لليوم الثالث على التوالي، تعيش مدينة المقدادية بمحافظة ديالى شرقي العراق وضعا أمنيا مربكا تسبب بفرض حظر تجوال في بعض المناطق وانتشار أمني كثيف في مناطق أخرى، وذلك على خلفية صراع فصائل مسلحة بمليشيات "الحشد الشعبي" وأحزاب داخل المحافظة على منصب قائممقام مدينة المقدادية الشاغر حاليا.
وأقدمت الجمعة الماضي، مجموعة مسلحة على اقتحام مبنى مجلس مدينة المقدادية المكلف باختيار قائممقام جديد للمدينة، وقام المسلحون بالاعتداء على اثنين من أعضاء المجلس واقتحموا منزلا آخر واعتدوا عليه بالضرب بعد مصادرة هاتفه الشخصي ومقتنيات أخرى، بسبب رفض الأعضاء التصويت لمرشح أحد الفصائل المسلحة ضمن "الحشد الشعبي" لهذا المنصب.
وقال مسؤول حكومي عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، إنه "تم إرسال قوات إلى مدينة المقدادية لحماية مبنى مجلس القضاء المحلي، وكذلك بسط الأمن العام بالمدينة ومنع أي فوضى تثيرها الأحزاب"، مؤكدا أن ذلك "جاء بإيعاز من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي تواصل معه نواب من محافظة ديالى وأطلعوه على الوضع هناك".
ولفت المسؤول إلى أن "مليشيا بدر تسعى للسيطرة على منصب قائممقام المدينة، رغم أنه لا يوجد تأييد من قبل مجلس المدينة المكلف بانتخاب شخصية جديدة لهذا المنصب، كما أن مجموعة تابعة للتيار الصدري تسعى للمنصب أيضا"، مؤكدا أن جلسة انتخاب القائممقام ستكون تحت إشراف قضائي وبحماية الجيش العراقي خلال الأيام المقبلة".
وتقع مدينة المقدادية وهي ثاني أكبر قضاء في محافظة ديالى على بعد 40 كم شمال شرقي بعقوبة عاصمة محافظة ديالى المحلية.
وتسيطر مليشيا "بدر"، بزعامة هادي العامري، ومليشيا "العصائب" بزعامة قيس الخزعلي على السلطة السياسية والأمنية في محافظة ديالى، تنافسهم بذلك فصائل مسلحة تابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتسعى تلك القوى للسيطرة على كافة المناصب فيها، حتى الفرعية، بينما تفرض نفسها أحيانا بقوة السلاح، على شكل مقاطعات تتقاسمها تلك القوى، على المحافظة ذات الغالبية العربية السنية، غير أنه بسبب جوارها مع إيران تتعرض منذ سنوات طويلة لعمليات تغيير ديموغرافية كبيرة.
وكان رئيس مجلس قضاء المقدادية عدنان التميمي قد أعلن أول أمس الجمعة في تصريحات صحافية عن تعرض عدد من أعضاء المجلس إلى اعتداءات من قبل قوى وصفها بالمتنفذة، وطالب التميمي، "بتوفير حماية أمنية عاجلة لأعضاء مجلس المقدادية لتجنب تعرضهم إلى أي اعتداءات أخرى".
وتظاهر العشرات من أهالي المدينة مساء أمس السبت، مطالبين الحكومة العراقية بالتدخل لبسط الأمن وإنهاء تدخل المليشيات في الشؤون الإدارية والأمنية بالمدينة.
قنبلة موقوتة
في المقابل، قال عضو بمجلس المقدادية طلب عدم الكشف عن اسمه إن المدينة عبارة عن قنبلة موقوتة بفعل المليشيات وصراعها على المنصب، مؤكدا أن بعض أعضاء المجلس تعرضوا للتهديد وغادروا إلى إقليم كردستان مع عائلاتهم خوفا من المليشيات.
ولفت إلى أن الأمن في المدينة "غير مستتب، والشرطة خاضعة لفصائل مليشياوية وتخشى الاحتكاك بها والقلق يخيم على المدينة ككل".
بدوره، قال الشيخ جمال الزهيري، وهو أحد شيوخ المحافظة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عودة المظاهر المسلحة إلى بلدة المقدادية، لم تثر الرعب في البلدة فحسب، بل حتى في البلدات القريبة، وإنّ الأهالي يخشون من عواقب هذا الانتشار المسلح".
وأكد الزهيري أنّ "الوضع في المحافظة لا يتحمل صراعا كهذا، ولا يمكن للجهات المسؤولة أن تستمر باستخدام جماعاتها المسلحة لفرض إراداتها، وإثارة العنف في المحافظة"، مؤكدا أنّ "المحافظة تحولت اليوم إلى مدينة عصابات مسلحة تتصارع على النفوذ والسلطة".