(باريس: منشورات آلاري، 2016)
رغم آفاقهم المعرفية المختلفة ومشاربهم الفكرية المتنوعة وتجاربهم الحياتية المتباينة، فإنّ الصداقة جمعتهم قبل أن يجمعهم الكتاب. يتعلّق الأمر بعالم النفس الفرنسي كريستوف أندري الذي اشتهر خاصّة باعتماده التأمّـل أسلوباً جديداً في معالجة اضطرابات الاكتئاب، والفيلسوف السويسري ألكسندر جوليان الذي ظلّ طيلة طفولته وشبابه يتردّد على مراكز رعاية ذوي الاحتياجات المخصوصة أملا في الشفاء من مضاعفات ولادة عسيرة، والراهب الفرنسي ماتيو ريكارد الذي اختار طريقا استثنائية قلّما سلكها غيره حين زاوج بين تخصّصه الطبي في علم الخلايا الوراثية، وتفرّغه للرهبنة لا في سياق الديانة المسيحيّة ديانة آبائه وأجداده بل في نطاق الاعتقادات البوذيّة؛ حتى صار راهبا واستقرّ في دَيـر شيشان بالنيبال.
بمعيار الزمن وحساب السنوات، لم تكن صداقة عالم النفس والفيلسوف والطبيب-الراهب عريقة، فهي لم تتجاوز خمسة عشر عاما ولكنها كانت مع ذلك في منتهى العمق لأنّهم نجحوا في تأسيسها على الحوار، بل على "الثرثرة" التي سمحت لهم بالخروج من القوقعة التي غالبا ما يحصر فيها أصحاب الأفكار والمهن والعقائد أنفسهم. ولأنّ "الثرثرة" كانت تقرّب بينهم وتسمح لهم بمزيد تعرية ذواتهم عبر اكتشاف ذوات الآخرين، فقد قرّروا التحاور والبوح والإبانة والإفصاح وتسجيل ذلك كلّه، تحدّثوا في الألم والشفقة وتوقير الذات والشعور بالذنب والحريّة.
ثورات غير منتهية
(ولاية كونيكتيكت: جامعة ييل، 2016)
يتناول الباحث الفلسطيني إبراهيم فريحات في كتابه الجديد "ثورات غير منتيهة"، تجربة الربيع العربي في ثلاثة بلدان، هي ليبيا واليمن وتونس. ويرى الباحث أنه تم تسييس بعض مظاهر التحول في كل بلد على حدة، وأن كل بلد وجد نفسه في صلب تحديات خاصة مثل الاستقطاب السياسي وتهديد الحروب الأهلية. يقارن الكتاب بين مسارات الثورة والتحول في تلك البلدان في خضم موجات الربيع العربي التي انطلقت شرارتها الأولى في تونس وانتقلت إلى دول أخرى في المنطقة. ويرى المؤلف أن السبيل لنجاح الربيع العربي في تلك البلدان وتحقيق أهدافه المتمثلة في تحقيق الأمن والاستقرار، يكمن في مصالحة وطنية شاملة مبنية على الحوار وكشف الحقيقة، وتخصيص تعويضات لضحايا الماضي، والتعامل مع مخلفات النظام السابق، والقيام بإصلاحات مؤسساتية لخلق بيئة سليمة. اعتمد فريحات على أبحاث ميدانية عمل عليها مدة ثلاث سنوات، أجرى خلالها ما يقارب مئتي مقابلة مع عدة أطراف بارزة في تلك البلدان بينها مسؤولون حكوميون بارزون، ووجوه ثورية شبابية، وبعض رموز الأنظمة السابقة، وممثلون عن المجتمع المدني والحركات النسائية، وقادة كتائب مسلحة، وزعماء قبليون وغيرهم.
الحروب العربية الجديدة
(نيويورك: بابليك افيرز، 2016)
بعد أقل من أربعة وعشرين شهراً على الانتفاضة العربية والتي حملت الكثير من الآمال، تحولت الحركة الشعبية إلى واقع مرير تمثل بعودة الطغاة الذين استعادوا نشاطهم في ظل دول فاشلة، وانتشار الحروب الأهلية. فمثلا، انتهى تحول مصر إلى الديمقراطية بانقلاب عسكري عنيف. كذلك اتجهت اليمن وليبيا إلى حرب أهلية. في حين أن سورية كانت الضحية الأكبر، حيث مزقها التمرد وتدخل الأطراف دولياً، كذلك النظام الدموي المدعوم من الخارج. في خضم هذه الفوضى، أعلنت جماعة متشددة قيام دولة إسلامية، وقامت بالاستيلاء على الأراضي الواسعة وألهمت الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم. فماذا الذي حدث اذن؟ كتاب "الحروب العربية الجديدة" هو إضاءة عميقة لأسباب هذا الكابوس، والذي يوضح تبعات سوء الخيارات التي اتخذتها الأطراف الإقليمية. لا يسلم من ذلك التحليل الملتبس للغرب عن الصراع، حيث اعتبرت بعض الأطراف أن التدخل الدولي ساهم في تأجيج العنف في المنطقة. بمساعدة خبراء ومحللين من العالم العربي، يروي المؤلف مارك لينش، قصة انهيار هذه المنطقة الحيوية، ويرى أن الاضطرابات في المنطقة قد بدأت الآن، وأن آمال الأنظمة العربية وصانعي السياسة الغربية بالعودة الى الاستقرار السلطوي هو أمر محكوم عليه بالفشل.