صناديق الرصاص بديلة عن صناديق الاقتراع

01 يونيو 2014
+ الخط -
لم يكن، في مصر، حسم صناديق الاقتراع للصراع السياسي، ليرضي جميع الأطراف، لذلك قررّ الطرف المنهزم دعوة صناديق الرصاص للتدخّل، وإزاحة خصم سياسي، فالديمقراطية لن أقبلها ما لم أكن فائزاَ. بهذا المنطق، تفكّر القوى الداعمة للانقلاب العسكري. أرادت قوى عربية ودوليّة استنساخ هذه التجربة في ليبيا، فضخّت لأجلها المال، وحرّكت خليفة حفتر، أحد أكثر القادة العسكريين فشلاً في تاريخ ليبيا، ليقوم بما قام به عبد الفتاح السيسي في مصر، لكن، فاتهم أن سلاح الثوّار لازال مشهراً في وجه أعداء الثورة ولولاه لذبحت مليشيات حفتر الثوّار كالخراف، كما فعلت مليشيات السيسي من قبل مع ثوّار مصر. أمّا في تونس، فالأمر يختلف شكلاً، ويتطابق مضموناً مع ما حصل في أمّ الدنيا، فالانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع، تمّ بطريقة ناعمة، حيث أُخْرِجَتْ الأحزاب التي انتخبها الشعب من السلطة، ونُصّبَتْ حكومة لا سند شعبياً لها سوى أنّها جاءت نتيجة بيع مشروط بين من تخلّى عن الثورة ودماء الشهداء، ومن وافق على اقتسام الكعكة التي طالما أكلها منفرداً، الثورة مقابل نصيب من السلطة.
نجحت الصفقة، وجاءت حكومة المهمّات المحددة لتستكمل عناصر الانقلاب على الثورة، مصر وليبيا وتونس أصبحت ساحات للصراع والمواجهة، حيث بدت المعركة واضحة أكثر من قبل، وإن كانت موازين القوى تختلف من وطن إلى آخر بين الفريقين المتصارعين، طلاّب الحريّة وطلاّب العبوديّة. الفريق الأوّل يدعو لاحترام نتائج الانتخابات، أمّا الثاني فيرى أن الديمقراطية خارج الصناديق طعمها أحلى. كلّ تحرّكه إيديولوجيا، ولا تقولوا إنّ زمن الإيديولوجيات انتهى. كلّ منهما لن يسلم للآخر، لن تنتهي المعركة قبل زوال أحد الأطراف، أو على الأقلّ تسليمه بالهزيمة.
ربّما كان على الثوّار أنّ لا يستمعوا لفتاوى التصالح، تحت عنوان المصلحة الوطنيّة العليا، فالتسامح والمسامحة والعفو عند المقدرة، وعفا الله عمّا سلف، مشاعر نبيلة، لكنّها ليست دينا حتّى نقدّسها، وتصبح هي المبدأ، فالقصاص، أيضاً، هو شرعة الله، كما العفو. أمّا بالنسبة للّيبيين فاتركوهم وشأنهم، ووفّروا نصائحكم لهم بضرورة الحوار الذي ضيّعتم بها الثورة في تونس. أتركوهم يحسموها بمعرفتهم. كلّ النّاس في ليبيا بسلاحها، والساحات ستحدد من سيبقى، وليست قاعات النزل الفخمة، فلا تركنوا لحفتر، ولا تحاوروه و لا تلقوا سلاحكم، فالثورات لا تحميها الصدور العارية والظهور المكشوفة، فحين تموت وبندقيتك على كتفك أفضل من أنّ تذبح مثل الشاة، فتحيّة للبنادق الثائرة في سوريا وفي فلسطين.

 
avata
avata
الناصر الرقيق (تونس)
الناصر الرقيق (تونس)