وتدخل التظاهرات في مرحلة جديدة من حيث طبيعة الشعارات المرفوعة أو حتى الشرائح المشاركة فيها، والتي تتسع بشكل تدريجي لتصل إلى مستوى عائلات كاملة افترشت ميادين التحرير والساحات العامة في مدن التظاهرات.
يأتي ذلك وسط تسجيل اعتقالات في صفوف طلاب في جامعتي الموصل والأنبار، من قبل استخبارات الجيش بعد توزيعهم منشورات تدعو للتبرع للمتظاهرين وأخرى لإرسال أدوية للجنوب وبغداد، ومنشوراً في الموصل يدعو طلاب كلية الطب للإضراب والتوجه لمساعدة مصابي التظاهرات تحت عنوان "رد الدين"، في إشارة إلى مشاركة الجنوبيين بمساعدة نازحي الموصل خلال احتلال "داعش" لمدينتهم وسقوط ضحايا من أبنائهم في عمليات تحريرها من بعد.
وبات الآلاف في بغداد وذي قار وكربلاء في ساحات الاعتصام بالحلة مركز بابل، والناصرية مركز ذي قار، وكربلاء مركز محافظة كربلاء والنجف، وفي السماوة مركز المثنى، وفي العمارة مركز ميسان، وفي الديوانية مركز القادسية، وفي شط العرب والمديّنة والزبير وأم قصر في البصرة، بينما تركزت التظاهرات في بغداد بساحة التحرير وساحة الطيران ومنطقة جسر الجمهورية وشارع الرشيد وقرب تقاطع جسر الشهداء.
وشهدت بغداد تظاهرات واسعة منذ صباح اليوم بعد تشييع جثمان الطبيب عباس علي، الذي قتل ليلة أمس برصاصة في صدره قرب جسر باب المعظم، حيث كان يحاول الوصول إلى بعض جرحى التظاهرات وجرى نقله إلى المستشفى من قبل أصحاب العربات الصغيرة "التكتك"، لكنه فارق الحياة بالطريق.
وعباس هو أحد أبرز الأطباء في ساحة التحرير، ويلازم المتظاهرين بخيمة نصبها لعلاجهم وتقديم المساعدة لهم إلى جانب أطباء آخرين متطوعين.
فيما أكد شهود عيان ارتفاع عدد الجسور المغلقة في بغداد التي تربط جانبي الكرخ والرصافة إلى ستة جسور، وهي الجمهورية والسنك والأحرار والشهداء وباب المعظم، إضافة إلى الجسر المعلق الذي يوصل بشكل مباشر إلى وسط المنطقة الخضراء، وبذلك يكون نصف جسور العاصمة على نهر دجلة قد أغلق تماما، ما ولد ضغطا كبيرا على الجسور الستة الأخرى من حيث حركة مرور السيارات بين الكرخ والرصافة ببغداد.
وفي ميسان، قتل مسلحون مجهولون الناشط العراقي البارز أمجد الدهامات بعد مغادرته ساحة الاعتصام في منطقة الشبانة بمدينة العمارة ليلة أمس، حيث هاجمه مسلحون وأطلقوا عدة رصاصات أصابته في رأسه وصدره، ما أسفر عن وفاته على الفور قبل أن يلوذوا بالفرار.
وعقب تشييع الضحية، شارك المتظاهرون في التظاهرة ورددوا شعارات تنادي بإسقاط النظام وأخرى ضد إيران.
كما تم تسجيل إصابة 35 متظاهرا في البصرة أغلبهم اختناقا بالغاز ونحو 10 متظاهرين بالسبب نفسه في ناحية علي الغربي بذي قار، وسط استمرار عملية قطع الطرق الرئيسة من قبل المتظاهرين في عدد من مدن الجنوب.
وما زالت شبكة الإنترنت مقطوعة في جميع المدن العراقية، باستثناء إقليم كردستان الذي فر إليه عدد كبير من الناشطين والصحافيين المؤيدين للتظاهرات خوفا من الاعتقال أو التصفية.
في الأثناء، طالب النائب في البرلمان العراقي عن التيار المدني فائق الشيخ علي المتظاهرين بالإصرار على إقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وقال الشيخ علي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية عراقية، إن عادل عبد المهدي "كان يسعى إلى منصب رئاسة الحكومة طيلة الفترة السابقة، وقد استقال من جميع المناصب السابقة، لكنه لن يستقيل من رئاسة الوزراء"، مبيناً أن "التاريخ سيسجل سقوط 300 شهيد و12 ألف جريح من الشبان في عهده، كثير منهم في حالات خطرة".
وأضاف الشيخ علي أن "التدخل الإيراني وهيمنة طهران على العملية السياسية واضحان بشكل لا يقبل الشك في العراق، ويدفعان المتظاهرين إلى التعبير عن غضبهم بمهاجمة مقرات بعثاتها الدبلوماسية وتمزيق صور المرشد الأعلى علي خامنئي وغيره من الرموز الإيرانية".
كما اتهم الشيخ علي، الإدارة الأميركية بـ "الاستمتاع بما يحدث الآن في العراق"، مؤكداً أن "صانع القرار الأميركي يريد إحراق الشعب العراقي، حيث يقف إلى جانب الحكومة وأحزاب السلطة".
وتابع أن الإدارة الأميركية تلتقي بشكل يومي بالشخصيات العراقية المرتبطة بإيران والفاعلة في المشهد السياسي، في السفارة الأميركية وغيرها من الأماكن داخل البلاد وخارجها"، مطالباً المتظاهرين بـ"الإصرار على مطلب إقالة أو استقالة الحكومة، تمهيداً لتشكيل حكومة مؤقتة تتولى تنفيذ المطالب الأخرى كسن قانون انتخابات أو تشكيل مفوضية جديدة لإجراء انتخابات مبكرة".
كما هاجم الشيخ علي، اللجنة التي شكلها البرلمان لتولي مهمة تعديل الدستور، مؤكداً أنها "تخلو من الخبراء وأساتذة الجامعات والمختصين وممثلي المتظاهرين".