صالح يسعى إلى تجيير ورقة العقوبات لصالحه

07 نوفمبر 2014
دعا المؤتمر للتظاهر اليوم رفضاً للعقوبات والتهديدات(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

اعتاد اليمنيون قبيل أي جلسة لمجلس الأمن الدولي حول اليمن أن يقرأوا تسريبات تشير إلى احتمال فرض عقوبات على شخصيات يمنية، وخصوصاً الرئيس السابق علي عبد الله صالح. لكن المسألة هذه المرة تبدو أكثر جدّية من سابقاتها، ولا سيما أن اليوم الجمعة سيكون حاسماً لجهة فرض العقوبات من عدمه.

واستنفر حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه صالح، أنصاره ودعاهم إلى اليقظة والاستعداد لكافة الاحتمالات، فيما تحدثت أنباء عن اجتماعات عقدها بعض مناصري صالح وقيادات في حزبه، للتلويح بالتصعيد ضد العقوبات الأممية، ودعم احتجاجات شعبية ضد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والأطراف المحلية والخارجية الداعمة له.

وبالتزامن مع دعوة المؤتمر إلى تظاهرات في صنعاء اليوم الجمعة رفضاً للعقوبات والتهديدات التي تلقاها صالح، أقر الحزب عقد اجتماع استثنائي موسعاً لقياداته (أعضاء اللجنة الدائمة) غداً السبت، لتدارس الأوضاع والتطورات في البلاد واتخاذ "القرارات المناسبة".

وفي حين لم يذكر الحزب في بيان رسمي صدر أمس طبيعة القرارات التي سيتخذها، أكد قيادي في حزب المؤتمر لـ "العربي الجديد" أن الاجتماع سيناقش قراراً بفصل الرئيس عبد ربه منصور هادي، من منصب الأمين العام للحزب.
وكانت اللجنة العامة للحزب (المكتب السياسي) تلقت دعوة أمس الخميس لمناقشة مطالبات بفصل هادي من الأمانة العامة للحزب إلى جانب قيادات أخرى.

وقال عضو اللجنة العامة للحزب، أحمد الصوفي، في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، إن مناقشة اللجنة العامة، أرفع هيئة قيادية في الحزب، تشمل فصل هادي من الحزب واتهامه بالخيانة العظمى وارتكاب مخالفات لدستور الجمهورية اليمنية.

وتابع الصوفي "هادي سيواجه ثالث تهمة بالخيانة العظمى، حيث وُجهت له التهمة الأولى من قبل السلطات في عدن في عام 1972 والتهمة الثانية في 1986 وسيواجه الآن ثالث تهمة بالخيانة العظمى في حياته".

وكان حزب المؤتمر أعلن صراحةً أن فرض أي عقوبات ضد رئيسه صالح، قد يؤدي إلى "نسف العملية السياسية وعودتها إلى الصفر"، وذلك يعني أن الحزب سيتخذ إجراءات، تقول المؤشرات، إن أبرزها المعارضة العلنية للرئيس هادي وللحكومة التي يجري تشكيلها برئاسة خالد محفوظ بحّاح.

ولا يستبعد محللون أن يستخدم صالح ورقة "الحشد" ضد العقوبات والتدخل الخارجي، لإعادة نشاط حزبه، وخصوصاً مع وجود حالة من الرفض داخل المجتمع اليمني ذي الطبيعة القبليّة، لسياسة الاستقواء بالخارج. ويستوي في ذلك أغلب الأطراف السياسية باستثناء الرئيس هادي. ولمعرفة صالح بهذا المعطى فقد بدا واثقاً ومتحدياً في أول تعليق على طلب مغادرته البلاد، وكتب في حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك" أنه "لم يُخلق، ولم تنجبه أمه بعد، الذي يقول لعلي عبد الله صالح أن يغادر وطنه".

ويتضّح من هذا التحدي الذي أظهره صالح، أن الرجل لا يريد أن يجنّب نفسه مغادرة البلاد وعقوبات مجلس الأمن، فحسب، بل يبدو أنه يسعى إلى استثمار الحملة ضده وجعلها سبباً لتنشيط أنصاره وحصد تعاطف قطاعات أخرى كانت تقف ضده أو على الحياد، وخصوصاً بعد التوجس الشعبي الناجم عن إدخال البلد تحت "الفصل السابع" من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتيح فرض عقوبات على أطراف محلية، بما فيها التدخل العسكري، وذلك وفقاً لقرار مجلس الأمن 2140 في فبراير/شباط العام الجاري.

ولعل مؤشرات حصول هذا الاستثمار من قبل صالح وحزبه لحديث العقوبات، هي ما دفع الخارجية الأميركية لنفي خبر تقدّم الولايات المتحدة بطلب مغادرة صالح. ويأتي النفي كمحاولة لسحب بساط الاستثمار من تحت أقدام صالح، وهو نفي قابله قادة حزب المؤتمر بالمزيد من التأكيد على حدوث الطلب الأميركي؛ وذلك للاستمرار في حصد التعاطف معه.

وبالتزامن يعمد صالح وقيادات حزبه إلى إظهار مستويات متعددة من ردود الفعل تتباين لجهة الشدة والمرونة، إذ يقوم بعض قيادات حزبه بتحدي الأوامر الأممية ورفضها بشكل قاطع، فيما يقوم قياديون آخرون برفض التلويح بالعقوبات ولكن بلغة سياسية متعقّلة. كما هو حال عضو اللجنة العامة للحزب حسين حازب الذي أوضح في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "من يسعى إلى فرض هذه العقوبات على أي يمني في أي حزب من الأحزاب أو في جماعة أو مواطن، سواء كان هذا الساعي من الداخل أو الخارج أو من يصفّق لذلك من القوى السياسية، إنما يعملون لإعادة العملية السياسية إلى نقطة البداية ويفتحون أبواب الخلاف والشر وقلب الطاولة على رؤوس الجميع".

وأضاف "إذا صدر هذا القرار فإن أولى نتائجه أن المؤتمر والأحزاب المتحالفة معه، قد حددوا موقفهم في بيان قبل أيام بأنه سيكون لهم موقف من التسوية السياسية والحكومة المقبلة"، مشيراً إلى أن "النتيجة معروفه سلفاً فالمؤتمر وحلفاؤه ليسوا (مجرد) لوحة وصحيفة وأمين عام، بل هم شعب كامل موجود في كل قرية في اليمن".

تفسيرات أخرى

وعلى هامش المعارك الكلامية الناجمة عن التلويح بورقة المغادرة أو العقوبات ضد صالح، ثمة من يرى أن المسألة برمتها لا تزال غير نهائية، وأن الغرض من التلويح هو ممارسة نوع من الضغط على صالح وحزبه للقبول بالتشكيل الوزاري المرتقب. ويستدل أصحاب هذا الرأي بتعمّد الرئيس هادي تأخير إعلان التشكيل الحكومي حتى تؤتي الضغوط مفعولها، ويوافق صالح وحزبه على التشكيلة مهما كان اعتراضهم عليها.

أما إذا تصاعد التلويح وصار أمراً جدياً فإن التطورات المتوقعة ستعتمد حينذاك، على نوع العقوبات ذاتها، فإن كانت محصورة في تجميد الأموال ومنع السفر، فإن التأثيرات يمكن أن تبقى بحدود ضيّقة.

والتوجّه نحو العقوبات ضد صالح يلقى معارضة تتعدى أنصاره إلى بعض خصومه، الذين يرون أن التلويح بورقة العقوبات يأتي في وقت أصبحت فيه هذه الورقة محل شبهة، وخصوصاً أن العقوبات لم تتحرك عند اجتياح الحوثيين صنعاء أو المدن الأخرى، بينما يتم تحريكها عند الحديث عن أي تحرك للرئيس السابق، وكذلك الأحزاب السياسية الأخرى التي تقف معه على طرفي نقيض.

وكذلك، يبدو مثيراً للاستغراب، أن تتوجّه العقوبات إلى صالح بتهمة دعم "الحوثيين"، في حين يتم استبعاد زعيم الجماعة نفسها، عبد الملك الحوثي. وتبدو الاتهامات التي وُجّهت لشقيق زعيم "أنصار الله" عبد الخالق الحوثي والقائد الميداني للجماعة عبد الله الحاكم، أخف ضرراً بالمقارنة مع صالح.

المساهمون