طلاب السودان... عودة غير مرحب بها إلى المدارس والجامعات

06 سبتمبر 2020
هل سيبقى خارج المدرسة؟ (أومير إردم/ الأناضول)
+ الخط -

يثير قرار السودان استئناف الدراسة في المدارس والجامعات قلقاً واسعاً وسط المتعلمين والأسر عموماً، مع استمرار المخاوف من تفشي فيروس كورونا

اتخذ السودان في مارس/ آذارالماضي قراراً بإغلاق المدارس والجامعات ضمن سلسلة من التدابير الاحترازية للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد في البلاد. ومن بين الإجراءات الاحترازية تأجيل جميع الامتحانات من مارس الماضي إلى أجل غير مسمى، سواء على مستوى المرحلة الابتدائية أو الثانوية. لكنّ جميع الولايات سمحت مجدداً بإجراء تلاميذ الابتدائية امتحاناتهم الشهر الماضي، كما ينتظر أن يخضع تلاميذ الشهادة الثانوية للامتحانات اليوم في السادس من سبتمبر/ أيلول.
وبدأ السودان، الذي تجاوز فيه عدد الإصابات بالفيروس 13 ألفاً، تخفيف جميع الإجراءات الوقائية، إذ رفع حظرالتجول الكلي المفروض بولاية الخرطوم، وفُتحت دور العبادة والأسواق، وعادت حركة وسائل النقل داخل الولايات، باستثناء الولاية الشمالية، التي أغلقت مرة أخرى بعد تقاريرعن تفشٍّ جديد للوباء فيها.
ومع ذلك التخفيف، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن بداية العام الدراسي في جميع أنحاء البلاد يوم الأحد، 27 سبتمبر الجاري، على أن يبدأ المعلمون العمل في مدارسهم قبل ذلك بثلاثة أسابيع. وبالتوازي مع ذلك، سمحت وزارة التعليم العالي للجامعات باستئناف الدراسة تدريجياً عقب عطلة عيد الأضحى المبارك، وسرعان ما أعلنت كلّ من جامعة "الخرطوم" وجامعة "أم درمان الإسلامية"، وهما أكبر جامعتين، موعداً للدراسة نهاية الشهر الماضي وبداية الشهر الجاري على التوالي. والتزمت الجامعتان بإبلاغ وزارة الصحة بخططهما لاستئناف الدراسة بما يتضمن تطبيق جميع قواعد التباعد الاجتماعي والشروط الصحية الخاصة بفيروس كورونا.

تقول لبنى خيري، وهي والدة تلميذ في المرحلة الثانوية، إنّها ضد بداية العام الدراسي في الموعد الذي حددته الوزارة، وذلك إيماناً منها بضرورة الحفاظ على صحة ابنها وبقية التلاميذ والطلاب. وتشير إلى أنّ الظروف الصحية والاقتصادية، بالترافق مع تدني مستوى كلّ الخدمات، لا تسمح بالمغامرة في إرسال الأبناء إلى المؤسسات التعليمية، من خلال اتخاذ مثل ذلك القرار. 
توضح خيري لـ"العربي الجديد"، أنّ الشرط الوحيد لبداية العام الدراسي هو تجهيز البيئة الصحية اللازمة في المدارس، ومن ذلك توفير معقمات ومطهرات وكمامات مجاناً للجميع، بعدما وصل سعر الكمامة الواحدة إلى خمسين جنيهاً سودانياً (نحو دولار أميركي بحسب السعر الرسمي)، مع توفير وجبة الفطور، لأنّ هناك أزمة كبيرة في الخبز، عدا عن عدم توفر وسائل النقل بسبب أزمة المشتقات البترولية. تؤكد أنّ أولياء الأمور سيجدون أنفسهم غير قادرين على توفير جميع احتياجات أبنائهم بعد الغلاء الفاحش الذي ضرب البلاد. وتستبعد خيري قدرة المدارس، لا سيما الحكومية، على توفير البيئة المدرسية الصحية والسليمة، لأنّها كانت تفتقر قبل جائحة كورونا للمقومات المطلوبة. وتنبه إلى أنّ تلك الأسباب مجموعة تجعلها ترفض فكرة بداية العام الدراسي في هذا التوقيت، وتقترح الانتظار إلى بداية عام 2021، إذ من الممكن عندها أن يتلاشى المرض أو تتمكن الحكومة من استكمال توفير جميع الفرائض الصحية في المدارس.  
في المقابل، يؤيد أبو عبيدة مصطفى، وهو ولي أمر تلميذين في المرحلة الابتدائية، وطالبة جامعية، فكرة استئناف الدراسة، خصوصاً أنّ ابنته الكبرى تأخرت كثيراً مثل بقية الطلاب والطالبات بسبب التعليق المستمر للدراسة، مرة بسبب التظاهرات ومرة بسبب جائحة كورونا. يضيف مصطفى لـ"العربي الجديد"، أنّ أيّ تأخير، سواء في الجامعات أو المدارس، يعني ضياع سنوات من مستقبل الأبناء، مشدداً على ضرورة مضاعفة الحكومة جهودها ومن خلفها المجتمع المدني ومنظماته لتنفيذ كامل الشروط الصحية المطلوبة للحيلولة دون الإصابة بفيروس كورونا.
من جهتها، تقول الأمينة العامة لجمعية "إعلاميين من أجل الأطفال" أسماء حسن التوم، إنّ تحديد موعد لبداية العام الدراسي يحتاج إلى احتياطات عدة من أجل سلامة الأطفال في المدارس. وتقترح التوم، في حديث إلى "العربي الجديد"، الإسراع بعقد دورات تدريبة للمعلمين حول سبل الوقاية من كورونا، ليقوموا بدورهم في توعية التلاميذ، على أنّ يخصص الأسبوع الأول من العام الدراسي للتوعية ومراقبة ومراجعة سلوك التلاميذ، مع إعداد بروتوكول صحي ملزم لجميع المدارس، يعدّه ويشرف عليه متخصصون في مجال الطب، وتصاحب ذلك عمليات تعقيم يومية للمدارس بفصولها ومكاتبها، وكذلك منح التلاميذ المطهرات والكمامات مجاناً. تتابع أنّ هناك مدارس خاصة في المناطق الريفية لا يقل عدد التلاميذ في الفصل الواحد فيها عن 50 تلميذاً، ويصل العدد في بعضها إلى 70، ما يفرض على إدارات تلك المدارس تقسيم كلّ فصل إلى قسمين على الأقل، مع مراعاة أن تكون هناك فترتان للدراسة صباحية ومسائية. وتطالب بأن تتكفل وزارة التربية والتعليم بأيّ أعباء مالية إضافية إذا نفذ هذا الاقتراح. كذلك، تشير إلى إمكانية بعض المدارس والتلاميذ استخدام نظام التعليم عن بعد استغلالاً للتكنولوجيا الحديثة من أجهزة كومبيوتر وهواتف ذكية.
بدوره، يبدي المعلم بالمرحلة الثانوية بولاية الخرطوم، صابر أحمد، أسفه الشديد لعدم قدرة غالبية المدارس على فعل شيء حيال أيّ تدابير خاصة بكورونا، بسبب تدهور بيئة المدارس وعدم تمكنها من تنفيذ أهم الشروط المتعلقة بالتباعد الاجتماعي مع الازدحام الكبير في الفصول. ويوضح أحمد لـ"العربي الجديد"، أنّ الحكومة الحالية، نتيجة تضرر قطاع التعليم في عهد النظام السابق، ستجد نفسها عاجزة، لأنّ تمويل التعليم كلّه تُرك للأهالي ومجالس الآباء، ودعم الخيرين للمدارس. يوضح أنّ كلّ شيء سيئ جداً داخل المدارس ولا يتطابق مع المواصفات القياسية، بما في ذلك دورات المياه والمقاعد والفصول والمياه والكهرباء، مشدداً على ضرورة تأجيل بداية العام الدراسي إلى وقت تكون فيه المؤسسات التعليمية أكثر استعداداً للعملية التعليمية ولتنفيذ تدابير كورونا الصحية.

توعية التلاميذ
يعتبر الخبير في مجال التعليم، حسين الخليفة، أنّ استئناف الدراسة في ظلّ الظروف الحالية، ستكون له آثار على عمليتي التحصيل والنتائج. لكنّه يستدرك أنّ أمام وزارة التربية فرصة تدارك كلّ المخاطر بوضع خطة عمل واضحة ومدعومة مالياً لتجنيب الأبناء والبنات عدوى كورونا، على أن ترتكز الخطة على التوعية وسط التلاميذ.

المساهمون