آن فرانك هو اسم إحدى أشهر ضحايا الهولوكوست. هربت عام 1933 مع عائلتها إلى هولندا حتى وُشيَ بمخبئهم ولم ينجُ منهم إلا والدها. عاش اسم آن حتى اليوم بفضل مذكراتها، فخلال فترة اختبائها كتبت يومياتها في دفتر صغير، استطاع والدها استرجاعه بعد نجاته ونُشر عام 1950.
يوميات آن وكلماتها الحكيمة لم تكن وحدها سبب شهرتها. لقد عرفنا آن لأن جلادها قُتل، ولأن الحزب الذي اضطهدها هُزم، والأفكار التي أدت إلى معاناتها نُبذت. هناك الملايين غيرها قتلوا، في بلاد شتى ومن كل الأعمار وكل الانتماءات لم يذكرهم أحد، ليس لأنهم لم يكتبوا مذكراتهم، بل لأن جلاديهم عاشوا أبطالاً وماتوا آلهة.
يكفينا فقط أن نفتح كتاب تاريخ قديماً، حينما كان المؤرِّخون يهتمون بذكر أفعال الحكَّام فقط دون المحكومين، فنقرأ عن الحاكم العظيم الذي فتح بلداناً وأخضع أمماً، لنلاحظ أن كتاب التاريخ يخلو من اسم أي من ضحاياه، بل يخلو من ذكر لوجود ضحايا أصلاً.
اليوم، يبدو الاستبداد وقد استقر أخيراً كنظام حكم ناجح، وضحاياه يزدادون عدداً ومعاناة. أتابع أخبار المستبدين من حولي، فأجدهم يزدادون قوة، بل وأجد مواطنين كثيرين يطالبونهم بالشدة والحزم ونبذ التراخي الذي قد يؤدي بالجميع إلى الضياع.
لا أرى مفراً من هذا كلّه، كل الأشياء تنضغط وتتحطم.
* روائي من مصر