الخطوة التي قام بها الجهاز السيادي الذي لم يكن ليظهر في السابق للعلن بهذا الشكل، جاءت بعد أيام قليلة من قيام القوات المسلحة بخطوة مماثلة في عدد من المحافظات بتوزيع المواد الغذائية على البسطاء، مكتوب عليها "إهداء من الجيش المصري"، في صور خرج المتحدث العسكري المصري العميد محمد سمير، مفتخراً بها، إذ نشر على صفحته الرسمية مجموعة من الصور لقادة بالجيش خلال قيامهم بتوزيعها في محافظات الصعيد.
في المقابل، لم تكتف وزارة الداخلية بدور المتفرج. وقام اللواء مجدي عبد الغفار، بتوجيه تكليفات لمديري الأمن بعدد من المحافظات بخطوة مماثلة، لما قامت به القوات المسلحة، والمخابرات العامة، فقام مدير أمن الأقصر بصحبة عدد من قيادات الشرطة بتوزيع "كرتونات" معبأة بمواد غذائية على أهالي قرية القرنة.
يأتي هذا فيما انتقد عدد من الخبراء والشخصيات السياسية هذه التصرفات، إذ أكد مراقبون أنها تُظهر بما لا يدع مجالاً للشك "الصراع بين أجهزة نظام السيسي على الظهور في المشهد، وكسب ولاءات البسطاء في الشارع المصري، في ظل التدافع بينهم لكسب مساحات أكبر في معركة توزيع النفوذ".
وعلق رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة" عبد الحليم قنديل، والذي كان واحداً من معسكر 30 يونيو الداعم للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على تلك الوقائع، قائلاً، إنه "على الأجهزة الأمنية الاكتفاء بدورها فقط"، مضيفاً، أن "هذه الأجهزة في الأساس لديها قصور شديد لتنفيذ مهامها المكلفة بها"، مواصلاً الهجوم على جهاز الشرطة، بالقول، إنه "يحتاج إلى تطهير وتطوير في ظل الفشل الذي يعاني منه".
من جهة أخرى قالت شخصية سياسية بارزة: "الصورة التي تم تداولها مؤخراً تحمل دلالات عديدة أهمها أن ذلك الصراع خرج عن إطار السيطرة، وخاصة أنها المرة الأولى التي تقوم فيها صحف خاصة بنشر لافتات لجهاز المخابرات العامة، وهي من نوعية المواد الصحفية التي لا يتم نشرها إلا بعد موافقة تلك الأجهزة، أي أن المقصود منها هو إظهارها".
وتابع المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، أن "بعض الأجهزة بات يزعجها الاعتماد المطلق من الرئيس على القوات المسلحة واعتبار قياداتها هم نخبته المقربة، وهو ما دفع قيادات الأجهزة الأخرى للسعي نحو الظهور في المشهد والتأكيد على تواجدهم في الشارع"، مؤكداً أن "ما يحدث يمثل حالة من التسابق في أجهزة الدولة".