صندوق دول بريكس ينتظر 100 مليار دولار

07 مايو 2015
آمال روسية في إنشاء هيكل مالي عالمي جديد(Getty)
+ الخط -
في الثاني من مايو/أيار الجاري، صادق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الرئيس الحالي لمجموعة بريكس، على اتفاقية إنشاء صندوق عملات افتراضية احتياطية لبلدان بريكس، وتم الاتفاق على أن يكون رأسمال الصندوق أو البنك 100 مليار دولار، المساهمة الأكبر فيه ستكون للصين، صاحبة أكبر الاقتصادات في المجموعة، وستبلغ 41 مليار دولار، والمساهمة الأصغر لجنوب أفريقيا، وستبلغ 5 مليارات دولار، في حين سيساهم كل من البرازيل والهند وروسيا بحصص متساوية تبلغ الواحدة منها 18 مليار دولار.
وبريكس BRICS تجمع للدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وعقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع الأولى بروسيا في يونيو/حزيران 2009 حيث تم الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية، وانضمت جنوب أفريقيا إلى المجموعة في 2010.
ومن المتوقع بحلول 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حاليا حسب مجموعة غولدمان ساكس المصرفية العالمية.

بنك مؤازرة أم ماذا؟

ينص الاتفاق الخاص بإنشاء بنك بريكس على حق كل من الدول الأعضاء في اللجوء إلى الأعضاء الآخرين في أي وقت بطلب الحصول على موارد مالية. وحدد قانون البنك حجم المساعدة وربطه بحجم المساهمة في رأسمال صندوقه، من خلال مُعامل إقراض هو بالنسبة للصين (0.5) ولجنوب أفريقيا (2) وللهند والبرازيل وروسيا (1).
وهكذا، فالصين، مثلا، يمكن أن تقترض ما يعادل نصف مساهمتها في احتياطات البنك (أي 20.5 مليار دولار)، بينما يمكن لجنوب أفريقيا أن تقترض ضعفي مساهمتها ( أي 10 مليارات دولار)، فيما يمكن لبقية الدول، أي البرازيل وروسيا والهند، اقتراض ما يساوي رقم مساهمتها في صندوق البنك (أي 18 مليار دولار لكل منها).
وانتقلت رئاسة بريكس إلى روسيا في الأول من أبريل/نيسان الماضي.
ووفقا لوزارة الخارجية الروسية فإن من أهم أهداف هذه المرحلة تحويل اتفاقية إنشاء مؤسسات مالية خاصة بالمجموعة إلى واقع، وبخاصة بنك التنمية الجديد، وصندوق العملات الاحتياطية، وأن استراتيجية الشراكة الاقتصادية حتى العام 2020، التي طرحتها روسيا أثناء قمة المجموعة، في  سنة 2014، سوف تشكل نقطة اهتداء لنشاط مؤسسات بريكس المالية، كما تقول الوزارة.
ووضعت خارطة طريق للتعاون الاستثماري تتضمن حوالي 40 مشروعا في مجالات مختلفة، بما في ذلك التقنيات المتطورة. وهناك على وجه الخصوص اقتراح بتأسيس جمعية للطاقة في بلدان بريكس، وأن يتم على خلفيتها إنشاء بنك احتياطي للوقود ومعهد لسياسات بريكس الطاقية.

سوق كبيرة وإنتاج

تعادل المساحة الإجمالية لبلدان بريكس 26% من مساحة العالم، وعدد سكان هذه الدول 42% من سكان الأرض وحصة بلدان بريكس في التجارة العالمية 16.1%، سنة 2013، فيما شكل إنفاقها العسكري 10.8% من نفقات التسليح العالمية، أما إنتاجها من الطاقة التقليدية فبلغ 40.2% من إجمالي إنتاج الطاقة التقليدية.
ووفقا للتقديرات الروسية المنشورة على موقع "روسبالت.رو" فإن التبادل التجاري في إطار مجموعة بريكس تضاعف في السنوات الخمس الأخيرة.
وتقول التقديرات إن معدلات النمو السنوية، على الرغم من الأزمة الاقتصادية الأخيرة، يمكن أن تتراوح بين 5 و10% في دول بريكس.
وكانت إدارة البحوث الاقتصادية بوزارة الزراعة الأميركية قد نشرت في أبريل/نيسان الفائت دراسة عن نمو إجمالي الناتج المحلي المحتمل في العالم. ووفقا لتقديرات الخبراء، فإن أميركا ستحافظ على صدارتها بناتج 24.8 تريليون دولار، ولكن ذلك سيتزامن مع تراجع حصتها من إجمالي الناتج العالمي من 23 إلى 20%.
أما المرتبة الثانية، وفق هذه الدراسة، فتحتلها الصين، بناتج 22.2 تريليون دولار، ثم 6.6 تريليونات دولار. ووفقا لتقديرات صندوق النقد فإن الهند ستمتلك أكبر قوة إنتاج عالمية في السنوات الـ15 القادمة.
أما بخصوص موقع روسيا فتشير الدراسة إلى أنها ستتقدم إلى المرتبة العاشرة عالمياً بحلول 2030، بمؤشر إجمالي ناتج يعادل 2.4 تريليون دولار.

وتفيد معطيات موقع "توب.آر بي كا. رو" الذي استعرض هذه البيانات بأن تراجع الاقتصاد الروسي سوف يتوقف في 2017، وأنه سيعاود النمو بدءا من 2018 بمعدلات لا تقل عن 3%.

بريكس والبنك الدولي تنافس أم تكامل؟

للإجابة عن السؤال المطروح نقلت وكالة "ريجينيوم" عن نائب وزير المالية الروسي، سيرغي ستروتشاك، قوله عن صندوق بريكس لاحتياطي العملات: "إنه وسادة أمان دولية، يمكن مقارنتها بطريقة ما بوسادات الأمان التي شكلتها روسيا داخل البلاد، وهي صندوق الاحتياطي وصندوق الضمان الاجتماعي الوطني. وهنا، يتم تشكيل وسادة أمان على مستوى الدول الخمس التي وافقت على دعم بعضها البعض، في حال لم تكف لسبب ما الاحتياطيات الوطنية من النقد الأجنبي". وأكد ستروتشاك أن صندوق العملات ليس "حصّالة" و"لا صندوقا لتبادل المعونات".
كما نقلت صحيفة "كوميرسانت" تعليق المحلل في شركة "ألفا- فوريكس"، أندريه ديرغين، بالقول: "بنك بريكس، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، يمكن أن يصبحا شيئاً ما شبيها بالبنك الدولي: فالبنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية سوف يتولى مشاريع التنمية، في حين إن بنك بريكس سيكون على الأرجح نظيرا لصندوق النقد، وعلى وجه التحديد للبلدان الداخلة في هذا الاتحاد".
والحديث يدور عن إقراض مباشر لمشاريع مختلفة، وليس فقط مشاريع التنمية"، بينما يرى الاقتصادي في "دوتشي بنك" في روسيا، ياروسلاف ليسوفوليك، أن "بنك بريكس ينافس، من جهة، منظمات مثل البنك الدولي إلا أنه، من جهة أخرى، يمكن أن يصبح جزءا من البنية المالية العالمية مما يجعله مكملا للبنك الدولي".
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة في روسيا الاتحادية سيرغي كاتيرين، إنّ "إنشاء بنك التنمية لبلدان بريكس يمكن أن يكون بداية لإنشاء هيكل مالي جديد في العالم". وأضاف: "إنها لحظة شديدة المبدئية، حين تبدأ اقتصادات كبرى معا بتطوير هكذا مؤسسات. ومن شأن قمة بريكس القادمة في مدينة أوفا (روسيا) أن تحل جميع المسائل، وتبدأ الحركة بما في ذلك نحو التمويل".
وهكذا، فإن روسيا تعلق آمالا كبيرة على بريكس طمعا بأن يتحول الشركاء الاقتصاديون بحكم التحديات المشتركة التي سيواجهونها إلى حلفاء سياسيين وإن بصورة غير معلنة، نحو قطب جديد وازن اقتصادياً وسكّانياً.

اقرأ أيضا: الصين تقود حملة دولية للإطاحة بالنظام المالي العالمي
المساهمون