حذر أستاذ جراحة الأورام في المعهد القومي للأورام، ورئيس الجمعية المصرية لمكافحة سرطان الثدي، الدكتور محمد شعلان، من تفشّي مرض السرطان "القاتل الصامت" في مصر، والذي اتسع انتشاره خلال السنوات الماضية.
وأكد أن هناك ما يقرب من 400 حالة تتردد يوميًا على المعهد القومي للسرطان على كورنيش النيل في القاهرة فقط، لتلقّي العلاج الكيماوي بخلاف قوائم الانتظار، موضحًا أن تكلفة علاج الفرد الواحد تتجاوز السبعة آلاف جنيه.
وأوضح شعلان في خاصة لـ"العربي الجديد": "إن معدلات الإصابة بالمرض في مصر تصل إلى 200 ألف حالة جديدة سنويًا"، معظمها ميؤوس منها، موضحًا أن انتشاره غير عادي في كافة المحافظات المصرية.
ولفت إلى أن هناك أكثر من 200 نوع سرطان في مصر، أكثرها شيوعًا ستة أنواع، منها سرطان الكبد الذي يحتل المرتبة الأولى نتيجة إصابة المرضى بفيروس سي، ويليه سرطان الرئة، ثم سرطان المثانة، وسرطان القولون الذي انتشر أخيرا بسبب عادات الأكل غير السليمة، وسرطان الدم الذي انتشر بين الأطفال والكبار، بينما يحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى لدى السيدات. وقال إن استمرار هذا الوضع يؤدي إلى إصابة حالة جديدة كل 5 دقائق في مصر، وستصل إلى 3 حالات كل 5 دقائق بحلول عام 2050، لذا يجب التخطيط صحيا على هذا الأساس.
وعدد شعلان أسباب انتشار امراض السرطان في مصر، منها تلوث البيئة المرتفع عبر دخان عوادم السيارات، والغازات المنبعثة من المصانع الكيماوية، ومحطات إنتاج الطاقة، فضلًا عن استخدام المبيدات الحشرية الضارة بنسب مرتفعة في الأراضي الزراعية التي تنتقل إلى الإنسان والحيوان، إضافة إلى العادات الغذائية وتناول الوجبات السريعة من الشوارع يوميًا.
وأوضح أن من أسباب انتشار المرض التدخين، وأمراض الدم المختلفة التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض الخبيثة خاصة بين الأطفال، إضافة إلى عدم العلاج من الفيروسات في بداية المرض.
وأضاف أن سلوكيات كثيرة تزيد من نسبة الإصابة بالسرطان، منها تناول كميات كبيرة من الوجبات المليئة بالدهون والكوليسترول المرتفع، وعدم تناول الخضروات والفواكه بكميات مناسبة، ما يؤدي إلى السمنة الزائدة، بالإضافة إلى مشكلات هضمية متعددة أهمها اضطرابات القولون، والتي تعد أحد أهم أسباب سرطان القولون.
كذلك لفت إلى استخدام "شنط" وأكياس يوضع فيها الأكل غير صالحة للاستخدام الآدمي من بينها "أكياس" لشراء الفول من المطاعم.
"العربي الجديد" تجوّل داخل المعهد القومي للسرطان، التابع لجامعة القاهرة الذي بدأت فكرة إنشائه في الخمسينيات من القرن الماضي. المرضى يفترشون الطرقات، وصرخات تخرج من هنا وهناك داخل أروقة المستشفى، تطلب العلاج.
وداخل المعهد القومي الذي ضاق بمرضاه، قال الشحات محمد (40 عامًا) إنه أصيب بالمرض منذ شهر، وحضر من المنوفية إلى القاهرة أملًا في العلاج داخل المعهد، وتابع: "قائمة الانتظار حالت بيني وبين العلاج في المعهد"، مشيرًا إلى أنه لجأ إلى التحايل بالكشف الطبي عند طبيب متعاقد بالمعهد أملًا في الدخول ولكن كل المحاولات باءت بالفشل لعدم وجود سرير.
وتستغيث صفية عبد الرحمن في العقد الخامس من عمرها من عدم استكمال علاجها، بسبب ارتفاع الكثير من أسعار أدوية "مرض السرطان"، مؤكدة أنها لا تحتمل تكاليف علاجها بالمستشفيات الخاصة.
بينما قال أحد الأطباء بالمعهد، رفض ذكر اسمه، إن ضعف إمكانات المعهد القومي للسرطان، وراء كثرة مشكلات المرضى وتكدس عددهم، لافتاً إلى أن وزارة الصحة خفضت كمية الأدوية الأساسية لعلاج مرضى السرطان بعد ارتفاع أسعار الأدوية مؤخرًا، وأن كثيرا من الأطباء يصرفون أدوية مخدرة لمرضى السرطان خاصة "الترامادول" لتسكين للألم، وربما يؤدي إلى التعجيل بوفاة هؤلاء من أصحاب هذا المرض خاصة الفقراء ومحدودي الدخل.