ذكر تقرير لصحيفة "مكور ريشون" الإسرائيلية، أن جهات رفيعة المستوى في الاتحاد الأوروبي شككت بقيام اليونان، عبر ممثليها في الاتحاد، بتسريب معلومات عن مداولات داخلية جرت في البرلمان الأوروبي بشأن الاستيطان إلى إسرائيل.
وبحسب التقرير، فقد جرى تزويد إسرائيل بمعلومات دقيقة عن النصوص المقترحة لقرارات الاتحاد الأوروبي، بشأن الموقف من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وفي الجولان.
كما كشف تقرير الصحيفة، عن أن الشكوك تمحورت بشكل أساسي حول قيام ممثلي اليونان بتسريب معلومات دقيقة عن مداولات اجتماع سفراء الاتحاد الأوربي، في 15 يناير/كانون الثاني الماضي، في بروكسل ضمن اللجنة الخاصة بالشؤون الأمنية والسياسية للاتحاد.
وكان يفترض أن يناقش الاجتماع مذكرة قرار موقف الاتحاد من المستوطنات، وقد فوجئ سفراء الاتحاد والدول الأعضاء بتلقيهم توجيهات من مختلف السفراء الإسرائيليين في الدول الأوروبية، بطلب عدم إقرار صيغة المسودة المقترحة التي اعتبرت شديدة اللهجة ضد إسرائيل والمستوطنات، واعتماد نص أقل حدة من الاقتراح الأصلي.
وبعد ذلك بأيام أصدر مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بياناً أكد فيه، على أن الاتحاد الأوروبي سيواصل مراقبة التطورات الميدانية في الضفة الغربية، وسيدرس خطوات من أجل المحافظة على خيار حل الدولتين على ضوء زرع حقائق جديدة على الأرض.
وبحسب صحيفة "مكور ريشون"، فإن أول ما أثار الشكوك الأوروبية بهذا الخصوص كان الرد الإسرائيلي السريع على عبارة "سيواصل الاتحاد الأوروبي وبشكل واضح لا لبس فيه التمييز والفصل بين إسرائيل وبين الأراضي المحتلة من طرفها".
اقرأ أيضاً: محور إسرائيلي ألماني لمواجهة المبادرة الفرنسية لحل الدولتين
وذكرت مصادر أوروبية للصحيفة، أنه على الرغم من أنه خلال المداولات المذكورة، كانت هناك مسودة قرار غير نهائية، إلا أن سفراء إسرائيليين ناشدوا نظرائهم الأوروبيين بمعارضة هذا النص ومحو الجملة التي تتحدث عن الفصل بين إسرائيل وبين الأراضي الواقعة تحت الاحتلال.
إلى ذلك، تبين أن إسرائيل كانت على اطلاع مباشر على هوية سفراء الدول التي طالبت بنص متشدد، وهم سفراء أيرلندا والسويد وفرنسا، مقابل جهود ألمانيا لاستصدار قرار أكثر اعتدالاً، وفي نهاية المطاف تم القبول بالنص المقترح بموافقة 27 دولة ومعارضة مندوب اليونان.
ولم يقف الأمر عند ذلك، بل إن المندوب اليوناني طالب إضافة لتعديل لهجة القرار، بأن يتطرق إلى "الأعمال الإرهابية ضد إسرائيل"، وقد استغلت إسرائيل الموقف اليوناني، وتمكنت بعد ذلك بأيام من تجنيد ممثلي كل من رومانيا وقبرص وهنغاريا وبلغاريا وبولندا لتأييد موقف المندوب اليوناني ورفض مسودة الاقتراح الأصلية، خاصة وأن دستور الاتحاد الأوروبي يحتم قبول القرارات بالإجماع.
ومن خلال ضغط المجموعة الجديدة، تم استبدال النص الأول الذي تحدث عن الفصل بين إسرائيل وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة بنص أقل حدة يقول، إن "كافة الاتفاقيات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي يجب أن تفصل بشكل واضح وقاطع بين إسرائيل وبين الأراضي التي تحتلها".
ومع أن تل أبيب لم تكن راضية تماماً عن النص الجديد، إلا أنها اعتبرت ذلك نجاحاً وإنجازاً مقارنة بالقرار الأصلي، الذي كان يمكن أن ينص على إصدار توجيهات لدول الاتحاد تلزم الشركات الأوروبية بالفصل الكامل والتام بين إسرائيل في حدود 48، وبين الأراضي خلف الخط الأخضر.
اقرأ أيضاً: إسرائيل والاتحاد الأوروبي يتفقان على إعادة الاتصالات بالشأن الفلسطيني
وزاد القرار من الشكوك الأوروبية ما دفع ببعض السفراء في الاتحاد إلى المطالبة، بعد ثلاثة أيام من الاجتماع المذكور، وخلال جلسة مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بإبقاء الهواتف الخليوية خارج غرفة الاجتماعات، وعقد الاجتماع في قاعة آمنة ومحمية من التنصت والتجسس.
وقال تقرير "مكور ريشون"، إن الشكوك تراوحت بين قيام السفير اليوناني بنقل معلومات عن المداولات عبر الهاتف، وبين تصويره لنص مسودة القرار خلال الجلسة، وبين احتمال أن تكون إسرائيل قد زرعت بنفسها ميكروفونات للتنصت على المداولات.
ولفتت الصحيفة، إلى أنه سبق أن عثر محققون بلجيكيون في العام 2003 على أجهزة تنصت، قام "الموساد" بزرعها في البرلمان الأوروبي. مع ذلك نقلت الصحيفة عن مصادر أوروبية قولها إنه حتى لو كانت هناك شكوك، فإنه لا توجد أدلة مادية تؤكدها، وإن إسرائيل لن تجازف بالكشف عن عمليات تجسس في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وقالت المصادر، إن التشكيك يصبح بديلاً لصعوبة التعامل الأوروبي في مواجهة التعاون العلني و"الجريء" القائم أخيراً بين إسرائيل واليونان في شتى المجالات.
وسبق وأن نُشر الكثير عن التحالف الإقليمي الجديد بين إسرائيل وبين كل من اليونان وقبرص، والذي توج في لقاء القمة المشترك بين زعماء البلدان الثلاثة في نيقوسيا الشهر الماضي. وأهم ما يميز هذا التعاون هو منح إسرائيل نافذة تمكنها من الاطلاع على ما يدور في أروقة الاتحاد الأوروبي، والتأثير على قرارات مجلس وزراء خارجية الاتحاد، عبر تفعيل كل من قبرص واليونان استناداً إلى وجوب ضمان الإجماع عند اتخاذ القرارات، وبالتالي فإن مواقف مؤيدة لإسرائيل كلياً، من قبل المندوب اليوناني من شأنها أن تعرقل قرارات شديدة اللهجة ضد إسرائيل، وأن تخفف من حدة القرارات المتخذة ضدها.
اقرأ أيضاً: نتنياهو يتراجع عن سياسة إقصاء الاتحاد الأوروبي فلسطينياً