بعدما ارتفعت حدة الرسائل السلبية ما بين الصين وأميركا، عاد الهدوء ليسيطر على المحادثات بين عملاقي الاقتصاد العالمي. إلا أن العدائية التاريخية بين الطرفين لم تستكن، والتنافس الشديد على صدارة العالم ستستمر بطبيعة الحال، برغم المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، قبل أيام، والتي وصفها الزعيمان بـ"الإيجابية والودية"، والتي تؤسس لإعادة قطار العلاقات الثنائية إلى سكة التفاوض.
تخطي الخط الأحمر
إذ عقد ترامب مجموعة من اللقاءات مع زعماء الدول منذ توليه الرئاسة في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي. وأجرى أكثر من 20 اتصالاً هاتفياً بزعماء آخرين باستثناء شي. ما أثار "المخاوف" من الجانب الصيني، وفق ما أكدت الوكالة الرسمية الصينية للأنباء، من أن غياب الاتصال بين الزعيمين قد يؤدي إلى تجدد التوتر في العلاقات الصينية - الأميركية.
وقام ترامب منذ إطلاقه حملته الانتخابية بسلسلة من الأمور الاستفزازية للجانب الصيني. كان أبرزها وأكثرها تعميقاً للخلافات، تجاوزه الخط الأحمر الصيني قائلاً إنه سيعيد التفاوض في ما يتعلق بسياسة "الصين واحدة"، وجاء ذلك بعد محادثة هاتفية بينه وبين رئيسة تايوان تساي إينج وين، برغم اعتبار الصين الشعبية أن تايوان (التي تعتمد اسماً رسمياً وهو جمهورية الصين) إقليماً منشقاً لا حق له في إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع أي دولة أخرى.
وكذا هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية على الواردات الصينية. وأيضاً قال ترامب في برنامج المائة يوم الأولى الذي أعلنه على موقعه الإلكتروني، إنه سيعلن "الصين دولة متلاعبة بالعملة"، وهو ما سيعني فرض مجموعة من العقوبات التجارية ضد الصين.
اقــرأ أيضاً
حجم العلاقات الاقتصادية
إلا أن ترامب تراجع عن تهديده الأكبر، مشدداً على أن واشنطن ستظل متمسكة بسياسة "الصين واحدة". والرئيس الأميركي الذي يبالغ عادة في اختيار المصطلحات، قال بعد اتصاله الهاتفي الأخير بالرئيس الصيني، إن أميركا مستعدة للعمل على رفع العلاقات مع الصين "نحو مستوى لم يسبق له مثيل". ولم يكن هذا الاتصال هو الوحيد لترامب، فقد لحقه اتصال بعد يوم واحد، لتهنئة شي والشعب الصيني بالعام الصيني القمري الجديد.
وكانت تصريحات ترامب النارية ضد الصين تهدد علاقات دبلوماسية وتجارية استمرت 38 عاماً. ويقدر حجم اقتصاد الصين بـ10.1 تريليونات دولار، بينما يقدر حجم الاقتصاد الأميركي بحوالي 16.77 تريليون دولار.
وتضاعفت صادرات الولايات المتحدة للصين من البضائع بين عام 2006 وعام 2015، وهو ما يجعل الصين الأسرع نمواً في أكبر عشرة أسواق للمنتجات الأميركية، بحسب ما ذكره مجلس الأعمال الصيني الأميركي.
ويقول مركز دراسات الصين وآسيا في تقرير له، إن حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1979 كان حوالي مليارين و700 مليون دولار، ووصل في عام 2010 إلى حوالي 500 مليار دولار. أي أنه تضاعف بأكثر من 193 مرة خلال هذه الفترة الزمنية.
وكذا، يشرح التقرير أنه منذ عام 1980 إلى الآن، اشترت الصين أكثر من 600 طائرة بوينغ من أميركا، حيث يتجاوز سعر كل طائرة المئة مليون دولار. وأن هذا الطلب الكبير قد خلق وظائف كبيرة للاقتصاد الأميركي لا يتذكرها الخبراء الأميركيون في دراساتهم. علما أنه، وفق التقرير، يتوجب على الصين تصدير 50 مليون حذاء لكي تستورد طائرة واحدة من أميركا.
كذا، وصل حجم استثمارات الشركات الأميركية في الصين من عام 1980 إلى 2011 إلى أكثر من 70 مليار دولار من خلال أكثر من 60 ألف شركة، 85% منها حققت ربحاً كبيراً.
في المقابل، قال مجلس الأعمال الصيني الأميركي، في تقريره الأخير، إن التجارة الثنائية والاستثمارات ساهمت في خلق 2.6 مليون وظيفة في الولايات المتحدة، وساهمت بنحو 1.2% من إجمالي الناتج المحلي الأميركي خلال العام الماضي 2016.
وبلغ حجم تجارة الخدمات الثنائية في مجمله أكثر من 100 مليار دولار، في الوقت الذي تجاوزت فيه الاستثمارات المتبادلة 170 مليار دولار بنهاية 2016.
وتوقع المجلس أن تبلغ صادرات أميركا إلى الصين 520 مليار دولار بحلول عام 2050، في الوقت الذي تساعد فيه صادرات الصين إلى الولايات المتحدة في تخفيض الأسعار المحلية في السوق الأميركية بنسب تراوح بين 1 إلى 1.5 نقطة مئوية.
تعويل على الهدوء
وذكر دان ماهافي، المحلل بمركز دراسات شؤون الرئاسة والكونغرس، خلال مقابلة أجرتها معه وكالة "شينخوا"، أن "المحادثة الهاتفية كانت خطوة أولى جيدة". وذكر أن على رأس جدول أعمال المحادثات الصينية - الأميركية، يجب أن تأتي قضايا النزاعات البحرية في بحري الصين الجنوبي والشرقي، والأمن السيبراني، وكذا التجارة والاستثمارات والعملة.
ومن جانبه، قال داريل ويست، نائب رئيس ومدير دراسات الحوكمة بمؤسسة بروكينغز الأميركية، إن المحادثة الهاتفية بين شي وترامب كانت مهمة لكسر الجليد في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
وكانت نتائج إحصاءات جمركية أظهرت ارتفاع التجارة الخارجية الصينية مع الولايات المتحدة، ثاني أكبر شريك تجاري للصين، بنسبة 21.9%، في حين ذكرت هيئة الجمارك الصينية، الشهر الماضي، أن ترامب قد يحد من نمو صادرات الصين عن طريق فرض مزيد من إجراءات الحماية التجارية.
(العربي الجديد)
اقــرأ أيضاً
تخطي الخط الأحمر
إذ عقد ترامب مجموعة من اللقاءات مع زعماء الدول منذ توليه الرئاسة في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي. وأجرى أكثر من 20 اتصالاً هاتفياً بزعماء آخرين باستثناء شي. ما أثار "المخاوف" من الجانب الصيني، وفق ما أكدت الوكالة الرسمية الصينية للأنباء، من أن غياب الاتصال بين الزعيمين قد يؤدي إلى تجدد التوتر في العلاقات الصينية - الأميركية.
وقام ترامب منذ إطلاقه حملته الانتخابية بسلسلة من الأمور الاستفزازية للجانب الصيني. كان أبرزها وأكثرها تعميقاً للخلافات، تجاوزه الخط الأحمر الصيني قائلاً إنه سيعيد التفاوض في ما يتعلق بسياسة "الصين واحدة"، وجاء ذلك بعد محادثة هاتفية بينه وبين رئيسة تايوان تساي إينج وين، برغم اعتبار الصين الشعبية أن تايوان (التي تعتمد اسماً رسمياً وهو جمهورية الصين) إقليماً منشقاً لا حق له في إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع أي دولة أخرى.
وكذا هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية على الواردات الصينية. وأيضاً قال ترامب في برنامج المائة يوم الأولى الذي أعلنه على موقعه الإلكتروني، إنه سيعلن "الصين دولة متلاعبة بالعملة"، وهو ما سيعني فرض مجموعة من العقوبات التجارية ضد الصين.
حجم العلاقات الاقتصادية
إلا أن ترامب تراجع عن تهديده الأكبر، مشدداً على أن واشنطن ستظل متمسكة بسياسة "الصين واحدة". والرئيس الأميركي الذي يبالغ عادة في اختيار المصطلحات، قال بعد اتصاله الهاتفي الأخير بالرئيس الصيني، إن أميركا مستعدة للعمل على رفع العلاقات مع الصين "نحو مستوى لم يسبق له مثيل". ولم يكن هذا الاتصال هو الوحيد لترامب، فقد لحقه اتصال بعد يوم واحد، لتهنئة شي والشعب الصيني بالعام الصيني القمري الجديد.
وكانت تصريحات ترامب النارية ضد الصين تهدد علاقات دبلوماسية وتجارية استمرت 38 عاماً. ويقدر حجم اقتصاد الصين بـ10.1 تريليونات دولار، بينما يقدر حجم الاقتصاد الأميركي بحوالي 16.77 تريليون دولار.
ويقول مركز دراسات الصين وآسيا في تقرير له، إن حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1979 كان حوالي مليارين و700 مليون دولار، ووصل في عام 2010 إلى حوالي 500 مليار دولار. أي أنه تضاعف بأكثر من 193 مرة خلال هذه الفترة الزمنية.
وكذا، يشرح التقرير أنه منذ عام 1980 إلى الآن، اشترت الصين أكثر من 600 طائرة بوينغ من أميركا، حيث يتجاوز سعر كل طائرة المئة مليون دولار. وأن هذا الطلب الكبير قد خلق وظائف كبيرة للاقتصاد الأميركي لا يتذكرها الخبراء الأميركيون في دراساتهم. علما أنه، وفق التقرير، يتوجب على الصين تصدير 50 مليون حذاء لكي تستورد طائرة واحدة من أميركا.
كذا، وصل حجم استثمارات الشركات الأميركية في الصين من عام 1980 إلى 2011 إلى أكثر من 70 مليار دولار من خلال أكثر من 60 ألف شركة، 85% منها حققت ربحاً كبيراً.
في المقابل، قال مجلس الأعمال الصيني الأميركي، في تقريره الأخير، إن التجارة الثنائية والاستثمارات ساهمت في خلق 2.6 مليون وظيفة في الولايات المتحدة، وساهمت بنحو 1.2% من إجمالي الناتج المحلي الأميركي خلال العام الماضي 2016.
وبلغ حجم تجارة الخدمات الثنائية في مجمله أكثر من 100 مليار دولار، في الوقت الذي تجاوزت فيه الاستثمارات المتبادلة 170 مليار دولار بنهاية 2016.
وتوقع المجلس أن تبلغ صادرات أميركا إلى الصين 520 مليار دولار بحلول عام 2050، في الوقت الذي تساعد فيه صادرات الصين إلى الولايات المتحدة في تخفيض الأسعار المحلية في السوق الأميركية بنسب تراوح بين 1 إلى 1.5 نقطة مئوية.
تعويل على الهدوء
وذكر دان ماهافي، المحلل بمركز دراسات شؤون الرئاسة والكونغرس، خلال مقابلة أجرتها معه وكالة "شينخوا"، أن "المحادثة الهاتفية كانت خطوة أولى جيدة". وذكر أن على رأس جدول أعمال المحادثات الصينية - الأميركية، يجب أن تأتي قضايا النزاعات البحرية في بحري الصين الجنوبي والشرقي، والأمن السيبراني، وكذا التجارة والاستثمارات والعملة.
ومن جانبه، قال داريل ويست، نائب رئيس ومدير دراسات الحوكمة بمؤسسة بروكينغز الأميركية، إن المحادثة الهاتفية بين شي وترامب كانت مهمة لكسر الجليد في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
وكانت نتائج إحصاءات جمركية أظهرت ارتفاع التجارة الخارجية الصينية مع الولايات المتحدة، ثاني أكبر شريك تجاري للصين، بنسبة 21.9%، في حين ذكرت هيئة الجمارك الصينية، الشهر الماضي، أن ترامب قد يحد من نمو صادرات الصين عن طريق فرض مزيد من إجراءات الحماية التجارية.
(العربي الجديد)