بعد أشهر من الانقطاع، عاد طلاب جامعة عدن (الحكومية)، جنوبي اليمن، الأسبوع الحالي، إلى مقاعد الدراسة، متجاوزين مشاهد الدمار والخراب التي طاولت كل ركن من جامعتهم، وكلهم أمل في غدٍ مشرق ومستقبل واعد.
السبت الماضي، دشنت محافظة عدن، ومدن أخرى جنوبية، كأبين، والضالع، ولحج، بدء العام الدراسي، لجميع المراحل التعليمية، بعد تأجيله أكثر من مرة، بسبب الحرب الدائرة، منذ مارس/آذار الماضي، فيما لا يزال هذا الأمر، متعثراً في المحافظات الأخرى التي لم تعلن حتى اللحظة، نتائج امتحانات الشهادتين الثانوية والأساسية، للعام الدراسي الماضي.
وإن كانت عودة الحياة إلى كليات جامعة عدن، الحكومية الوحيدة في المحافظة (تأسست عام 1970)، قد شكلت انتصاراً حقيقياً على صنوف "الموجعات"، التي اكتوت بها المحافظة عموماً، وما نزل بها من خراب وتدمير، فإن بدء الدراسة يُعد نافذة جديدة لعصرٍ جديدٍ دافقاً بالنور، مشعاً بالعطاء، وفق ما يرى الكثير من طلابها.
في كلية التربية، بمدينة "خور مكسر" بالمحافظة، كانت الحياة قد دبت بشكل لافت في مختلف الأقسام، فما بين عناق الطلاب لبعضهم، والأحاديث الجانبية، وتجمعات الفتيات، والأصوات المتعالية من بين القاعات، حيث تجري عمليات النظافة والتهيئة، كان نائب عميد الكلية لشؤون الطلاب، عزان عبدوه قائد، يراقب طلابه وكله أمل بغد أفضل ومستقبل أجمل.
يلتقط الحديث نائب عميد الكلية لشؤون الدراسات والبحث العلمي، مهدي حسين جعبل، قائلاً "أنت تشاهد حالة الحراك الموجودة الآن في مختلف الأقسام، بعد أن أطلقنا حملة طوعية شارك فيها كل منتسبي الجامعة، لتنظيف قاعات ومكاتب وساحات مختلف الكليات (الطب، والتربية، والعلوم الإدارية، واللغات، والآداب، والحقوق، والعلوم، والهندسة، والصيدلة وغيرها)".
ويضيف: "هذا أمر يعكس رغبة الجميع من أعلى هرم في الجامعة إلى آخر طالب، في العمل، وحب التعليم، ومغادرة ساحات الخمول والكسل التي جثمت على أنفاسنا طوال فترة الحرب".
في إحدى الساحات كان الطالبان، حسين بن علي المحرمي، وعلي عبدالرحمن جعفر، من قسم اللغة العربية، يتبادلان الحديث وقد علت وجنتيهما الابتسامة، فرحاً بالعودة إلى مقاعد الدراسة.
في قسم الفلسفة والاجتماع، كانت علامات التعب قد بدت على رئيس القسم، فضل الربيعي، نتيجة القيام بأعمال النظافة مع باقي الطلاب.
|
وغير بعيد عن المكان، تتجول كل من الطالبتين زهراء اليهري، ودعاء طلعت، في قسم اللغة الإنجليزية، بين قاعات القسم، ولسان حالهما يقول إنهما لم تصدقا هذه اللحظة، لاسيما في ظل الوضع المضطرب الذي تشهده البلاد.
تقول اليهري: "نعم نحن اليوم نحمل بين أيدينا أدوات النظافة، وغداً سنحمل الكتب والأقلام وسنرسم بها صورة مشرقة للغد الجميل، وسنخط بأيادينا حكاية شعب جبار لا يقبل حياة التخلف والجهل، وكل ما نتمناه هو أن يكون عاماً بلا مشاكل، وأن يحقق فيه كل الطلبة التوفيق والنجاح"، هكذا مضت زهراء متحدثة عن عودتها للجامعة.
عوض مشبح، مأمور مديرية خور مكسر والذي كان في زيارة تفقدية لكلية التربية، كان له حديث مع الأناضول، قائلاً إن "دماء الشهداء، وآهات الجرحى، وبكاء الثكالى، لم يذهب هدراً، فها هي عدن ممثلة بصرحها العلمي الكبير تنفض غبار المعضلات، وتدشن عامها الدراسي الجديد الذي يعد تطبيعاً حقيقياً للحياة في المحافظة وباقي مدن الجنوب".
وتسبب الوضع الأمني المضطرب في اليمن منذ سيطرة الحوثيين وقوات صالح على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، وما أعقب ذلك بسبعة أشهر من حرب، في تعطيل الحياة الدراسية، وتدمير عشرات المدارس والمعاهد والكليات، في عموم المحافظات من بينها عدن والمدن الجنوبية المذكورة، والتي تم تحريرها من الحوثيين، منتصف يوليو/تموز الماضي.
اقرأ أيضا:عام دراسي مؤجّل في اليمن