شروق دويات: فلسطينية دافعت عن حجابها بدمها

07 أكتوبر 2015
شروق قاومت فعل المستوطن بدفعه وضربه (العربي الجديد)
+ الخط -



ما كان يخشاه المقدسيون بات اليوم واقعاً مرسوماً بدم فتاة فلسطينية جامعية من بلدة صور باهر جنوب القدس المحتلة، حين تحول الاستفزاز وامتهان المشاعر إلى عراك وإطلاق نار، سبقه تعد على كرامة نساء فلسطين اللواتي بتن هدفاً للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية ولغلاة المستوطنين المتطرفين.

قبل أن يطلق المستوطن، اليوم الأربعاء، النار على الفتاة الفلسطينية شروق دويات، ابنة التاسعة عشرة، قرب باب المجلس عند تفرع شارع الواد ببلدة القدس القديمة، كادت مسنة فلسطينية في السبعين من عمرها أن تتعرض لاعتداء بالضرب من قبل عضو كنيست إسرائيلي (برلمان) ومجموعة من المتطرفين اليهود، رافقته إلى حيث قُتل مطلع الأسبوع الجاري مستوطنان.

حدث ذلك، حين تفوه عضو الكنيست المذكور بعبارات قاسية ضد المسنة الفلسطينية طالباً منها عدم المرور في شارع الواد، وقال لها بالحرف "أنت مكانك القبر"، لكن المسنة أشبعته بدورها ما يليق بمقامه من عبارات، حتى فصلت بينهما شرطة الاحتلال.

كان الحجاب، في مسلسل الاعتداء على الفتيات والمرابطات، منذ مطلع هذا العام حدثاً وتطوراً نوعياً لم يقتصر اقترافه على المستوطنين، بل أيضاً على شرطة الاحتلال التي لم تتورع هي الأخرى في نزع النقاب وحجاب الرأس عن إحدى المرابطات في باحات الأقصى، كما يقول جمال عمرو الخبير في شؤون القدس والاستيطان، والذي يتابع ما يجري في الأقصى من انتهاكات. بات من الواضح أن الهدف من ذلك الإمعان في إهانة المرأة العربية والمسلمة، والمس بواحد من رموزها الدينية وهو الحجاب.

حدث هذا اليوم مع شروق دويات التي تنتمي إلى أسرة فلسطينية محافظة جدًا ومتدينة، ما جعلها تقاوم فعل المستوطن بدفعه وضربه، ولم تكن تتوقع أن يعاجلها بالرصاص.

اقرأ أيضاً: أم وليد... خمسون عاماً من الرباط في المسجد الأقصى

ضحية رواية الاحتلال

كانت شروق مرة أخرى ضحية لرواية الاحتلال حول ظروف وملابسات ما جرى معها، قد يهبها الله الحياة وهي الآن بين يدي رحمته لتروي حقيقة ما جرى، بيد أن جميع روايات شهود العيان الفلسطينيين في المكان حيث أصيبت تدحض روايات الاحتلال التي ادعت أنها قامت بالطعن أولاً، قبل أن تطلق النار عليها.

وتؤكد روايات الشهود، أن الفتاة المذكورة لم تقم بأي عملية طعن، وأن ما جرى كان اعتداء متعمداً من قبل أحد المستوطنين الذي تحرش بالفتاة، وحاول نزع حجابها عن رأسها قبل أن تدافع عن نفسها وتتعارك معه بيديها الخاليتين من أي آلة حادة، ليطلق النار من سلاحه ويصيبها ببضع رصاصات أصيبت على إثرها بجروح بالغة، فيما أصيب المستوطن بخدوش في رقبته.

هذه الرواية، أكدها، ناصر قوس، مدير نادي الأسير في القدس، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن تدافعا سبق إطلاق النار من قبل المستوطن، وهو ما شاهده أيضا مواطنون، حيث حاول نزع حجابها عنه، فصرخت بعالي صوتها، قبل أن تدفعه عنها، وعندئذ ابتعد منها لخطوات وأطلق النار باتجاهها لتسقط مضرجة بدمها وكانت لا تزال تصرخ، قبل أن تحضر قوات كبيرة من شرطة الاحتلال الخاصة، وتعتدي على المواطنين الذين حاولوا مساعدة الفتاة.

اقرأ أيضاً:مرابطات عن الأقصى حوّلن "القائمة السوداء" إلى "ذهبية"

والرواية ذاتها، أكدها كذلك، شاهد العيان، محمد أبو صبيح، الذي قال إنه لم يشاهد أي آلة حادة بحوزة الفتاة، وأنه شاهد عراكا بين الفتاة والمستوطن تبعه إطلاق نار وصراخ.

في حين قال شاهد عيان آخر إن "أحد المستوطنين استفز المرابطات في شارع الواد، حيث حاول استفزازهن بالشتم والضرب، فتدخلت قوات الاحتلال وأبعدت المستوطن ليقوم بالاعتداء على فتاة محاولا خلع حجابها، فما كان من الفتاة إلا الدفاع عن نفسها وضربه بحقيبتها على رأسه، قبل أن يشهر سلاحه ويطلق النار عليها ويصيبها في منطقة الصدر" .

من جهتهم ، قال مسعفون محليون، قدموا العلاج الأولي للفتاة إن حالتها خطيرة، لكنها مستقرة وكانت حتى لحظة نقلها على سرير سيارة الإسعاف مستيقظة، لكنها مرهقة تماما وفي حالة إحياء شديد نظرا لفقدانها كمية كبيرة من الدم.

وروى أحد المسعفين لـ"العربي الجديد"، أن شرطة الاحتلال التي أشرفت على عمل طواقم الإسعاف قيدت يدي الفتاة بسرير سيارة الإسعاف قبل أن تنقل إلى مستشفى هداسا، فيما بدا المستوطن في سيارة إسعاف أخرى في صحة جيدة، دون أن تظهر عليه سوى آثار خدوش في العنق.

في ذات المكان، وفي مكان آخر هو باب السلسلة، كل شيء ممكن ومتوقع من قبل المستوطنين الذين يعربدون بحماية الشرطة، ولا يتورعون عن شتم النساء بالعبارات النابية، ومحاولة الاعتداء عليهن بالضرب، مع ذلك يتجنبن هؤلاء المتطرفين بالهتاف والتكبير، لكن ما حدث اليوم مع شروق يمكن أن يحدث على نطاق جماعي مع أكثر من 40 مرابطة، وضعن ضمن لائحة سوداء لا ينفك الاحتلال عن التحريض عليهن، ووصفهن بالمشاغبات أو نعتهن بالإرهابيات، فهل ما حدث مع شروق اليوم يؤشر لمرحلة أخرى من سياسة تبنتها وصادقت عليها أكثر حكومات إسرائيل تطرفا؟

هذه السياسة، كما يراها زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، تشريع وتسويغ لقتل الفلسطينيين وترجمة لتعليمات إطلاق النار التي يطبقها المستوطنون قبل عناصر الأمن، لافتاً إلى تحذيره في السابق من هذه السياسة التي ستفضي إلى مزيد من القتل وانتهاك حق الحياة.

اقرأ أيضاً:إصابة عشرات الفلسطينيات عقب منعهن دخول الأقصى