وقال محمد قنونو المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إنّ الاشتباكات لا تزال تجري بشكل متقطع، منذ أمس الأحد وحتى صباح اليوم، في مناطق وادي الربيع وسوق الخميس بطرابلس.
وأوضح قنونو أنّه "جرت معركة واحدة خلال منتصف ليل أمس، حاولت خلالها قوات حفتر التقدم باتجاه سوق الخميس لاستعادتها، لكن قوات الحكومة قامت بصدّ هجومها وإجبارها على التقهقر مسافات طويلة، حتى تمت السيطرة على أجزاء واسعة من سوق الأحد وهي منطقة داخل ترهونة".
وأعلن حفتر في 4 إبريل/ نيسان الحالي، إطلاق عملية عسكرية لاقتحام العاصمة طرابلس، بينما ردّت حكومة "الوفاق" المعترف بها دولياً، بإطلاق عملية "بركان الغضب"، لوقف أي اعتداء على العاصمة.
وجاءت عملية حفتر قبل أيام من انطلاق مؤتمر الملتقى الوطني الجامع بمدينة غدامس، جنوب غربي ليبيا، الذي كان مقرراً بين 14 و16 إبريل/ نيسان الحالي، تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف حل الأزمة الليبية وإطلاق العملية السياسية، وتم تأجيله إلى أجل غير مسمى.
وعاد الطيران الأجنبي الموالي لقوات حفتر، إلى استهداف مواقع لقوات الحكومة داخل طرابلس، مساء الأحد، وأكد شهود عيان أنّه استهدف عدة مواقع عسكرية داخل العاصمة، من بينها موقع عسكري بحي خلة الفرجان.
وبحسب لجنة الأزمة والطوارئ بوزارة الصحّة التابعة لحكومة "الوفاق"، فإنّ القصف الذي تعرّض له موقع بخلة الفرجان، تسبّب في مقتل عامل أفريقي، وجرح مدنيين من السكان المجاورين للموقع.
من جانبه، أكد أحمد المسماري المتحدّث باسم قوات حفتر، خلال مؤتمر صحافي ليل الأحد، أنّ طيران حفتر استهدف مواقع عسكرية داخل طرابلس، وأخرى تابعة لمراكز ومعسكرات "البنيان المرصوص" في مصراته، وهي المرة الأولى التي يستهدف طيران حفتر فيها هذه المدينة.
وتحدّث المسماري عن استهداف طيران حكومة "الوفاق" عدة مواقع تابعة لحفتر، في منطقة سوق الخميس جنوب شرقي طرابلس، وداخل مدينة ترهونة التي يشارك مسلحوها في الهجوم على العاصمة ضمن قوات حفتر.
وبدوره أكد قنونو هذا الأمر في حديثه لـ"العربي الجديد"، إذ قال إنّ "القصف الجوي كان مكثّفاً واستهدف مواقع عسكرية مهمة لقوات حفتر داخل ترهونة، فضلاً عن تحقيق تقدّم على الأرض تمت خلاله السيطرة على أجزاء داخل ترهونة، وصولاً إلى كوبري سوق الأحد المفضي إلى وسط المدينة".
وزير خارجية "الوفاق" يزور موسكو
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية في حكومة "الوفاق"، عزم وزير الخارجية محمد سيالة، القيام بزيارة اليوم الإثنين للعاصمة الروسية موسكو، لإجراء عدة لقاءات مع المسؤولين الروس، بشأن مستجدات الأوضاع في ليبيا.
وتوالي روسيا حفتر، لكنّها تتجنّب الانحياز في العلن لصالحه. وكانت موسكو استقبلت حفتر، في منتصف إبريل/ نيسان الحالي، بزيارة غير معلنة.
وأوضح نائب ليبي مقرّب من حفتر لـ"العربي الجديد" حينها، أنّ "موسكو تعهدت باستمرار حمايتها لحفتر من أي تدخل دولي عبر الأمم المتحدة، يحاول منعه من مواصلة عمليته"، مؤكداً أنّ "حفتر مستاء بشكل كبير من حلفائه".
ورغم مجاهرة روسيا بمنعها صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي، يدعو قوات حفتر إلى الانسحاب من طرابلس، إلا أنّها لم تعلن زيارة حفتر لموسكو، بينما أكد النائب الليبي أنّ حفتر زار العاصمة الروسية.
وأكد المتحدث باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي، في تصريحات سابقة، وجود خبراء روس يقدمون الاستشارات لبناء مستشفى ميداني في منطقة هراوة القريبة من مدينة سرت، لقوات حفتر التي تحاول استخدام موانئ حقول النفط بالهلال النفطي وسط البلاد لأغراض عسكرية.
الحكومة الموالية لحفتر تهاجم تركيا
من جهة أخرى، دعت وزارة الخارجية بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، والموالية لحفتر، الحكومة التركية إلى التراجع عن موقفها الداعم لحكومة "الوفاق" برئاسة فايز السراج بطرابلس.
وطالبت الوزارة، في بيان، اليوم الإثنين، الحكومة التركية بأن "تجعل تراجعها باباً يمكن من خلاله إرجاع العلاقات بينهما"، واصفة وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسراج بــ"تسخير كل الإمكانات" لدعمه بأنّه "تدخل سافر في الشأن الليبي".
وأضافت أنّ "الوعد التركي لن يثني الحكومة المؤقتة والقوات المسلحة عن استعادة العاصمة إلى حضن الوطن"، بحسب تعبيرها.
وجاء البيان، بعد ساعات من اتصال هاتفي أجراه الرئيس التركي مع رئيس السراج، أكد خلاله أنّ بلاده "ستسخر كل إمكاناتها لمنع هذه المؤامرة على الشعب الليبي"، معرباً عن استنكاره لــ"الاعتداء الذي يشنّ على العاصمة طرابلس، والمؤامرة التي تحاك على ليبيا واستقرارها".
وشدد الرئيس التركي على أنّ بلاده "ستقف بكل حزم إلى جانب الليبيين وستدعم الحكومة الشرعية المتمثلة في حكومة الوفاق الوطني"، مؤكداً على موقف حكومته من أنّ "الحل في ليبيا سياسي لبناء الدولة المدنية التي يتطلع لها كل الليبيين ولا وجود لحل عسكري".
وفيما رحّب السراج من جانبه بالموقف التركي، أكد أنّ قوات الحكومة "تدافع بكل قوة عن العاصمة وعن خيار الشعب الليبي في الدولة المدنية، وستواصل القتال إلى أن تنسحب القوات المعتدية وتعود من حيث أتت".
وقُتل 278 شخصاً على الأقل، وأُصيب أكثر من 1330 آخرين، منذ بدء حفتر عمليته على العاصمة الليبية، في 4 إبريل/ نيسان الحالي، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ولا يزال مدنيون عالقين في مناطق القتال رغم فرار نحو أربعين ألفاً، ومن الصعب الوصول إليهم لتقديم خدمات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وفق الأمم المتحدة.