طه محمد علي

30 اغسطس 2016
أحمد نعواش/ فلسطين
+ الخط -
كان الموت، كعادته، مقتصداً في حركته
وفي عواطفه
كقنّاصٍ محترف، يناور كائنات الشعر الفقيرة
الذاهبة حافيةً إلى عملها اليومي
في نسج أسطورة صفورية من برقوقٍ وطين
ومن رائحة الخبز و"رمّان الأمسيات".

كان يتمهّل محتسباً المسافة المثلى بين الصوت والصمت،
بين اللفظة والفراغ،
مصوّبا نظرتَه الجليدية
إلى الهواء المحتشد في رئتي الوقت
(المستأصلتين من جسد الأرض المصاب،
والمتروك ينزف على حافة الطريق المؤدية إلى البِشارة)
ضاغطاً على زناد النسيان،
دون أن يتلعثم قلبُه،
ودون أن يفقِدَ "قدرته على التحكّم في البكاء"...

إلاّ أن قصائد طه محمد علي حاصرَته
بجيوش هشاشتها
وأحكمَت عليه قبضتَها
(الواهنة من فرط قبضِها المتواصل على جمر الحكاية ورمادها)
واستدرجته إلى تفاصيل حزنها المبهرة،
وأطلقت عليه كلّ ما تملك في جيوبها
من ذخيرة حياة
أحالها الفقدان إلى انفجارات هادئة
وغائرة
من الحنين،
ومن "الفرح الذي لاعلاقة له بالفرح"،
ومن الينابيع الإنسانية العميقة..
التي لا يعكّر صفوها غفران أو انتقام.

* شاعر من فلسطين 

المساهمون