صورة إيلا طنّوس

13 يونيو 2015
الطفلة مع والديها واختها قبل العملية وبعدها (عن الانترنت)
+ الخط -
قيلَ، إن الطبيب عصام معلوف أهمل الطفلة إيلا طنوس، حتى بترت أطرافها الأربعة. وحدثَ أن أعلن المدعي العام التمييزي القاضي، سمير حمود، أن معلوف اعترف خلال التحقيق معه بالخطأ في تشخيص الوضع الطبي للطفلة، وقد أوقف على هذا الأساس. حدث، أيضاً، أن قرر قاضي التحقيق في بيروت، جورج رزق، الإفراج عن الطبيب في مقابل كفالة مالية قدرها مائة مليون ليرة، وتعيين لجنة طبية لدراسة الملف.

مُعطيات من هنا وهناك تبدو أقرب إلى "القيل والقال". حتى المؤتمر الصحافي الذي عقده نقيب الأطباء، أنطوان البستاني، وبرّأ فيه معلوف، كانَ أشبه بمسرحية. فيها، يبدو الأطباء معصومين عن المحاسبة، قبلَ الخطأ. وفي حال أوقف أحدهم، يُضرب الأطباء عن العمل.

خلال الحديث عن إيلا، كانت صورتها هي الأساس بعدما باتت طفلة من دون أطراف. تصوّرها وسائل الإعلام. وفي الصور، تضحك غالباً. لا تعرف بعد ما حدث لها. بعد قليل، نصير أمامَ طفلةٍ و"وحش" حتى قبلَ انتهاء المحاكمة. قد يكون معلوف مذنباً وقد يكون بريئاً. لكن المجتمع تطرّف في محاكمته ونقابة الأطباء تطرّفت في الدفاع عنه، مستندة إلى التحقيق الذي أجرته.

هذه المرة، فجّرت صورة إيلا ومجرّد تخيّل شكل مستقبلها العلاقة المضطربة بين اللبنانيين وأطبائهم. وليس هذا شكاً في مهنيتهم أو إنسانيتهم، بل تأكيداً أن أحداً منهم ليس معصوماً عن الخطأ.

ربّما يصادف أن يعاني طبيبٌ من الأرق في ليلة ما، ويفقد التركيز خلال إحدى العمليات في اليوم الثاني. أحياناً يكون قلقاً على أطفاله أو يواجه مشكلة عائلية. كل هذا مقبول. حتى الخطأ ربما يكون مقبولاً (في حال لم يكن مقصوداً)، لو اعترف به. ربما يكون معلوف بريئاً، لكن عدداً كبيراً من اللبنانيين سيرفض تصديق الأمر. والتاريخ شاهد هنا على عدم محاكمة الأطباء (غالباً). في كل بيت، ستجد قصة عن إغلاق النقابة الدعاوى التي يرفعها مواطنون ضد أطباء، حفاظاً على هذا الجسم الذي لن يشيخ. أحياناً، يشهد أطباء لصالح المرضى قبل أن يغيروا أقوالهم خلال التحقيق.

هذه القصص حدثت كثيراً وستحدث. كما أن دعوة النقابة أطباءها إلى التوقف عن العمل إلى حين الإفراج عن معلوف لا تدلّ على تضامن هذا الجسم مع بعضه بعضاً، بل يجعلها تبدو كـ "طائفة" ذات نفوذ أكثر منها نقابة. ماذا لو تعرّض طفل آخر لمشكلة صحية؟ هل يجيب طبيبه أنه متضامن مع زميله؟

غسلُ القلوب يُريحها، وإن كان لن يعيد الزمن إلى ما قبل وقوع الحوادث. لكنه تجسيد للإنسانية. يخطئ الأطباء ويخطئ المرضى. لكن الفريق الأول يسكن السماء، والثاني يسكن الأرض.

إقرأ أيضاً: "أطباء لبنان" تعلّق العمل تضامناً مع طبيب موقوف
المساهمون