ظاهرة تدمير الجسور في العراق: هجمات إرهابية بنكهة سياسية

03 ابريل 2014
الجيش: لا مصلحة لنا بالتدمير (جو ريدلي، Getty)
+ الخط -

ترتفع الأصوات العراقية المطالبة بالكشف عمّا أسفرت عنه التحقيقات الحكومية حول الجهات التي تقف خلف عملية التدمير الممنهج للجسور الاستراتيجية في محافظة الأنبار، غربي العراق، خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وقوبل توجيه بعض المسؤولين الحكوميين لأصابع الاتهام إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، باتهامات مضادة من شخصيات سياسية وعشائرية في الأنبار، تفيد بوقوف الجيش خلف بعض تلك التفجيرات، لمحاصرة المسلحين ومنع تمددهم باتجاه العاصمة بغداد.

وبلغ عدد الجسور المدمرة 23 جسراً في الأنبار، بحسب معاون مدير هيئة الطرق والجسور بالمحافظة، خليل أحمد، وذلك من أصل 62 جسراً، في عموم المنطقة الغربية، والتي تنقسم إلى جسور مشيدة على نهر الفرات، وأخرى على أودية عميقة تربط العراق بكل من الأردن وسوريا والسعودية.

وتبلغ قيمة تلك الجسور المدمرة وفقاً لأحمد نحو 800 مليار دينار عراقي، معظمها شيّدتها شركات أسترالية ونمساوية في الثمانينيات من القرن الماضي، وتعتبر أكثر المنشآت التي في القسم الغربي من العراق الأهم لكونها الممر الرئيس للبضائع الآتية من البحر الأحمر عبر الأردن، أو تلك المصدرة من العراق إلى كل من الأردن وسوريا. وأوضح الأحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تلك "الهجمات تسببت بقطع الطرق الرابطة مع سوريا بشكل كامل".

إلى ذلك، قال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، فالح العيساوي، إن الهجمات التي استهدفت الجسور حصلت عبر سيارات مفخخة، وشحنات متفجرة، ربطت حول دعامات الجسور، ما تسبب بانهيارها بشكل كامل أو جزئي. ويضيف العيساوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "تلك الجسور لن يُعاد بناؤها بسهولة، وتقف خلف عمليات استهدافها جماعات إرهابية".

في المقابل، لم تتبنّ أي جهة مسلحة، حتى الآن، أي تفجير استهدف تلك الجسور، وذلك وسط اتهامات متبادلة بين المجلس العسكري لثوار الأنبار والجيش، بالوقوف وراء استهداف الجسور لأسباب سياسية وأمنية.

من جهته، يقول رئيس مجلس ثوار العشائر في محافظة الأنبار، علي الحاتم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الجيش العراقي دمر بعض الجسور خوفاً من تمدد الثورة إلى باقي مدن العراق من الأنبار، أو من تقدم المسلحين إلى بغداد، عبر الأنبار، من خلال مدينة أبو غريب، في محاولة لعزل الثورة المسلحة ضد رئيس الحكومة، نوري المالكي.

في المقابل، ينفي المتحدث باسم قوات الجيش في الأنبار، المقدم نجم الدليمي، قيام الجيش بتدمير جسور، معتبراً أن هذا الاتهام "مدعاة للسخرية". ويقول الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إن "الجسور دمرها الإرهابيون التابعون لـ"القاعدة"، فضلاً عن تورط واضح لمسلحي العشائر، ولا مصلحة لنا بنسف أي جسر"، موضحاً أن "جميع تلك الجسور تستخدم من قبل قوافلنا، وأرتالنا العسكرية، وهو سبب كاف ووجيه لتدميرها من قبل المسلحين".

وفي السياق، يعترف أحد قادة الفصائل المسلحة في الأنبار بالمسؤولية عن تفجير جسور حيوية تستخدمها الحكومة لنقل مساعدات آتية من إيران إلى النظام السوري.

ويقول أبو وضاح الجميلي، وهو أحد قادة فصائل العشائر المسلحة، لـ"العربي الجديد"، "نحن نتحدث عن ثلاثة جسور أو أربعة، تربط العراق مع سوريا، تم تدميرها لمنع وصول أي إمدادات عسكرية لنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، مقدمة من إيران أو المالكي، وكذلك منعاً لعبور المقاتلين"، ويضيف "لكن باقي الجسور لا علم لنا بمن يقف خلفها والشبهات تدور حول قوات الحكومة".

ويصف الخبير في شؤون تنظيم "القاعدة"، فؤاد علي، مرحلة تدمير الجسور بأنها "هجمات إرهابية بنكهة سياسية". ويقول علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن اتهام قوات الجيش بتدمير تلك الجسور غير منطقي، كون الجيش هو المتضرر الأكبر من عملية التدمير، ويمكنه بسهولة قطع الجسور، ووضع قطعات عسكرية قربها، لمنع تسلل المسلحين. ويضيف "لكن داعش وجد في تدمير الجسور فرصة لقطع إمدادات الجيش الآتية من المحافظات الأخرى، وسبيلاً وحيداً لقطع الطريق البري بين العراق وسوريا، وخير دليل على ذلك، هو أن الجسور مع الأردن، والبالغ عددها 11 جسراً، لم تتعرض للتدمير على عكس الجسور المؤدية إلى سوريا، والتي دمرت كلياً".

المساهمون