تشي معطيات سياسية وميدانية عديدة، بأن تقدّم قوات النظام السوري المدعومة من روسيا في ريف حماة الشمالي وعلى تخوم إدلب، يأتي بتنسيق بين موسكو وأنقرة، تجلّت أبرز مؤشراته بالصمت التركي الكامل عن قصف النظام وموسكو ريفي حماة وإدلب وتقدّم قواتهما في المنطقة، إضافة إلى عدم تدخّل نقاط المراقبة التركية في المنطقة القريبة من الجبهات الساخنة في المعارك الحاصلة، بالتوازي مع حديث روسي عن تنسيق مع تركيا تجاه التطورات في إدلب ومحيطها، وهو ما يعيد ترجيح تسريبات تحدثت عن اتفاق غير معلن بين تركيا وروسيا، يستعيد بموجبه النظام بدعم روسي مناطق في إدلب، ويقوم بالهجوم على الجماعات المتشددة التي فشلت أنقرة في احتوائها، في مقابل تمدد تركيا في تل رفعت، وانتزاع منطقة جديدة من أيدي "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
وفي ظل هذه المعطيات، كانت قوات النظام السوري تحقق أمس المزيد من التقدّم على الأرض في ريف حماة الشمالي، مسيطرة على مناطق مهمة أبرزها قلعة المضيق، التي تُعتبر بوابة سهل الغاب، وذلك على غرار سيناريوهات سابقة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ودرعا في الجنوب السوري، ومن دون قتال يذكر. في موازاة ذلك، ارتفع عدد النازحين الفارّين من القصف إلى نحو 300 ألف نازح خلال الأيام الأخيرة، وفق تقديرات مختلفة. ويفترش كثير من هؤلاء النازحين الأراضي الزراعية في ريف حماة الشمالي وريف حماة الجنوبي، فضلاً عن آلاف شقوا طريقهم إلى المناطق الشمالية في محافظة إدلب.
وفي ظل التصعيد الميداني، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً اليوم الجمعة لبحث المستجدات في إدلب، وذلك بناءً على طلب من الكويت وبلجيكا وألمانيا. ويفترض أن يقدّم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلال الجلسة، إحاطة حول الوضع في إدلب في ضوء التطورات الأخيرة.
وفي التطورات أمس، قالت مصادر محلية إن فصائل المعارضة انسحبت من مناطق قلعة المضيق، ومنطقة الكركات، وتل هواش، ومنطقة الشيخ إدريس، في ريف حماة الشمالي الغربي، بدعوى أنها ساقطة عسكرياً ولا يمكن الدفاع عنها. وأكد مصدر عسكري محلي لـ"العربي الجديد" أن هذه المناطق سيطر عليها النظام من دون قتال يُذكر، وسط معلومات عن تقدّم قوات النظام للسيطرة أيضاً على منطقتي الشريعة والتوينة اللتين باتتا محاصرتين من كل الجهات. ولفت المصدر إلى أن الفصائل التي كانت تسيطر على قلعة المضيق هي "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، و"الجبهة الوطنية للتحرير".
جاء ذلك بعد يومين من سيطرة النظام على تل عثمان وقرية الجنابرة، ومن ثم سيطرته على بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي، إثر اشتباكات مع قوات المعارضة. وتمثّل بلدة قلعة المضيق بوابة سهل الغاب، وتعتبر الخزان الزراعي والتجاري الذي ترتكز عليه قرى ريف حماة الأخرى. وتعد بالنسبة للقرى المحيطة بها ومجمل مناطق الشمال السوري خارج سلطة قوات النظام، معبراً يوازي معبر باب الهوى مع الأراضي التركية، فهي نقطة وصل على طريق التجارة والسفر الذي فرضته سنوات الحرب. وعلى مدار السنوات الماضية كانت قلعة المضيق تخضع لسيطرة الفصائل العسكرية، ما عدا قلعتها الأثرية الواقعة على تلة كبيرة في الجهة الجنوبية، وبقيت بيد النظام، وكان يقوم من خلالها بعمليات الاستطلاع والرصد.
اقــرأ أيضاً
في غضون ذلك، واصلت قوات النظام، بمشاركة من الطيران الحربي الروسي، قصف مناطق في شمالي محافظة حماة وريف إدلب الجنوبي ولو بوتيرة أخفّ من الأيام السابقة. واستهدف القصف بشكل خاص مدينة خان شيخون وبلدة الهبيط، إضافة إلى مناطق سرجة ومدايا وركايا في ريف إدلب الجنوبي، التي ألقيت عليها أيضاً براميل متفجرة من قِبل مروحيات النظام السوري. وقال مركز إدلب الإعلامي، إن مدنيين اثنين قُتلا فجر أمس وأصيب آخرون نتيجة استهداف الطيران الروسي بلدة جوزف جنوب إدلب بالصواريخ، فيما قال الدفاع المدني في إدلب إن غارات أخرى استهدفت بالصواريخ المتفجرة منازل المدنيين في قرية بزابور جنوب مدينة أريحا.
وبالتوازي مع التقدّم في ريف حماة باتجاه قلعة المضيق وجوارها، تعمل قوات النظام على تحقيق اختراق أيضاً باتجاه الهبيط، كخطوة أولى على طريق محاولة التقدّم نحو خان شيخون شرقاً، وبهدف عزل جيب كامل يضمّ بلدات مورك واللطامنة وكفرزيتا. كما فتحت قوات النظام جبهة جديدة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وسط أنباء عن تمكنها من السيطرة على منطقة جرف الصخر التي تعتبر أعلى نقاط جبل الزويقات، مركّزة القصف الجوي والمدفعي على التلال المحيطة ببلدة كبانة، تحضيراً لعملية برّية تستهدف السيطرة عليها، في إطار خطط النظام للوصول إلى جسر الشغور في ريف إدلب الغربي والتي تملك موقعاً استراتيجياً، لقربها من أطراف سهل الغاب.
وقال قيادي بارز في الجيش الحر في ريف حماة الشمالي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن تقدّم قوات النظام باتجاه مناطق سيطرة المعارضة جاء بعد قصف شديد واتّباع سياسة الأرض المحروقة، مشيراً إلى أن القصف بالطيران والصواريخ خلال الـ 24 ساعة الماضية اشتمل على ألفي صاروخ "غراد" حسب التنصت على النظام.
ورداً على سؤال حول عملية تسليم قلعة المضيق وجوارها بلا قتال، قال القيادي إن ذلك يتم بتوافق روسي - تركي - دولي، معتبراً أن من يسيطر على قلعة المضيق يسيطر على منطقة الغاب كلها. ولاحظ القيادي أن قوات النظام تعتمد في عملياتها الحالية على خطط مشابهة سبق أن طبّقتها في محيط دمشق وجنوب سورية، وفي معارك شرقي السكة في ريف إدلب الشرقي عام 2018، إذ يتم استهداف بعض المناطق بالقصف التدميري المركّز قبل اجتياحها براً، أو التفاوض على تسليمها مقابل إنهاء القصف. وأشار إلى أن ما تسمى "قوات النمر" التابعة للعميد في قوات النظام سهيل الحسن تقوم بالهجوم، بينما تتولى مجموعات "الفيلق الخامس" الأقل كفاءة إمساك المناطق الجديدة التي يتم السيطرة عليها وتمشيطها.
وبشأن نشاط نقطتَي المراقبة التركية الأقرب إلى الجبهات الساخنة في مورك وشير مغار، لاحظ مراقبون أنه لم يطرأ أي تغيير يُذكر عليهما، خلافاً لتكهنات سابقة بين أوساط المعارضة بأنه سيكون لهما دور في لجم التصعيد في محيطها. وكان الجيش التركي قد دفع قبل يومين بتعزيزات عسكرية إلى نقاط المراقبة المنتشرة في إدلب، فدخل رتل عسكري فجر الأربعاء إلى الأراضي السورية عبر معبر كفرلوسين الحدودي شمال إدلب باتجاه نقاط المراقبة التركية، وهو يضم أكثر من 50 عربة عسكرية مدرعة، توزعت على نقاط المراقبة في تل العيس في ريف حلب الجنوبي وتل الطوقان والصرمان في ريف إدلب الشرقي.
وفي مؤشر على صحة التوقعات، أعلنت روسيا أن قصفها والنظام على محافظة إدلب سيستمر بالتنسيق مع تركيا، وذلك رداً على ما وصفتها بـ"الهجمات الإرهابية". وقال نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين، في تصريحات أمس الخميس، حول استمرار عمليات القصف على إدلب: "الآن يدور الحديث عن ردة الفعل على هجمات الإرهابيين المسلحين في مدينة إدلب، ونحن ننسق مع الجانب السوري في هذا الموضوع للرد على الهجمات بطريقة مناسبة". وأضاف: "كما نقوم بالتنسيق مع الجانب التركي في هذه القضية وخصوصاً في ما يتعلق بتنفيذ مذكرة 17 سبتمبر/ أيلول الماضي".
ولم تدل تركيا حتى الآن بأي تعليق على القصف والمعارك التي تشهدها إدلب ومحيطها. وكان نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، أعلن الأحد الماضي، أن مسؤولين أتراكاً وروساً يراجعون انتشار قوات البلدين في منطقة تل رفعت الحدودية السورية.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، هدد الأربعاء "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بردّ قوي، نتيجة قصفها قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية. وقال في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، إن الهيئة قصفت في الآونة الأخيرة القاعدة العسكرية الروسية الجوية في حميميم، و"بالطبع تلقوا الرد وسوف يتلقون رداً"، مشدداً على ضرورة "اقتلاع هذا التنظيم الإرهابي".
وفي ظل التصعيد الميداني، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً اليوم الجمعة لبحث المستجدات في إدلب، وذلك بناءً على طلب من الكويت وبلجيكا وألمانيا. ويفترض أن يقدّم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلال الجلسة، إحاطة حول الوضع في إدلب في ضوء التطورات الأخيرة.
وفي التطورات أمس، قالت مصادر محلية إن فصائل المعارضة انسحبت من مناطق قلعة المضيق، ومنطقة الكركات، وتل هواش، ومنطقة الشيخ إدريس، في ريف حماة الشمالي الغربي، بدعوى أنها ساقطة عسكرياً ولا يمكن الدفاع عنها. وأكد مصدر عسكري محلي لـ"العربي الجديد" أن هذه المناطق سيطر عليها النظام من دون قتال يُذكر، وسط معلومات عن تقدّم قوات النظام للسيطرة أيضاً على منطقتي الشريعة والتوينة اللتين باتتا محاصرتين من كل الجهات. ولفت المصدر إلى أن الفصائل التي كانت تسيطر على قلعة المضيق هي "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، و"الجبهة الوطنية للتحرير".
جاء ذلك بعد يومين من سيطرة النظام على تل عثمان وقرية الجنابرة، ومن ثم سيطرته على بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي، إثر اشتباكات مع قوات المعارضة. وتمثّل بلدة قلعة المضيق بوابة سهل الغاب، وتعتبر الخزان الزراعي والتجاري الذي ترتكز عليه قرى ريف حماة الأخرى. وتعد بالنسبة للقرى المحيطة بها ومجمل مناطق الشمال السوري خارج سلطة قوات النظام، معبراً يوازي معبر باب الهوى مع الأراضي التركية، فهي نقطة وصل على طريق التجارة والسفر الذي فرضته سنوات الحرب. وعلى مدار السنوات الماضية كانت قلعة المضيق تخضع لسيطرة الفصائل العسكرية، ما عدا قلعتها الأثرية الواقعة على تلة كبيرة في الجهة الجنوبية، وبقيت بيد النظام، وكان يقوم من خلالها بعمليات الاستطلاع والرصد.
في غضون ذلك، واصلت قوات النظام، بمشاركة من الطيران الحربي الروسي، قصف مناطق في شمالي محافظة حماة وريف إدلب الجنوبي ولو بوتيرة أخفّ من الأيام السابقة. واستهدف القصف بشكل خاص مدينة خان شيخون وبلدة الهبيط، إضافة إلى مناطق سرجة ومدايا وركايا في ريف إدلب الجنوبي، التي ألقيت عليها أيضاً براميل متفجرة من قِبل مروحيات النظام السوري. وقال مركز إدلب الإعلامي، إن مدنيين اثنين قُتلا فجر أمس وأصيب آخرون نتيجة استهداف الطيران الروسي بلدة جوزف جنوب إدلب بالصواريخ، فيما قال الدفاع المدني في إدلب إن غارات أخرى استهدفت بالصواريخ المتفجرة منازل المدنيين في قرية بزابور جنوب مدينة أريحا.
وبالتوازي مع التقدّم في ريف حماة باتجاه قلعة المضيق وجوارها، تعمل قوات النظام على تحقيق اختراق أيضاً باتجاه الهبيط، كخطوة أولى على طريق محاولة التقدّم نحو خان شيخون شرقاً، وبهدف عزل جيب كامل يضمّ بلدات مورك واللطامنة وكفرزيتا. كما فتحت قوات النظام جبهة جديدة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وسط أنباء عن تمكنها من السيطرة على منطقة جرف الصخر التي تعتبر أعلى نقاط جبل الزويقات، مركّزة القصف الجوي والمدفعي على التلال المحيطة ببلدة كبانة، تحضيراً لعملية برّية تستهدف السيطرة عليها، في إطار خطط النظام للوصول إلى جسر الشغور في ريف إدلب الغربي والتي تملك موقعاً استراتيجياً، لقربها من أطراف سهل الغاب.
وقال قيادي بارز في الجيش الحر في ريف حماة الشمالي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن تقدّم قوات النظام باتجاه مناطق سيطرة المعارضة جاء بعد قصف شديد واتّباع سياسة الأرض المحروقة، مشيراً إلى أن القصف بالطيران والصواريخ خلال الـ 24 ساعة الماضية اشتمل على ألفي صاروخ "غراد" حسب التنصت على النظام.
ورداً على سؤال حول عملية تسليم قلعة المضيق وجوارها بلا قتال، قال القيادي إن ذلك يتم بتوافق روسي - تركي - دولي، معتبراً أن من يسيطر على قلعة المضيق يسيطر على منطقة الغاب كلها. ولاحظ القيادي أن قوات النظام تعتمد في عملياتها الحالية على خطط مشابهة سبق أن طبّقتها في محيط دمشق وجنوب سورية، وفي معارك شرقي السكة في ريف إدلب الشرقي عام 2018، إذ يتم استهداف بعض المناطق بالقصف التدميري المركّز قبل اجتياحها براً، أو التفاوض على تسليمها مقابل إنهاء القصف. وأشار إلى أن ما تسمى "قوات النمر" التابعة للعميد في قوات النظام سهيل الحسن تقوم بالهجوم، بينما تتولى مجموعات "الفيلق الخامس" الأقل كفاءة إمساك المناطق الجديدة التي يتم السيطرة عليها وتمشيطها.
وبشأن نشاط نقطتَي المراقبة التركية الأقرب إلى الجبهات الساخنة في مورك وشير مغار، لاحظ مراقبون أنه لم يطرأ أي تغيير يُذكر عليهما، خلافاً لتكهنات سابقة بين أوساط المعارضة بأنه سيكون لهما دور في لجم التصعيد في محيطها. وكان الجيش التركي قد دفع قبل يومين بتعزيزات عسكرية إلى نقاط المراقبة المنتشرة في إدلب، فدخل رتل عسكري فجر الأربعاء إلى الأراضي السورية عبر معبر كفرلوسين الحدودي شمال إدلب باتجاه نقاط المراقبة التركية، وهو يضم أكثر من 50 عربة عسكرية مدرعة، توزعت على نقاط المراقبة في تل العيس في ريف حلب الجنوبي وتل الطوقان والصرمان في ريف إدلب الشرقي.
ولم تدل تركيا حتى الآن بأي تعليق على القصف والمعارك التي تشهدها إدلب ومحيطها. وكان نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، أعلن الأحد الماضي، أن مسؤولين أتراكاً وروساً يراجعون انتشار قوات البلدين في منطقة تل رفعت الحدودية السورية.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، هدد الأربعاء "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بردّ قوي، نتيجة قصفها قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية. وقال في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، إن الهيئة قصفت في الآونة الأخيرة القاعدة العسكرية الروسية الجوية في حميميم، و"بالطبع تلقوا الرد وسوف يتلقون رداً"، مشدداً على ضرورة "اقتلاع هذا التنظيم الإرهابي".