في 2009، انتهى المخرج الإيطالي ماركو باسكويني من تصوير فيلمه الوثائقي "مستشفى غزة"، كان العمل يعود إلى ذلك المكان الذي لم يبق منه سوى هيكله، والواقع بين مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت، والذي كان شاهداً على مذابح الحرب الأهلية والاجتياح.
كان هذا المبنى يستقطب الباحثين والموثقين لتاريخ الحرب، وقد كان وما زال المبنى بمثابة جرح يحافظ على ذاكرة الألم ويعيد إلى القاطنين حوله تلك الحلقة الدموية، فقد تحول إلى مكان يسكنه اللاجئون الفلسطينيون اليوم.
إلى هذه الذاكرة والجرح تعود المصورة الفوتوغرافية شيرين يزبك، في معرضها المعنون "مستشفى غزة" والذي ينطلق عند السابعة من مساء الخميس، 19 من الشهر الجاري ويتواصل حتى الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، في "دار المصور" في بيروت.
المعرض يأتي ضمن معارض "مهرجان بيروت للصورة"، ويصور واقع الحياة في هذا المبنى اليوم، والذي له من اسمه نصيب ليذكرنا بواقع غزة، فهو أيضاً مبنى محاصر داخل المدينة بالفقر والإهمال وعدم الاكتراث لحاله أو حال العائلات التي تعيش فيه.
كانت بداية المبنى كمستشفى مع بدايات الحرب الأهلية اللبنانية، وكان يتلقى دعماً من منظمة التحرير الفلسطينية، وهو الملجأ الطبي للفلسطينين واللبنانين في بيروت في تلك السنوات مجاناً ومن دون أي تمييز بينهم كما تذكر الوثائقيات المختلفة، لكن مرت عليه فترات كان مكاناً تستولي عليه المليشيات، وهو أيضاً المكان الذي وضعت فيه جثث ضحايا مجرزة صبرا وشاتيلا.
المكان اليوم أشبه بحي صغير، تسكنه عائلات، وفيه صالة لكمال الأجسام، غرفة الإنعاش المهجورة تماماً إلى اليوم كانت غرفة عمليات أثناء الاجتياح عام 1982، وهي اليوم مجرد مكان خرب ينطق بالذكريات.
العودة إلى "مستشفى غزة" وتصويره واقعه اليوم، ليس مجرد تصور عن راهن المكان، بل وقفة عند ماضيه المركب كمكان للمرضى والمقاتلين والقتلى والجرحى والضحايا، والأحياء الذين يعيشون فيه اليوم بمحاذاة ذاكرته السوداء.