذ برنامجاً للإصلاح الاقتصادي الشامل، يضع البلاد على الطريق السليم ويجعل الاقتصاد ينمو بكامل طاقته الكامنة، لتوليد فرص عمل حقيقية ومنتجة.
وتدافع الحكومة عن نهجها بارتفاع الاحتياطي من نحو 16.564 مليار دولار في نهاية أغسطس/آب 2016 ليتجاوز حاجز 36 مليار دولار في نهاية يوليو/تموز 2017.
إلا أن صعود احتياطي النقد الأجنبي، مردُّه في الأساس إلى زيادة وتيرة الاقتراض الخارجي، من صندوق النقد والبنك الدولي والأفريقي للتنمية.
وتضيف الحكومة أن العجز الكلي للموازنة سجل 10.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الماضي 2016/2017 مقابل 12.5% في العام المالي السابق له.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقاً لقانون الموازنة العامة.
ديون خارجية
أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع رصيد الدين الخارجي للبلاد، بكافة آجاله، بنحو 18.1 مليار دولار، بمعدل 32.5%، خلال الفترة من يوليو/تموز 2016 إلى مارس/آذار 2017، ليصل إلى نحو 73.9 مليار دولار.
كما أفاد البنك المركزي، بأن إجمالي الدين العام المحلي بلغ نحو 3.07 تريليونات جنيه بنهاية مارس/ آذار الماضي، منها نسبة 86.2% مستحقة على الحكومة، و5.9% على الهيئات العامة الاقتصادية، و7.9% على بنك الاستثمار القومي، لافتاً إلى أن صافي رصيد الدين المحلي المستحق على الحكومة بلغ نحو 2.648 تريليون جنيه، بزيادة قدرها 363.1 مليار جنيه خلال الفترة السابقة.
التضخم
قفزت معدلات التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في مصر إلى 34.2% في يوليو/تموز الماضي، بحسب الأرقام الرسمية، لتسجل أعلى معدل منذ عام 1942، وفق حسابات "العربي الجديد".
وكان التضخم بدأ موجة صعود حادة عندما تخلّت مصر، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن ربط سعر صرف الجنيه بالدولار، ورفعت حينها أسعار الفائدة 300 نقطة أساس، بجانب زيادة أسعار المحروقات.
ارتفاع الأسعار
يشكو ملايين المصريين من أنهم قد لا يجدون قوت يومهم بعد زيادة أسعار الوقود للمرة الثانية خلال ثمانية أشهر بنسبة تصل إلى 50%، في يونيو/حزيران الماضي. وارتفعت أسعار الدواء للمرة الثانية في مايو/أيار، وأسعار تذاكر قطارات مترو الأنفاق الذي يستخدمه ملايين المصريين، في مارس/آذار بنسبة 100%.
إضافة إلى رفع سعر تذكرة الباصات العامة مؤخراً، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 14% في يوليو/تموز الماضي، وخفض الدعم على المواد الاستهلاكية الأساسية ومنها الخبز.
وزادت أسعار الكهرباء للمنازل بين 18.2 و42.1%، وللاستخدام التجاري بين 29 و46% بداية من أول أغسطس/آب. ورفعت الحكومة أسعار السكر والأرز في منظومة السلع التموينية بنحو 33% والزيت بنسبة 40%.
وفي منتصف الشهر الماضي رفعت الشركة الشرقية إيسترن كومباني (الشرقية للدخان) المصرية التي تحتكر صناعة السجائر في البلاد، أسعار ثلاثة أصناف من السجائر بنسبة تتراوح بين 4 و17.6% مع ارتفاع تكلفة الإنتاج جراء هبوط سعر صرف الجنيه.
وضع صعب
ويرى المحلل الاقتصادي فوزي النبراوي أن الاقتصاد المصري حالياً "في وضع صعب ويعاني من انخفاض معدل النمو الاقتصادي، وارتفاع معدل التضخم والبطالة وحجم الدين العام الخارجي والداخلي".
ويرى النبراوي في حديثه مع "الأناضول"، أن اقتراض مصر من الصندوق كان "ضرورياً"، لتوفير العملة الصعبة لكونها تعتمد على الاستيراد في توفير جزء كبير من احتياجاتها، في حين تعاني من انخفاض الإنتاج وانخفاض رصيد العملات الأجنبية.
ودعا السلطات المصرية "إلى استغلال القرض، في مشروعات إنتاجية لتوفير القدرة المستقبلية على سداده، وإلا يصبح بمثابة عبء إضافي على الأجيال القادمة".
لكن أحمد كجوك، نائب وزير المالية المصري قال في تصريحات صحافية، أن حصيلة الاقتراض من الصندوق تُوجَّه لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة.