طواحين الإسكندرية... شواهد مهملة على حُقبة تاريخية

29 نوفمبر 2015
طواحين الهواء في الإسكندرية تنتظر الترميم
+ الخط -


رغم أهميتها وتفردها في تذكير الأجيال المصرية المقبلة بتاريخ وحضارة الآباء والأجداد، إلا أن الحكومات المصرية المتعاقبة والجهات المعنية أهملتها، بحيث لم يتبق منها سوى طاحونَتَي هواء المنتزه والمندرة بشرق المدينة.

وطالب خبراء أثريون بوضع طاحونة المنتزه ضمن المزارات السياحية، وذلك بعد ترميمها من أجل توثيق تلك الفترة الزمنية من التاريخ، خاصة أنها في حال جيدة جدا والمبنى متماسك بسبب عدم استخدامها في أعمال الطحن.

ويعود تاريخ بناء طواحين الهواء بمصر إلى عهد محمد علي باشا (1805 - 1848)، كما يقول مستشار المجلس العالي للآثار، والمشرف العام على آثار ومتاحف المحافظة الأسبق الأثري، أحمد عبد الفتاح، حيث كان الشعب المصري يعاني مشقة طحن الغلال ويتكبد مصاريف باهظة في الطحن بطواحين الدواب، فأصدر محمد علي باشا أمره سنة 1249هـ /1832م بإنشاء طواحين تعمل بطاقة الرياح لتغطي احتياجات الجيش والشعب من الدقيق اللازم، في عدد من المدن وهي القاهرة والإسكندرية ورشيد وإدكو ودمياط.

وأشار عبد الفتاح إلى أن الإسكندرية كان لها نصيب كبير في المطاحن، التي أنشئت بمناطق المندرة والقباري والمكس، والتي ظلت تؤدي دورها حتى تطور العصر ودخول الميكنة الحديثة وإنشاء طواحين حديثة يطلق عليها التوربينات أو مولدات الرياح، واندثرت على أثرها الطواحين القديمة.

وطالب الخبير الأثري باهتمامٍ أكبر بهذا المَعْلم التاريخي، الذي يمثل إرثا للإنسانية جمعاء قبل فوات الأوان وعدم تركها ليد الإهمال، خاصة طاحونة هواء المنتزه، والتي تقع على يمين المدخل الرئيسي بحدائق قصر المنتزه، شرق المدينة، هي الأبرز بين الطواحين الموجودة حاليا بعد أن فقدت طاحونة المندرة آلة الطحن والمراوح الخارجية وقد تم تسجيلهما كأثر، ويخضعان لقانون حماية الآثار.

وحذر نقيب المرشدين السياحيين في الإسكندرية، الدكتور إسلام عاصم، من انهيار الطواحين خلال نوات الشتاء، التي تشهدها المدينة، وهو ما سيشكل خسارة فادحة للتراث الوطني والإنساني، الذي يحكي حقبة مهمة من تاريخ مصر، منتقدا في الوقت نفسه تقاعس المسؤولين عن حمايتها.

كما طالبت الناشطة في حملة "أنقذوا تراث الإسكندرية"، عفاف محمود، السلطات المختصة، بفتح ملف الإهمال في كافة المواقع الأثرية، بما يليق بتاريخ مصر وآثارها. بدوره، أكد مدير إدارة الآثار الإسلامية والقبطية بالإسكندرية محمد متولي وجود خطة جديدة أعلنت عنها منطقة آثار الإسكندرية والساحل الشمالي لتطوير المناطق الأثرية، تضمنت تطوير طواحين الهواء التاريخية، تمهيدا لافتتاحها أمام الزوار.

وأشار متولي إلى أن الإدارة العامة للشؤون الفنية والهندسية بالوجه البحري، أدرجت مبنى طاحونة المنتزه الأثري ضمن مشروع إعداد الأبحاث والدراسات الخاصة بتوثيق وترميم آثار مدينة الإسكندرية، وأن الفترة المقبلة ستشهد تطويرًا لطاحونة المنتزه بالجهود الذاتية.

وأضاف أن المنطقة تضع على قائمتها مجموعة من المواقع الأثرية في المدينة، التي تحتاج إلى ترميم وتقف أمام مرحلة التنفيذ في انتظار المخصصات المالية، التي تمنحها وزارة الآثار للبدء في المشروع، مشيرا إلى أن طاحونة المندرة ضمن هذه المشروعات.

إقرأ أيضاً: تربية الحمام... هواية محببة ومربحة
دلالات
المساهمون