توفي المخرج التونسي شوقي الماجري إثر أزمة قلبية، فجر يوم أمس الخميس، في أحد مستشفيات العاصمة المصرية القاهرة. النبأ المفاجئ للوسط الفني العربي، غيَّب مُخرجاً يُعتبَر من أهم مخرجي الدراما السورية بامتدادها العربي.
خطف الماجري الضوء من خلال أعمال عديدةٍ، وفيلم سينمائيّ طويل وحيد، بدءاً بمسلسل "إخوة التراب" بجزئه الثاني، وهو نص لحسن م. يوسف، وشكل علامة فارقة في الدراما السورية، ولا يزال مثالاً حتّى اليوم. في فترة "إخوة التراب" توقعت الدراما السورية بمخرج سيبحر في عمق الشارع، ويقاطع ما يشاهده بلغة بصرية خاصة، جمعت بين كافة أعماله، وحولت الشريط الدرامي التلفزيوني إلى أشبه بفيلم مُتلفز، تتناغم فيه الصورة مع الموسيقى التصويرية، ليصنع سياقاً للمشهد التلفزيوني في حالة خاصة تشبه فكر الماجري.
لم يصنع الماجري العداء لأحد، بل تمكَّن خلال مسيرة قاربت العشرين عاماً من أن يلتقي بأهم كتاب الدراما السورية، من دون أن يؤطِّر نفسه في كاتبٍ واحد. وتعامل مع نجوم الصفّ الأول، واستعان بفنانين عرب، ساهموا في بناء قوَّة أعمالهم. فقدّم الفنانة اللبنانية ورد الخال، بطريقةٍ مُبهرة بدور الأميرة علياء المنذر في مسلسل "أسمهان"، كما منح الفرصة للفنانة الأردنية فرح بسيسو، لتعود للشاشة عبر مسلسل "حلاوة روح".
علاقته بالفنانة صبا مبارك، مكَّنته من تقديمها بصورة المناضلة الفلسطينية في "الاجتياح"، وليشكَّل المسلسل لصبا قفزةً نوعيّة نقلتها إلى الدراما المصرية والحضور العربي. كما استطاع أن يكسر الحالة النمطية للمسلسل التاريخي، ليعيد صياغة السير الذاتية برؤية بعيدة عن التنظير والسرد، لصالح البعد الاجتماعي ومناخ حركة الشخصيات في الحقبة التاريخية التي تجري فيها الأحداث.
دخل الماجري عالم الروايات عن طريق مسلسل "الأرواح المهاجرة" المقتبس عن رواية "بيت الأرواح" للكاتبة العالمية إيزابيل أليندي، وكانت من التجارب الفريدة في الدراما السورية المفتقدة لهذا النوع. ثم انتقل للدراما التاريخية الأقرب للتوثيق، وبدا ذلك في المسلسل التاريخي "عمر الخيام" الذي نال إعجاب الجمهور والنقاد، والعمل من كتابة غسان جباعي. بعدها، قدم رائعته "الاجتياح"، والعمل من سيناريو وحوار رياض سيف. كما حقق الماجري جائزة "إيمي" العالمية عن فئة المسلسلات الطويلة. شكَّل "الاجتياح" نقلةً نوعيّة للدراما العربية، إثْر تمكُّن الماجري من صناعة ديكور في سورية، يشبه الأراضي الفلسطينية تماماً.
التاريخ كان الملعب الآمن الذي تنقل الماجري خلاله ضمن عدة مستويات، بين مسلسلات السيرة الذاتية والحكايات الشعبية والسرد المبني على كتب التاريخ. فجاء مسلسل "أبناء الرشيد" الذي نال الجائزة الذهبية في مجال الدراما التاريخية في مهرجان القاهرة العربي عام 2006. ومن خلال "أبناء الرشيد"، تطرَّقت الدراما العربيَّة، للمرة الأولى، للخلاف التاريخي بين أبناء الخليفة هارون الرشيد. وصدّر المسلسل الفنان الأردني إياد نصار إلى الجمهور العربي، كممثل يتقن الفصحى بطريقة ممتازة. قدم الماجري أيضاً المسلسل التاريخي "أبو جعفر المنصور". كما حقّق نقلته النوعية عبر مسلسل "أسمهان"، ليتمكَّن المخرج التونسي من دفع عمل سوري ليعبر إلى السوق المصرية، وليحقّق نسب مشاهدة عالية ضمن الموسم الرمضاني.
اقــرأ أيضاً
خطف الماجري الضوء من خلال أعمال عديدةٍ، وفيلم سينمائيّ طويل وحيد، بدءاً بمسلسل "إخوة التراب" بجزئه الثاني، وهو نص لحسن م. يوسف، وشكل علامة فارقة في الدراما السورية، ولا يزال مثالاً حتّى اليوم. في فترة "إخوة التراب" توقعت الدراما السورية بمخرج سيبحر في عمق الشارع، ويقاطع ما يشاهده بلغة بصرية خاصة، جمعت بين كافة أعماله، وحولت الشريط الدرامي التلفزيوني إلى أشبه بفيلم مُتلفز، تتناغم فيه الصورة مع الموسيقى التصويرية، ليصنع سياقاً للمشهد التلفزيوني في حالة خاصة تشبه فكر الماجري.
لم يصنع الماجري العداء لأحد، بل تمكَّن خلال مسيرة قاربت العشرين عاماً من أن يلتقي بأهم كتاب الدراما السورية، من دون أن يؤطِّر نفسه في كاتبٍ واحد. وتعامل مع نجوم الصفّ الأول، واستعان بفنانين عرب، ساهموا في بناء قوَّة أعمالهم. فقدّم الفنانة اللبنانية ورد الخال، بطريقةٍ مُبهرة بدور الأميرة علياء المنذر في مسلسل "أسمهان"، كما منح الفرصة للفنانة الأردنية فرح بسيسو، لتعود للشاشة عبر مسلسل "حلاوة روح".
علاقته بالفنانة صبا مبارك، مكَّنته من تقديمها بصورة المناضلة الفلسطينية في "الاجتياح"، وليشكَّل المسلسل لصبا قفزةً نوعيّة نقلتها إلى الدراما المصرية والحضور العربي. كما استطاع أن يكسر الحالة النمطية للمسلسل التاريخي، ليعيد صياغة السير الذاتية برؤية بعيدة عن التنظير والسرد، لصالح البعد الاجتماعي ومناخ حركة الشخصيات في الحقبة التاريخية التي تجري فيها الأحداث.
دخل الماجري عالم الروايات عن طريق مسلسل "الأرواح المهاجرة" المقتبس عن رواية "بيت الأرواح" للكاتبة العالمية إيزابيل أليندي، وكانت من التجارب الفريدة في الدراما السورية المفتقدة لهذا النوع. ثم انتقل للدراما التاريخية الأقرب للتوثيق، وبدا ذلك في المسلسل التاريخي "عمر الخيام" الذي نال إعجاب الجمهور والنقاد، والعمل من كتابة غسان جباعي. بعدها، قدم رائعته "الاجتياح"، والعمل من سيناريو وحوار رياض سيف. كما حقق الماجري جائزة "إيمي" العالمية عن فئة المسلسلات الطويلة. شكَّل "الاجتياح" نقلةً نوعيّة للدراما العربية، إثْر تمكُّن الماجري من صناعة ديكور في سورية، يشبه الأراضي الفلسطينية تماماً.
التاريخ كان الملعب الآمن الذي تنقل الماجري خلاله ضمن عدة مستويات، بين مسلسلات السيرة الذاتية والحكايات الشعبية والسرد المبني على كتب التاريخ. فجاء مسلسل "أبناء الرشيد" الذي نال الجائزة الذهبية في مجال الدراما التاريخية في مهرجان القاهرة العربي عام 2006. ومن خلال "أبناء الرشيد"، تطرَّقت الدراما العربيَّة، للمرة الأولى، للخلاف التاريخي بين أبناء الخليفة هارون الرشيد. وصدّر المسلسل الفنان الأردني إياد نصار إلى الجمهور العربي، كممثل يتقن الفصحى بطريقة ممتازة. قدم الماجري أيضاً المسلسل التاريخي "أبو جعفر المنصور". كما حقّق نقلته النوعية عبر مسلسل "أسمهان"، ليتمكَّن المخرج التونسي من دفع عمل سوري ليعبر إلى السوق المصرية، وليحقّق نسب مشاهدة عالية ضمن الموسم الرمضاني.
"هدوء نسبي" و"حلاوة الروح" شكَّلا النمط التالي لأعمال الماجري، إذ رصد العملان الحروب في العراق وسورية، من سقوط بغداد إلى ظهور المد الإسلامي في المنطقة. وبعد غياب خمس سنوات، جاء مسلسل "دقيقة صمت" للكاتب سامر رضوان، والذي أُدرِج في قائمة أقوى الإنتاجات الدرامية العربية في صناعة حالة جماهيرية داخل الشارع السوري وعدة دول عربية، وليكون العمل الأكثر انتشاراً للماجري، وحديث الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي.
رحيل الماجري خسارة للدراما السورية أولاً، وللدراما المشتركة ثانياً. فشوقي رفض سوق الدراما المعلبة التي تقوم على الأشكال الجاهزة، وقدّم بروحه نموذجاً من الدراما العربية التي تتلاحم فيها العناصر، وتذوب معاً لتشكل حكاية درامية مقنعة دون إيهام.