صفقة السلاح الايراني للعراق: بغداد تنفي والمعطيات تؤكّد

26 فبراير 2014
أسلحة إيرانية في الفلوجة
+ الخط -

 

شهدت بغداد، أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء، تضارباً في التصريحات والروايات الرسمية حول صفقة الأسلحة المقرر أن توقعها السلطات العراقية مع إيران؛ ففي الوقت الذي نفت فيه وزارة الدفاع، رسمياً، توقيع أي صفقة، بعد الانذار الذي تلقّته من وزارة الخارجية الأميركية، حصل "العربي الجديد" على صور لأسلحة ايرانية في الفلوجة والأنبار. واللافت أن بعض مساعدي رئيس الحكومة نوري المالكي، منهم رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حسن السنيد، أكّدوا بالفعل حصول "صفقة أسلحة خفيفة" مع إيران. 

وقالت وزارة الدفاع العراقية في بيان، ليل أمس الثلاثاء، إنه لم يتم توقيع أي عقد مع أي شركة إيرانية لتوريد أسلحة إلى العراق، معتبرة أن "الموضوع استغل سياسياً وإعلامياً، وهو غير صحيح". وأوضحت الوزارة أنه بناءً على حاجة القوات المسلحة إلى بعض العتاد للأسلحة الخفيفة ومعدات الرؤية الليلية لسد نقص بعض الوحدات تم استدراج عروض شركات دولية عديدة منها بلغاريا والجيك وبولونيا وصربيا والصين وأوكرانيا وباكستان وغيرها، وقد قدّمت تلك الشركات عروضها التسعيرية وجداول للتجهيز، وقد قدمت هيئة الصناعات الدفاعية الإيرانية عروضها أيضاً مع تلك الشركات، إلا أن المفاضلة كانت لصالح شركات أخرى ولم يتم توقيع أي عقد مع الشركة الإيرانية.

 

إلا أن بيان وزارة الدفاع العراقية سرعان ما تعرض لطعون من شخصيات مقرّبة من رئيس الحكومة، نوري المالكي، إذ كشف رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حسن السنيد، في مؤتمر صحافي عقد في مبنى البرلمان، عن وجود "عقود وصفقات صغيرة مع شركات إيرانية لتوريد ذخائر وأسلحة خفيفة ساندة لقوات الجيش".

وأوضح السنيد أن الصفقة أبرمت مع إيران قبل مدة، وهي عبارة عن أسلحة خفيفة وذخائر لتلك الأسلحة، وتم التعامل مع إيران باعتبارها دولة جارة للعراق وللبلدين مصالح في شتى المجالات، مضيفاً أن من حق العراق أن ينوّع مصادر أسلحته ضمن حربه على الإرهاب.

من جهته، أبدى ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان شوان طه استغرابه لنفي الوزارة وتأكيد رئيس لجنة الأمن والدفاع واعتبره "أمراً غير منطقي". وقال طه لـ"العربي الجديد"، إن تلك الصفقة "تشوبها ضبابية كبيرة، ولا توجد شفافية لدى رئيس الوزراء أو المقربين منه للكشف عنها"، متوّقعاً أن تتأثر العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق خلال الأيام المقبلة في حال حصلت الصفقة. وأشار إلى أن العراق سيكون برمته في موقف محرج جدا ولن يكسب ثقة المجتمع الدولي مجدداً.

 

نفي عراقي رسمي صدر بعدما أشار المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، أمس الثلاثاء، إلى أن الادارة الأميركية أعربت عن قلقها "على أعلى المستويات" لدى الحكومة العراقية بشأن تقارير عن صفقة الأسلحة بين العراق وإيران، محذراً من أن خطوة مماثلة ستُعَد "خرقاً للقانون الدولي وقد تهدد التعاون بين البلدين".

وفي السياق، لفت نائب رئيس الحكومة العراقية لشؤون الخدمات، صالح المطلك، إلى أن الموضوع يحتاج إلى مكاشفة سريعة مع الشعب العراقي ومع المجتمع الدولي. وأوضح المطلك، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن العراق يمرّ في فترة حساسة تتطلب منه الحفاظ على تعاطف الدول معه لا استعداءها، ومثل تلك الصفقة تعتبر تحدياً للمجتمع الدولي ولقرارات مجلس الأمن. ووصف رئيس الوزراء بأنّه الشخص الوحيد الذي يفكر ويقرر ويتخذ ما يراه، من دون معرفة مجلس الوزراء بالأمر إلا من خلال وسائل الإعلام. 

وتمكّن "العربي الجديد" من الحصول على صور لأسلحة إيرانية عثر عليها مواطنون عراقيون في الفلوجة ومحافطة الأنبار. وقال مواطنون من الفلوجة لمراسل "العربي الجديد"، إن أسلحة إيرانية استخدمت لضرب مدينتهم، وعُثر على أجزاء منها، فضلاً عن قذائف هاون مختلفة الأحجام.

 

ويشير المواطن سلام أحمد الخنجر (44 عاماً)، إلى أن "ضرب عراقيين من قبل عراقيين بأسلحة ايرانية تقتل أطفالاً ونساءً، أمر سيكون له تبعات كبيرة، تبدأ بالتوتر الطائفي بالعراق ولا تنتهي عند المساءلة القانونية للمالكي".

على صعيد متصل، أكّد أمير قبيلة جميلة، الشيخ رافع مشحن الجميلي، أن الثوار اعتقلوا جنوداً بحوزتهم أسلحة إيرانية خطيرة تحمل تاريخ صنع حديث يراوح بين العامين 2009 و2011.

وقال الجميلي، وهو زعيم ثوار العشائر في قضاء الكرمة، شرق الفلوجة، لـ"العربي الجديد": "نحن لا نتحدث عن قطعة سلاح أو ثلاثة، بل كميات كبيرة عثرنا عليها خلال أسرنا لجنود أو خلال اقتحامنا لثكنات ووحدات الجيش، وتأكدنا قبل أن نراها أن الجيش يملك أسلحة حديثة".