24 يناير 2019
طبل في إيران وعرس في إسرائيل
محمود البازي (سورية)
فاجأ المذيع في قناة سي إن إن الأميركية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأسئلة مباغتة، لا سيما حول امتلاك إسرائيل أسلحة نووية.
ارتبك الرجل وتلعثم عندما فاجأه المذيع بسؤال، وطلب منه أن يجيب بنعم أم لا: هل لديكم أسلحة نووية نعم أم لا؟
حاول نتنياهو الالتفاف على السؤال. لكن المذيع كرّر السؤال مرات، وطرح السؤال بصيغة أخرى "كل العالم يقول أنّ لديكم أسلحة نووية وأنتم تنكرون وما دام لديكم أسلحة نووية لماذا أنتم متحاملون على إيران؟". ردّ نتنياهو زاعما: "لا أستطيع أن أتحدث في ذلك وتستطيع أنت التخمين كما تريد.. وإسرائيل لا تشكل تهديدا على أحد، لكن إيران تشكل تهديدا للمنطقة".
جاء هذا الجواب المريب بعد المسرحية التي قام بها نتنياهو، والتي عرض فيها صور وثائق، ادّعى فيها أن لدى إيران برنامج نووي سري، وهي تخرق الاتفاق الموقع مع الدول العظمى. هذا الطرح الذي سخر، منه وبيّن كذبه رئيس الموساد السابق، داني ياتوم، حيث قام بالرد على عرض نتنياهو، وقال إنّ المعلومات التي قدمها رئيس الوزراء عن الأرشيف النووي الإيراني "قديمة ولا صلة لها بالواقع الآن، ولا تثبت أن إيران أخلت بالاتفاق النووي".
وقال ياتوم في حديث مع إذاعة الجيش، إن هذه المعلومات كانت مهمة في الماضي لكنها لم تعد الآن كذلك، مضيفا أنه يجب عدم إلغاء الاتفاق النووي مع إيران.
بغض النظر عن رأينا بالحكومة الإيرانية، يلاحظ المتابع للأحداث منذ نشأة إسرائيل إلى اليوم أن إسرائيل، وبدعم أميركي، تسعى إلى أن تكون القوة الأولى في منطقة الشرق الأوسط. سواء بشراء أسلحة متطورة لا تبيعها الولايات المتحدة للعرب أو بتطوير أسلحة نووية وتشييد مفاعلات نووية بمساعدة أميركية غربية لتكريس إسرائيل كقوة في المنطقة لا يمكن التغلب عليها. وهذا بالفعل ما نقلته صحيفة هآرتس عن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن إسرائيل لن تطالب بنزع سلاحها النووي الذي تمتلكه بدون اعتراف شامل وكامل من جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط بحقها بالوجود.
تسعى إسرائيل اليوم إلى تقويض الاتفاق النووي الإيراني وحض ترامب على الخروج من هذا الاتفاق في محاولة منها للقضاء على البرنامج النووي الإيراني الوحيد القادر على مواجهة النووي الإسرائيلي في المنطقة. وكلنا يعلم أنّ لإسرائيل باع طويل بتقويض القدرة النووية للدول العربية والإسلامية، حيث منعت إسرائيل مصر من امتلاك أسلحة نووية وقامت بالقضاء على ما تبقى من هذه الأسلحة بعد حرب اكتوبر. أما العراق الذي كان يتطور ويتقدم في المجال الدفاعي النووي فقد شنت الطائرات الإسرائيلية هجوما عنيفا على مفاعل "تموز" العراقي وقامت بتدميره بشكل كامل في عملية أطلق عليها اسم، أوبرا، كما قامت إسرائيل باغتيال ما يقارب 350 عالما عراقيا.
أما في ليبيا فقد أدت الضغوط الأميركية الإسرائيلية إلى تخلي العقيد كعمر القذافي عن برنامجه النووي هناك، وتم تسليم أسلحته طواعية في عام 2004. هذه الأسلحة هي أسلحة رادعة للعدوان ويمكن الاستفادة منها بشكل سلمي وعلمي. ولكن التدقيق سيثبت لنا أنّ من تخلّى عن أسلحته النووية أو من دمرت أسلحته النووية قتل بعد سنوات، وفقد قدرته على الدفاع عن نفسه، وهذا ما سيحصل لكيم جونغ أونغ، زعيم كوريا الشمالية عند تخليه عن برنامجه النووي.
وتمنع إسرائيل السعودية من امتلاك أي برنامج نووي، بل وتمنع الولايات المتحدة من دعم هذا البرنامج أو حتى المساعدة في إنشائه. كل ذلك يصب في سعي إسرائيل لأن تكون القوة الأولى والمسيطرة في المنطقة، حتى لو كانت الدولة صاحبة البرنامج النووي هي السعودية، الحليف الاستراتيجي العلني لأميركا والسري لإسرائيل.
إسرائيل هي عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ عام 1957، ولكنها لم تنضم إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لعام 1968. وهو ما دفع مصر إلى مطالبة إسرائيل بالانضمام لهذه المعاهدة.
لقد تمت السيطرة على النووي الإيراني من خلال اتفاق دولي يصب في مصلحة الدول الغربية وإيران في الوقت نفسه. هذا الاتفاق الذي يسعى الآن الرئيس الأميركي إلى تقويضه. وبدلا من ذلك، عليهم الآن مراقبة النووي الإسرائيلي الذي يشكل خطرا حقيقيا على كل المنطقة، حتى على السعودية نفسها، وعلى العرب التوقف عن ترويج إيران العدو الأول، فالعدو الأول معروف ويجب مراقبة أنشطته النووية والحد منها. وما أجمل المثل الشعبي العربي الذي يقول: "الطبل في إيران والعرس في إسرائيل".
ارتبك الرجل وتلعثم عندما فاجأه المذيع بسؤال، وطلب منه أن يجيب بنعم أم لا: هل لديكم أسلحة نووية نعم أم لا؟
حاول نتنياهو الالتفاف على السؤال. لكن المذيع كرّر السؤال مرات، وطرح السؤال بصيغة أخرى "كل العالم يقول أنّ لديكم أسلحة نووية وأنتم تنكرون وما دام لديكم أسلحة نووية لماذا أنتم متحاملون على إيران؟". ردّ نتنياهو زاعما: "لا أستطيع أن أتحدث في ذلك وتستطيع أنت التخمين كما تريد.. وإسرائيل لا تشكل تهديدا على أحد، لكن إيران تشكل تهديدا للمنطقة".
جاء هذا الجواب المريب بعد المسرحية التي قام بها نتنياهو، والتي عرض فيها صور وثائق، ادّعى فيها أن لدى إيران برنامج نووي سري، وهي تخرق الاتفاق الموقع مع الدول العظمى. هذا الطرح الذي سخر، منه وبيّن كذبه رئيس الموساد السابق، داني ياتوم، حيث قام بالرد على عرض نتنياهو، وقال إنّ المعلومات التي قدمها رئيس الوزراء عن الأرشيف النووي الإيراني "قديمة ولا صلة لها بالواقع الآن، ولا تثبت أن إيران أخلت بالاتفاق النووي".
وقال ياتوم في حديث مع إذاعة الجيش، إن هذه المعلومات كانت مهمة في الماضي لكنها لم تعد الآن كذلك، مضيفا أنه يجب عدم إلغاء الاتفاق النووي مع إيران.
بغض النظر عن رأينا بالحكومة الإيرانية، يلاحظ المتابع للأحداث منذ نشأة إسرائيل إلى اليوم أن إسرائيل، وبدعم أميركي، تسعى إلى أن تكون القوة الأولى في منطقة الشرق الأوسط. سواء بشراء أسلحة متطورة لا تبيعها الولايات المتحدة للعرب أو بتطوير أسلحة نووية وتشييد مفاعلات نووية بمساعدة أميركية غربية لتكريس إسرائيل كقوة في المنطقة لا يمكن التغلب عليها. وهذا بالفعل ما نقلته صحيفة هآرتس عن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن إسرائيل لن تطالب بنزع سلاحها النووي الذي تمتلكه بدون اعتراف شامل وكامل من جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط بحقها بالوجود.
تسعى إسرائيل اليوم إلى تقويض الاتفاق النووي الإيراني وحض ترامب على الخروج من هذا الاتفاق في محاولة منها للقضاء على البرنامج النووي الإيراني الوحيد القادر على مواجهة النووي الإسرائيلي في المنطقة. وكلنا يعلم أنّ لإسرائيل باع طويل بتقويض القدرة النووية للدول العربية والإسلامية، حيث منعت إسرائيل مصر من امتلاك أسلحة نووية وقامت بالقضاء على ما تبقى من هذه الأسلحة بعد حرب اكتوبر. أما العراق الذي كان يتطور ويتقدم في المجال الدفاعي النووي فقد شنت الطائرات الإسرائيلية هجوما عنيفا على مفاعل "تموز" العراقي وقامت بتدميره بشكل كامل في عملية أطلق عليها اسم، أوبرا، كما قامت إسرائيل باغتيال ما يقارب 350 عالما عراقيا.
أما في ليبيا فقد أدت الضغوط الأميركية الإسرائيلية إلى تخلي العقيد كعمر القذافي عن برنامجه النووي هناك، وتم تسليم أسلحته طواعية في عام 2004. هذه الأسلحة هي أسلحة رادعة للعدوان ويمكن الاستفادة منها بشكل سلمي وعلمي. ولكن التدقيق سيثبت لنا أنّ من تخلّى عن أسلحته النووية أو من دمرت أسلحته النووية قتل بعد سنوات، وفقد قدرته على الدفاع عن نفسه، وهذا ما سيحصل لكيم جونغ أونغ، زعيم كوريا الشمالية عند تخليه عن برنامجه النووي.
وتمنع إسرائيل السعودية من امتلاك أي برنامج نووي، بل وتمنع الولايات المتحدة من دعم هذا البرنامج أو حتى المساعدة في إنشائه. كل ذلك يصب في سعي إسرائيل لأن تكون القوة الأولى والمسيطرة في المنطقة، حتى لو كانت الدولة صاحبة البرنامج النووي هي السعودية، الحليف الاستراتيجي العلني لأميركا والسري لإسرائيل.
إسرائيل هي عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ عام 1957، ولكنها لم تنضم إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لعام 1968. وهو ما دفع مصر إلى مطالبة إسرائيل بالانضمام لهذه المعاهدة.
لقد تمت السيطرة على النووي الإيراني من خلال اتفاق دولي يصب في مصلحة الدول الغربية وإيران في الوقت نفسه. هذا الاتفاق الذي يسعى الآن الرئيس الأميركي إلى تقويضه. وبدلا من ذلك، عليهم الآن مراقبة النووي الإسرائيلي الذي يشكل خطرا حقيقيا على كل المنطقة، حتى على السعودية نفسها، وعلى العرب التوقف عن ترويج إيران العدو الأول، فالعدو الأول معروف ويجب مراقبة أنشطته النووية والحد منها. وما أجمل المثل الشعبي العربي الذي يقول: "الطبل في إيران والعرس في إسرائيل".
مقالات أخرى
09 نوفمبر 2018
18 أكتوبر 2018
30 يوليو 2018