يحاول حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن، الابتعاد بنفسه ولو شكلياً عن الأزمة الداخلية التي تعيشها الجماعة، في أعقاب استصدار عدد من القيادات المفصولة من الجماعة ترخيصاً لجمعية سياسية تحمل اسم "جماعة الإخوان المسلمين"، في مسعى منهم لوراثة الجماعة القائمة منذ سبعين عاماً، بعد إزاحة قيادتها الحالية، المطعون بشرعيتها القانونية. أحدث فصول الأزمة تُرجمت بتسلم جمعية "جماعة الإخوان المسلمين في الأردن" المرخصة حديثاً، أمس الاثنين، شهادة التسجيل الرسمية للجماعة من وزير التنمية السياسية خالد كلالدة. وأكد المراقب العام للجماعة الجديد، عبد المجيد الذنيبات حرص جماعته على "احترم القانون، والعمل ضمن القوانين الأردنيين".
أما حزب جبهة العمل، المتهم بتبعيته لجماعة "الإخوان المسلمين" التي أنشأته في العام 1992 ليكون واجهة سياسية لها، حتى تتفرغ هي لعملها الدعوي، فدخل مجبراً ساحة المعركة الدائرة بين الجماعة المرخصة حديثاً بقيادة الذنيبات، وبين الجماعة التاريخية التي يقودها المراقب العام همام سعيد، وسط أطماع من القيادة الجديدة بوراثة الحزب الذي تراه جزءاً من إرث الجماعة، ومطالبات من قبل كوادر الجماعة التاريخية باعتبار الحزب معبراً آمناً لها في حال انتقلت قيادة الجماعة التاريخية إلى الذنيبات ومجموعته.
وكشف مصدر في الجماعة التاريخية لـ "العربي الجديد"، عن مطالبة كوادر الجماعة ببدء تسجيل أعضاء "الإخوان" المتمسكين بشرعية القيادة التاريخية من غير المنتمين إلى الحزب في صفوفه، كخطوة تهدف إلى قطع الطريق على الذنيبات في حال سيطر على مقاليد الجماعة.
وبحسب المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه، فإن خطوة إفراغ الجماعة التاريخية في الحزب ستجعل الذنيبات مراقباً لجماعة معزولة وغير مؤثرة في حال سيطرته، مشيراً إلى أن غالبية الشعب والمكاتب التابعة للجماعة مسجّلة باسم الحزب المرخص في وزارة الداخلية الأردنية، ما يعني عجز الذنيبات عن السيطرة حتى على مقرات قد يكون له فيها مؤيدون، ويرتب عليه أعباء مالية.
وأقرّ المصدر بصعوبة التنازل عن الاسم الذي عملت الجماعة تحته لمدة سبعين عاماً، لكنه أردف بالقول إن "الدولة في النهاية تتعامل مع القوى المؤثرة وليس الاسم المعزول".
اقرأ أيضاً: "إخوان الأردن الجدد": مع "حماس" ولكن
وكان الذنيبات جرد خلال مؤتمره الذي عقده الأسبوع الماضي، الجماعة التاريخية من شرعية وجودها القانونية، على اعتبارها مرخصة منذ العام 1946 كفرع للجماعة المصرية، دافعاً بزوال الفرع نتيجة زوال الأصل الذي حظر في مصر، ومعبّراً في الوقت ذاته عن أطماعه في وراثة الحزب الأقوى في الأردن على اعتباره جزءا من تركة الجماعة. كما تحدث عن دوره في إنشاء حزب "جبهة العمل" في العام 1992 ليكون الواجهة السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" حتى لا تنشغل عن دورها الدعوي لصالح الدور السياسي.
الذنيبات وهو عضو في الحزب، أعلن أن عضويته وعضوية مجموعته، معلّقة على مدى تعامل الحزب مع جماعته، مؤكداً أنه "إذا تعارضت المصلحة أو اتخذ الحزب موقفاً معارضاً لنا، سنغيّر موقفنا منه"، مشيراً إلى أن الخيار المطروح في حال عدم التحاق الحزب بقيادته المنتظرة الجديدة، هو التوجّه إلى إنشاء حزب جديد.
يشار إلى أن غالبية أعضاء حزب "جبهة العمل الإسلامي" هم أعضاء في جماعة "الإخوان"، كما أن قياديين سابقين وحاليين في الحزب يحتلون مواقع قيادية داخل الجماعة، وسط اتهامات بتبعية الحزب المطلقة للجماعة.
لكن الأمين العام لـ"جبهة العمل الإسلامي" محمد الزيود يؤكد أن الحزب يتمتع باستقلال إداري ومالي تام عن جماعة "الإخوان"، مشيراً في حديث لـ "العربي الجديد" إلى أن "التنسيق بين الحزب والجماعة في المواقف الوطنية لا يعني تبعية الحزب للجماعة، بل هو تنسيق وليس الارتباط العضوي".
ولا يرى الزيود عيباً في أن يكون غالبية أعضاء الحزب أعضاءً في جماعة "الإخوان"، مشيداً بحكمة الجماعة التي سُجّلت بوصفها جماعة إسلامية شاملة، عندما أنشأت حزباً سياسياً يريحها من عبء الانشغال بالسياسة ويفرغها لدعوتها الدينية.
وفيما كان مصير الذنيبات ومجموعته الفصل من الجماعة التاريخية، تنفيذاً لقرار مجلس الشورى الذي قرر فصل كل من تورط في طلب ترخيص الجماعة، يشدد الزيود على وجود توجّه داخل الحزب لفصل الذنيبات ومجموعته، قائلاً إن "الحزب يتعامل مع أعضائه بقدر انسجامهم مع قوانينه".