ضجيج دبلوماسي في "النهضة" التونسية

02 أكتوبر 2015
الغنوشي: النظام السوري ديكتاتوري (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
تبدو لافتة مواقف "حركة النهضة" التونسية في الآونة الأخيرة، حيال الملفات الإقليمية والدولية، تحديداً سورية والإمارات وإيران. وأدى ذلك إلى تدخّل زعيم "حركة النهضة" الشيخ راشد الغنوشي بنفسه، لحسم بعض الجدل ومحاولة إنهاء النقاش الذي أحاط الموضوع السوري تحديداً. وكان قد بدأ كل شيء بتصريح أدلى به الغنوشي إلى صحيفة عربية، ذكر فيه أن "لا عداوة شخصية له مع (الرئيس السوري) بشار الأسد"، وأنه "يدعو إلى لقاءات مصالحة عربية، بسبب وضع العلاقات العربية المتردية". وهو ما فُهم منه بأنه تغيير جذري في موقف "النهضة" من الملف السوري، بعد التغيّرات الطارئة دولياً بهذا الخصوص.

كما عمّق لطفي زيتون مستشار الغنوشي السياسي هذا اللبس، حين أشار إلى أن "دعوة ‫الغنوشي‬ الأطراف العربية المتنازعة، بما فيها الأطراف المتقاتلة في ‫سورية،‬ إلى إجراء مصالحة شاملة، بهدف إنهاء القتال، ليست جديدة، وأنه سبق للنهضويين أن دعوا إلى مصالحات عربية شاملة، لا سيما في ‫ليبيا‬ و‫العراق". وأضاف أن "الأطراف المتنازعة في سورية، بمن فيها الأسد، مطالبة بالجلوس سوياً على طاولة الحوار، لوقف شلالات الدماء التي تسيل في بلاد الشام"، مبيّناً بأنه "لا خيار أمام هذه الأطراف سوى الحوار من دون شروط، وتحت إشراف الجامعة العربية والأمم المتحدة". ويلفت زيتون إلى أن "ما أثّر في توجّه النهضة الجديد، هو تبنّيها خيار المصالحة لحسم الصراعات الداخلية في دول المنطقة، ولوقف شلالات الدماء التي نتجت عن هذه الصراعات". ويُذكّر أن "النهضة كانت منذ البداية ضد تحويل الثورة السورية من ثورة شعبية إلى ثورة مسلحة".
ردود الفعل حول هذه التصريحات كانت كبيرة، وتوقفت عند هذا التغيّر الذي وصفته بـ"المفاجِئ"، ولكن الغنوشي، حاول أن يعيد تصويب الموقف، حين شدّد في تصريحات صحافية، أن "رأي الحركة في النظام السوري هو نفسه، فهو نظام دكتاتوري قام بتهجير نصف شعبه وكاد يقضي على النصف الثاني".

اقرأ أيضاً تونس: جدل مبكر حول مواعيد الانتخابات المحليّة

وحول ما تمّ تداوله من أخبار حول زيارة قريبة سيقوم بها الغنوشي إلى إيران، نفت الحركة في بيان رسمي، أن "تكون الزيارة متعلّقة بالأسرى المحتجزين في سورية". وتشدّد الحركة أن "هذا الموضوع يهم الحكومة التونسية، وليس لحركة النهضة أي دخل فيه. ولا توجد وساطة من إيران ولم نطلب وساطة من أحد في موضوع الشباب التونسي، المُحتجز في السجون السورية بتهمة الإرهاب".

غير أن هذا التكذيب لا ينفي وجود دعوة رسمية من إيران والمرشد علي خامنئي، للغنوشي، قدّمها له وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في زيارته الأخيرة إلى تونس، وفق معلومات "العربي الجديد". أما العلاقة بين تونس والإمارات فتبدو أكثر إثارة للسجال، بسبب توتر العلاقات بينهما، وبدء مرحلة إصلاحها عبر زيارة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، إلى دبي، حيث استُقبل بحفاوة بالغة.

وحضرت "حركة النهضة" في هذا الملف، خصوصاً أنها أحد أطراف الائتلاف الحاكم، وهو ما يُعتبر أحد الأسباب في توتير العلاقات، غير أن الحركة نفت ذلك، على لسان أحد قيادييها البارزين عبد اللطيف المكي. ويُشدد المكي في تصريحاتٍ صحافية أن "هناك اتصالات هادئة ورصينة تتم بين قيادات من ‫النهضة‬ ومسؤولين رفيعي المستوى بدولة ‫الإمارات،‬ لشرح المواقف ولإشاعة مناخ من الطمأنينة لدى الطرفين". ويعترض على تفسير الأزمة بين تونس والإمارات، بأنها "بسبب وجود النهضة في الائتلاف الحاكم".

ويقول إن "حركة النهضة لها من الحكمة والرصانة، ما يمنعها من الوقوع في أي مطبّ مع أي دولة عربية أو مع أي جهة". ويشير كذلك إلى "وجود أحاديث آنية، قد تكون السبب في توتر العلاقات بين البلدين"، مضيفاً بأن "تفسير الأزمة اليوم، يقع على عاتق الأوضاع الحالية، لا إلى وجود النهضة في الائتلاف".

وفي مسار مواز نشرت "النهضة" تعزية مطولة لحاكم دبي في وفاة نجله على صفحتها الرسمية، وهو ما يؤكد ما كانت أشارت إليه "العربي الجديد"، من محاولة إقناع الإمارات بالوضع التونسي الجديد وبالتجربة التي فرضتها سياقات الظروف السياسية التونسية الخاصة.

اقرأ أيضاً تونس: هشاشة الائتلاف الحاكم والمعارضة تعزز دور السبسي
المساهمون