تحولت شركة "رويال داتش شل" البريطانية إلى عملاق عالمي في مجال الطاقة تلقائياً، بعد صفقة شراء "بريتش بتروليوم" التي يطلق عليها اختصاراً "بي جي". وحسب قول خبراء طاقة غربيين، فإن هذه الصفقة ستجعل من شل ثاني أكبر شركة في قطاع الطاقة عالمياً، بعد شركة إكسون موبيل الأميركية من حيث حجم الموجودات، ويصبح حجم موجوداتها ضعف موجودات شركة بريتش بتروليوم. حيث ترفع الصفقة القيمة السوقية لمجودات شل إلى 248 مليار دولار؛ وذلك حسب تقييم السوق المالي في لندن لسعر سهمي الشركتين يوم أمس.
وكانت شركة "شل رويال داتش" قد اتفقت على شراء منافستها الصغرى مجموعة "بي.جي" مقابل 70 مليار دولار، في أول عملية اندماج عملاقة بقطاع النفط في أكثر من عشر سنوات؛ لتضيق بذلك الفجوة بينها وبين إكسون موبيل الأميركية أكبر شركة نفط في العالم.
ورغم أن الصفقة قد وقعت صباح أمس، ولا تزال بانتظار موافقة لجنة الاحتكار والدمج الأوروبية، إلا أن خبراء يقولون إن مسألة الموافقة الأوروبية على الصفقة مسألة إجرائية، لأن الصفقة مستوفية لشروط عدم الاحتكار التي تنص عليها قوانين الاتحاد الأوروبي. وكانت شركة شل تعاني من انخفاض احتياطاتها من النفط والغاز الطبيعي قبل هذه الصفقة، وعانت انخفاضاً متواصلاً في احتياطاتها منذ 17 عاماً، إلا أن توقيع هذه الصفقة سيرفع من احتياطات شل من الغاز بنسبة كبيرة.
وحسب تلفزيون بلومبيرغ الأميركي، فإن هذه الصفقة سترفع احتياطات شركة شل من الغاز الطبيعي بنسبة 50%. حيث سترفع احتياطي النفط والغاز الطبيعي للشركة بنسبة 25%، وستزيد إنتاجها من النفط والغاز بمعدل 20%. وكانت شركة رويال داتش شل قد نفذت من قبل صفقة أسترالية في مجال صناعة الغاز قيمتها 20 مليار دولار، كما أنها تستثمر حوالى 60 مليار دولار في مشاريع طاقة بآلاسكا في روسيا. إلا أن الشركة لم تنتج بعد من هذه الحقول ولا تزال تحت التطوير. وقد تعرضت خطة تطوير مشاريع شل في آلاسكا لعرقلة بسبب الحظر الأميركي والأوروبي على روسيا، في أعقاب ضم جزيرة القرم.
وحسب الصفقة التاريخية، فإن شل وبي.جي قالتا في بيان مشترك في لندن أمس، إن شل ستدفع أموالاً نقدية وأسهما بما يقدر قيمة سهم بي.جي عند نحو 1350 بنساً. وأضاف البيان أن ذلك يمثل علاوة سعرية بنحو 52% على متوسط سعر تداول السهم في 90 يوماً. وبلغت القيمة السوقية لمجموعة بي.جي البريطانية 46 مليار دولار حتى إغلاق يوم الثلاثاء، بينما تبلغ قيمة شل 202 مليار دولار. أما إكسون أكبر شركة نفط في العالم من حيث القيمة السوقية فتبلغ قيمتها 360 مليار دولار.
وقال بن فان بيوردن الرئيس التنفيذي لشركة شل خلال مؤتمر صحافي "نملك محفظتين قويتين جداً في مجال أنشطة المياه العميقة والغاز المتكامل على مستوى العالم".
وقال فان بيوردن إن وجود شركتين كبريين في أستراليا والبرازيل والصين والاتحاد الأوروبي قد يتطلب حواراً تفصيلياً مع سلطات مكافحة الاحتكار. وأثار هبوط أسعار النفط العالمية كثيراً من التكهنات بخصوص عمليات الاندماج في قطاع الطاقة، واعتبرت "بي.جي" منذ مدة هدفاً محتملاً لتلك العمليات.
اقرأ أيضا:
صفقة العقد: شل تشتري مجموعة بي.جي بـ70 مليار دولار
ويذكر أن سهم بي.جي هبط بنحو 28% منذ منتصف يونيو/حزيران، حين بدأ انهيار أسعار النفط العالمية مقابل انخفاض نسبته 3% لأسهم شركة شل المدرجة في أمستردام. وفي التعاملات المبكرة في لندن قفزت أسهم بي.جي 42%، بينما نزلت أسهم شل 1.8%؛ وذلك حسب رويترز.
وجاءت الصفقة في أعقاب هبوط أسعار النفط بحوالى 50% منذ يونيو/حزيران الماضي، وهو ما يعني رخص أسعار موجودات الطاقة. ويقول محللون إن هذه الصفقة ستفتح الباب أمام اندماجات جديدة في قطاع الطاقة، لأن الشركات تبحث حالياً عن الخروج من مأزق كلفة الإنتاج والتشغيل المرتفعة، في وقت تشهد فيه أسعار النفط والغاز الطبيعي تدهوراً، ولا توجد أية مؤشرات على تحسن الأسعار في المستوى القريب. ولم يستبعدوا أن تعيد هذه الصفقة مشهد صفقات الدمج التي شهدتها صناعة النفط في بداية العقد الماضي، حينما استحوذت شركة بي.بي العملاقة للنفط على شركتي أموكو وآركو، بينما اشترت إكسون شركة موبيل، واندمجت مع شيفرون وتكساكو.
وقد تحقق صفقة شل وبي.جي وفورات تبلغ نحو 2.5 مليار جنيه استرليني سنوياً لشركة شل قبل حساب الضرائب. وحسب رويترز، ستتمخض الصفقة عن امتلاك مساهمي بي.جي نحو 19% من المجموعة الجديدة الناجمة عن الاندماج.
وقالت الشركتان إن شل ستدفع توزيعات نقدية بواقع 1.88 دولار للسهم العادي في 2015، وما لا يقل عن نفس المبلغ في 2016. وتتوقع شل أن تبدأ برنامجا لإعادة شراء الأسهم في 2017، لا تقل قيمته عن 25 مليار دولار في الفترة من 2017 إلى 2020. وتعتزم الشركة أيضا زيادة مبيعاتها من الأصول إلى 30 مليار دولار في الفترة بين 2016 و2018 بفضل صفقة تملك بريتش غاز.
وفي لندن وصف البروفسور كريستيان ستادلر الأستاذ بجامعة "ويرك بيزنس سكول" البريطانية الصفقة بأنها "صفقة جيدة بالنسبة لشركة شل، لأن شراء بريتش غاز يتوافق تماماً مع طموحاتها الرامية إلى التوسع في صناعة الغاز". وأضاف "الصفقة ستساعد شل على تنمية عملياتها في مجال كشوفات واستخراج الغاز؛ لتعويض ضعف احتياطاتها من النفط". وأشار البروفسور ستادلر في تعليقاته لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، أن شركة شل بهذه الصفقة ستعزز عملياتها في صناعة الغاز بشرقي أفريقيا والبرازيل". من جانبه قال سير فرانك تشابمان الخبير البريطاني في قطاع الطاقة إن "انخفاض أسعار النفط بنسبة 50% أدى إلى رخص موجودات الطاقة".
اقرأ أيضا:
شركات الطاقة تتجه للغاز هرباً من انهيار النفط