حذّر محللون واقتصاديون سعوديون من القرض المعجّل الذي يعتزم صندوق التنمية العقاري السعودي إطلاقه لتقليل قوائم الانتظار فيه، والذي يعطي لطالب السكن الحق في الحصول على قرض بقيمة 500 ألف ريال (134 ألف دولار) من المصارف، بأسعار فائدة متراكمة تصل لنحو 50% بنهاية سداد القرض على 20 عاما، واعتبر المحللون القرار المرتقب مجحفا في حق طالبي السكن الذين يستحقون الحصول على قروض من دون فوائد.
وكان صندوق التنمية العقاري قد أكد مؤخراً استكماله الإجراءات والمتطلبات اللازمة لتفعيل برنامج القرض المعجل وإطلاقه، وينتظر الصندوق موافقة مؤسسة النقد السعودية ( البنك المركزي)، لتبدأ المصارف في استقبال جميع شرائح المتقدمين على القرض المعجل.
وانحصرت المنافسة بين ثمانية مصارف قدمت أسعار فائدة معقولة، واستبعدت 4 مصارف، مصرفين بالغا في فوائدهما، ومصرفين آخرين تقدما بصيغة الإيجار، كما تم استبعاد شركات التمويل العقاري المتخصصة لأنها تقدمت بنسب أرباح غير تنافسية.
وحسب تقارير مبدئية، ستكون مدة القرض 15 سنة لمن تقل رواتبهم عن 15 ألف ريال بقسط شهري 2777 ريالا (740 دولارا)، وعشر سنوات لمن تزيد رواتبهم على 15 ألف ريال
وحتى 25 ألف ريال بقسط شهري 4166 ريالا (1100 ألف دولار) ، وخمس سنوات لمن تزيد رواتبهم على 25 ألف ريال وبقسط شهري 8333 ريالا (2222 ألف دولار).
وتكمن فكرة القرض المعجل في أن يقوم صندوق التنمية العقاري بتسديد الفوائد للمصارف خلال مدة القرض، على أن يقوم المقترض وبعد استكمال سداد أصل القرض للبنك، بإعادة سداد أرباح القرض للصندوق على شكل أقساط شهرية متساوية خلال مدة خمس سنوات أخرى.
وجاءت خطوة "القرض المعجّل"، بعد أسبوعين من إلزام مجلس الشورى وزارة الإسكان بتقديم خطة زمنية لتوفير المنتجات السكنية للمواطنين.
ودعا المجلس في قراره إلى فصل قوائم الانتظار على بوابة وزارة الإسكان بحيث يعجّل الإقراض للراغبين في شراء وحدات سكنية من القطاع الخاص، ودعم البند المخصص لذلك من المبالغ المعتمدة.
وقوبل القرض المعجّل بانتقادات من قبل محللين تخوفوا من أن تكون مجرد محاولة من وزارة الإسكان والصندوق العقاري للتملص من التزاماتهم أمام طالبي السكن.
ويؤكد المحلل الاقتصادي برجس البرجس، أن هذه الفكرة تصب بالدرجة الأولى في مصلحة تجار الأراضي الذين سيعود الطلب على أراضيهم المجمدة، ولن يفيد طالب السكن الذي سيتكبد أكثر من 250 ألف ريال (67 ألف دولار) كفوائد، فيما يمكنه الحصول على مبلغ التمويل بلا فوائد كما هو الوضع حاليا، ويقول: "القروض المعجلة لا تنطبق إلا على شريحة قليلة جداً، ولا أعلم ما هو سبب الاستعجال لمن هم في آخر القائمة".
ويوضح البرجس أن الشريحة التي ستستفيد من هذا القرض صغيرة جداً، ويتابع: "أكثر من 90% من الموظفين في السعودية، وبالتالي لن يحصل الكثيرون على القرض المعجل".
ويشدّد المحلل الاقتصادي على أن هذه الخطوة تتناسب مع من يملك أرضا، ومبلغا من المال، حيث يستفيد عند استلام القرض بإضافته إلى المبلغ الذي يملكه لبناء الأرض، معتبراً أن نقص السيولة لدى المصارف من الأسباب التي تقلل من أهمية هذا القرض الذي لن يعدو كونه "فرصة استثمارية للمصارف لتشغل بها جزءا من المبالغ التي لديها إضافة إلى تنشيط العقار".
ويضيف: إن "الحد الأقصى لقروض جميع المواطنين 450 مليار ريال (120 مليار دولار)، اقترضوا منها 420 مليار ريال (112 مليار دولار) شخصية، والباقي لن يحل مشكلة السكن، فقط سيعمل على إنقاذ شركات العقارات".
اقرأ أيضاً: السعودية تسعى إلى وقف فوضى التمويل
وفي هذا السياق، ينتقد الكاتب خلف الحربي هذه الخطوة، ويراها غير ضرورية لأن من سيتقدم إلى المصارف للحصول على قرض بفوائد لن يكون محتاجا لموافقة الصندوق ولا حتى وزارة الإسكان، ويقول: "ظهرت علينا وزارة الإسكان ببدعة جديدة اسمها (القرض المعجل) بالاتفاق مع المصارف، وملخصها أن صندوق التنمية العقارية لن يمنح المواطن قرض الخمسمائة ألف كما كان يفعل في السابق، بل يذهب إلى المصرف ويقترض منه المبلغ ويسدد الفوائد، والسؤال هو إذا كنت سأشتري الأرض من ملاك العقار وأقترض من المصرف فما هو دور وزارة الإسكان؟
المحلل المالي والخبير في العقارات عبدالحميد العمري يشدّد على أن هذا القرض سيأخذ المواطن: "إلى طريق الفقر ورهن راتبه حتى يتقاعد أو يموت".
ويضيف: إن "مشكلة القرض أنه سيخرج صاحبه من طابور الصندوق، ليحصل على 500 ألف ريال (134 ألف دولار)، ويسددها على فترات تصل إلى 20 عاما، ما يعني أن المواطن سيفقد أكثر من 40% من راتبه طوال حياته تقريباً بهدف توفير السكن الذي وعدت وزارة الإسكان بتوفيره، بلا فوائد".
وبحسب العمري، يتوقع أن تصل فوائد القروض إلى أكثر من 217.5 مليار ريال (نحو 58 مليار دولار)، وهو مبلغ كبير سيؤثر على الاقتصاد المحلي.
وأكد المحللون أن القرض المعجل سيصب في مصلحة تجار العقارات الذين سيجدون فرصة لإنهاء ركود استمر قرابة الـ18 شهرا، من خلال توفير قروض لطالبي السكن، وفي الوقت نفسه يتخلص الصندوق العقاري الذي يوشك على أن يتحول لمؤسسة مالية، من ربع الموجودين على قوائم الانتظار لديه.
ويعاني صندوق التنمية العقاري من بطء شديد في آلية توزيع القروض، واعترف مؤخرا أن أكثر من 140 ألف مواطن صدرت لهم الموافقة على الحصول على القرض، لم يراجعوا الصندوق، لأنهم لا يملكون أراضي لإقامة منازلهم الخاصة أو لعدم قدرتهم المالية على سداد أقساط الصندوق، وهو ما يشكل أكثر من 90% من الذين تمت الموافقة على إقراضهم، وتبلغ قيمة القروض الغير المستغلة أكثر من 70 مليار ريال (نحو18.8 مليار دولار)، وهي بحسب النظام مجمدة لحين يتقدم أصحابها لطلبها، ما يعطل الاستفادة منها لآخرين أكثر جاهزية منهم للبناء.
اقرأ أيضاً:
تعثر مشروعات الإسكان المدعم في السعودية
تعثر مشروعات الإسكان المدعم في السعودية