عامان على استفتاء انفصال كردستان العراق: لغم قابل للانفجار

30 اغسطس 2019
جمّدت نتائج استفتاء الانفصال (Getty)
+ الخط -

بعد مرور عامين على استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق، في سبتمبر/أيلول 2017، والذي أصدرت المحكمة الاتحادية المركزية في بغداد قراراً ببطلان نتائجه، لا يزال الكرد متمسكين بمخرجات الاستفتاء، ولم يصدر من أية جهة رسمية (حكومة وبرلمان الإقليم) أي قرار بإلغاء نتائج الاستفتاء وبطلانه، بل تجميده فقط، ويؤكد سياسيون كرد أن لا أحد يجرؤ على إلغاء هذه النتائج التي قد تتم المطالبة بتفعيلها في المستقبل.

وأكد النائب السابق والقيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، ماجد شنكالي، لـ"العربي الجديد"، أن "الممارسة (الاستفتاء) لا يمكن إلغاؤها من قبل أي شخص"، قائلاً إنها "تمثل رغبات لمواطنين خرجوا وأدلوا بآرائهم".

وقال أيضاً "لا أعتقد أن أي مسؤول سياسي في إقليم كردستان يستطيع القول إن الاستفتاء تم إلغاؤه، لأنه حينذاك سيعد هذا الشخص متنصلاً عن الدفاع عن 93 بالمائة من سكان الإقليم صوتوا للاستفتاء"، معتبراً أن "حالة من اليأس ستصيب هؤلاء إذا تم التخلي عن مطالبهم".

وأوضح في المقابل أن "تطبيق هذه النتيجة وتفعيلها يتوقف على الظروف، فالنتائج قد تكون مجمدة، وقد يتم تفعيلها بعد فترة طويلة"، مبيناً أن "هذا الأمر ليس بيد المواطنين بل بيد القيادات".

وشدّد، في السياق، على ضرورة "حل أي مسألة سواء كانت الاستفتاء أم غير ذلك، بالاتفاق مع بغداد، لأن الكل يعلم أن إقليم كردستان هو جزء من العراق، ولن يقدم على شيء إلا بالاتفاق مع العراق"، مؤكداً "أن تفعيل نتائج الاستفتاء يعود إلى توازنات داخلية وإقليمية ودولية".

وأشار إلى أن "أيا من الكرد لم يقدم ضمانات إلى حكومة بغداد بعدم تطبيق نتائج الاستفتاء في المستقبل"، مستدركاً "إلا أن الوضع الحالي يشير إلى أن الإقليم جزء من العراق ولا يزال مشاركاً به".

واستطرد القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، قائلاً "إن الدستور كان واضحاً، بأن الكرد دخلوا في عراق فدرالي حر موحد يطبق الدستور، لكن لحد الآن لم يتم تطبيق الدستور فيما يتعلق بالفدرالية، إذ لم يشرع قانون مجلس الاتحاد، لذلك على الحكومة الاتحادية السعي لتطبيق فدرالية واقعية لثني الكرد عن المطالبة بتفعيل نتائج الاستفتاء في المستقبل".

في المقابل، يرى عضو البرلمان العراقي عن تيار "الحكمة"، حسن فدعم، أن الاستفتاء "كان خطأ كبيراً ارتكبته إدارة إقليم كردستان"، معتبراً أن "غالبية الجهات السياسية الكردية لم تكن موافقة على هذه الخطوة".

وأضاف فدعم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عدم التصريح بعدم الموافقة كان بسبب الضغوط الشعبية داخل الإقليم وخشية من الجماهير هناك"، موضحاً أن "عدم الحديث عن ذلك بشكل واضح يعود لسببين، الخوف من ردود الأفعال داخل كردستان، فضلاً عن كونه محاولة لحفظ ماء وجه رئاسة الإقليم".

أمّا على المستوى الرسمي، فبحسب عضو البرلمان، كانت هناك إشارات من قبل حكومة الإقليم بأن نتائج الاستفتاء أصبحت باطلة خاصة بعد فتوى المحكمة الاتحادية القانونية في هذا الصدد، مذكراً بأن "الحكومة في بغداد كانت قد اشترطت إلغاء نتائج الاستفتاء مع كل الإجراءات المترتبة عليه".

وفي السياق، قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد، علي العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن نتائج أي استفتاء لا يمكن أن تلغى من خلال التصريحات والوعود، بل إنها يجب أن تلغى باستفتاء جديد، لافتاً إلى أن "الصمت عن مثل هذه القضية الخطيرة يمثل تأجيلاً للأزمة بدلاً من وضع حلول مناسبة لها".

واعتبر أن "سلطات إقليم كردستان ستحتفظ بورقة الاستفتاء لتستنفر بها سكان الإقليم في الوقت الذي تريد"، مشيراً إلى أن "أيا من مسؤولي إقليم كردستان لم يخرج ليؤكد أن نتائج الاستفتاء باطلة".

وأكد أنّ "الاستفتاء يمثل لغماً قابلا للانفجار في أية لحظة لا سيما أنه شمل مناطق متنازعا عليها بين بغداد وأربيل"، معتبراً أن "تطبيق مخرجاته حتى وإن كان على المدى البعيد يعني منح إقليم كردستان فرصة ذهبية للانفصال وضم مناطق أخرى من خارج الإقليم".

وفي الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول 2017 أجرى إقليم كردستان استفتاء الانفصال دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد، قبل أن تصدر المحكمة الاتحادية قراراً قضى بعدم دستوريته، وعلى الرغم من ذلك تمسكت سلطات كردستان بنتائج الاستفتاء، ورفضت إلغاءه، ما تسبب بأزمة مع رئيس الوزراء في حينها حيدر العبادي.

المساهمون