عاصفة قاتلة في سورية

عبد الله البشير

avata
عبد الله البشير
27 أكتوبر 2018
0E13084D-11F2-4539-891F-234DB0D7223A
+ الخط -
تسببت العاصفة المطرية والرياح القوية التي ضربت مدناً ومناطق سورية عدة، يوم الخميس، بوفاة امرأة ورجل في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، مع إصابة أكثر من 15 شخصاً آخرين. تزامنت العاصفة مع عاصفة أخرى غبارية تعد الأقوى من نوعها التي تضرب مخيم الركبان في المنطقة منزوعة السلاح قرب الحدود السورية - الأردنية، متسببة بأكثر من 100 حالة اختناق لنازحين ضمن المخيم، فيما قتل ستة آخرون في الشمال السوري، أثناء محاولتهم عبور الحدود السورية - التركية بعدما جرفتهم السيول.

يقول الناشط عمار الحسن، لـ"العربي الجديد": "لا منازل في الغوطة الشرقية كلها صالحة للسكن، إذ تعرضت للأضرار جراء القصف والدمار على مدار الأعوام السبعة الماضية، فما لم يسقط منها متصدّع، ومن الطبيعي جداً من جراء عاصفة كهذه أن تنهار جدران وأسقف بعض المنازل التي اضطر أهلها للبقاء فيها من دون ترميم، كون من بقي ليست لديه قدرة في الأصل على ترميم أو إجراء صيانة عادية لمنزله". يضيف الحسن: "في بعض المناطق، مثل المرج، سوّيت البيوت بالأرض واضطر الأهالي للعيش في خيم بديلة، إما فوق ركام منازلهم أو قربها، وليس في مقدور أفضل الخيم تحمل العاصفة التي ضربت المنطقة، خصوصاً أنّها ترافقت مع أمطار غزيرة، ولم يكن الأهالي مهيئين لهذا النوع من الظروف الجوية القاسية التي تعتبر غريبة في هذا الوقت من العام".




يضيف الحسن أنّها المرة الأولى في الغوطة الشرقية التي تحدث فيها وفيات من جراء عاصفة مطرية من هذا النوع. يتابع أنّ المنازل متضررة والخدمات معدومة والناس يعيشون حالة من الفقر لا يقوون معها على ترميم أو إجراء صيانة للمنازل.

ابن حي ركن الدين، صالح أبو زكوان، يقول لـ"العربي الجديد": "سيول مرعبة اجتاحت الحي لم أرَ مثيلاً لها في السابق. تحولت الشوارع إلى أنهار حقيقية، جرفت كلّ ما أتى في طريقها من سيارات أو مارة، وأصيب العديد من الناس بها، إذ سقطت سيدة وجرفتها مياه السيل، ومن حسن حظها أنّ شخصاً كان إلى جانب الطريق التقطها، لكنّها أصيبت بكسر في الساق". يتابع: "المدينة غير مجهزة مطلقاً للتعامل مع هذه الأمطار، كما أنّ الكثير من المناطق أغلقت قوات النظام فتحات الصرف الصحي فيها منذ عام 2013، خوفاً من تسلل مقاتلي المعارضة عبرها باتجاه أحياء دمشق أو المواقع الأمنية". وعن المنازل والأضرار التي تعرضت لها يؤكد أبو زكوان أنّ أقبية الأبنية والمنازل الأرضية غمرت بالمياه، ولجأ أهلها إلى منازل جيرانهم أو أقارب في الطوابق العليا أو في مناطق أخرى، ولا يعيش هؤلاء خوفاً راهناً فقط، بل يخشون عواصف مماثلة قد تضرب المدينة، خصوصاً أنّ فصل الشتاء لم يبدأ بعد، ومؤسسات النظام لا تكترث مطلقاً لهذه المشاكل، وتترك الأهالي يواجهون مصيرهم وحدهم".

في مخيم الركبان، قلبت العاصفة الغبارية النهار إلى ليل، بحسب الناشط في تنسيقية مدينة تدمر، علي الخالدي. يقول لـ"العربي الجديد": "غبار ورياح عاتية ضرب المخيم مقتلعة خيماً داخله، مدمرة بيوتاً طينية فيه، ونحمد الله أنّ بعضاً من الأهالي نجوا من انهيار البيوت الطينية فوق رؤوسهم. أكثر من تضرر هم الأطفال، إذ أصيب عشرات منهم بحالات اختناق، بسبب كثافة الغبار الذي حملته الرياح". يسأل الخالدي: "كيف ستحمي هذه البيوت الطينية والخيم الناس من الغبار والرياح؟ كنا في مدينة تدمر عندما تضرب العواصف الغبارية المدينة نغلق بيوتنا بشكل تام ولا نسلم من الأتربة والغبار، فما بالك بمن يعيش في خيمة ممزقة تملؤها الثقوب؟ أما البيوت الطينية فخطر الانهيار فيها كبير. وقد ناشدنا المنظمات الدولية لإعانتنا وإخراجنا من الواقع المأساوي الذي نعيش فيه، لكنّ مناشداتنا غير مسموعة بعد".

يصف مالك عمار أنّه استيقظ على وقع العاصفة في مدينة الباب، في ريف حلب، حيث انهار جدار متسبباً بإصابة امرأة بكسور، وكان البيت الذي تقيم فيه متضرراً بشدة، جراء المعارك التي حدثت في المدينة خلال طرد تنظيم "داعش" منها، والناس في المدينة أصيبوا بحالة هلع كون العاصفة غير مألوفة، وقوية جداً، واقتلعت عدداً من أسقف المنازل المغطاة بالصفيح.




تسببت العاصفة المطرية أيضاً بسيول ضربت مخيمات النازحين في مخيمات عفرين وريف حلب الشمالي وريف إدلب، إذ أدت إلى اقتلاع خيم وتدمير منازل مبنية فيها بطرق قديمة، مع تخوف من تكرار السيناريو في غياب فرق متخصصة للتعامل مع هذه الحوادث، لا سيما أنّ المخيمات العشوائية هناك بعيدة عن نقاط فرق الدفاع المدني.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
يُقلق موسم الأمطار والشتاء سكان مخيمات شمال غربي سورية (العربي الجديد)

مجتمع

غرقت وتضررت خيام كثيرة للاجئين في السنوات الأخيرة بفعل العواصف والأمطار والسيول خلال الشتاء في الشمال السوري لكنهم لا يزالون داخلها، وتتهددهم مآسٍ جديدة
المساهمون