شركات ملابس في تركيا.. أطفال سوريون يخيطون أزياء العالم

15 ديسمبر 2016
(تصوير: كريس ماكغراث)
+ الخط -

نشرت بي بي سي صورًا لأطفال لاجئين سوريين يعملون في تركيا في شركات المنسوجات، نرى فيها أطفالًا يعملون في ورشات في ظروف سيئة لحساب شركات تابعة لكبرى المؤسسات الأوروبية، مثل آسوس Asos وزارا Zara وماركس آند سبنسرMarks and Spencer. هل ستجبر هذه الفضيحة تلك المؤسسات على اتخاذ إجراءات للتحكم في تلك الممارسات؟ هذا أمرٌ مشكوك فيه.

يعمل الأطفال في ورشات وكأن الأمر اعتيادي. في هذه الأماكن، يتعرضون للاستغلال في ظروف غير إنسانية، ويعملون 12 ساعة يوميًا، في جو من العبودية، مقابل عائد مادي ضئيل للغاية. هذه الشركات هي شركات تابعة لمؤسسات الماركات العالمية الكبرى التي نرى دائمًا على ملصقاتها الإعلانية شعارات مَدح الحرية؛ ومنها آسوس وماركس آند سبنسر. كما يتعرّض الأطفال لذلك أيضًا عند الشركات التابعة المستغلّة لمانغو Mango وزارا.

داراغ ماكلنتير، الصحافي الذي نشر هذه الصور، يصف الوضع المقلق للاجئين السوريين. فوفقاً لما رواه، يمكن أن نجد بكل سهولة، في تركيا، أماكن يعمل فيها لاجئون سوريون. ويُضيف أن بعض الورشات لا تدفع سوى يورو واحد مقابل ساعة من العمل، وهو أقل من الحد الأدنى في القانون التركي. لكن النساء والرجال والأطفال لا يملكون الخيار، ولا يستطيعون أن يفعلوا أي شيء ضد هذه الشركات التي تستغلّهم. وبما أن الوضع القانوني للاجئين السوريين لم يتم تسويته بعد في تركيا فهم يتعرّضون إذن للانتهاكات. يفسّر داراغ ماكلنتير الأمر قائلًا:

"أخبَروني بأن تشغيل الأطفال في تركيا مؤذٍ لهم. لكني لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد. كانت هناك ورشة تحت الأرض تعج بالكامل تقريبًا بأطفال لا يتعدّى أغلبهم السبع أو الثماني سنوات: هذا هو تجسيد بؤس الأطفال الذي عبّر عنه ديكنز".

أما المؤسسات الأوروبية المتورّطة في الأمر فهي تغض الطرف عن انتهاك الاتفاقيات الدولية في ما يخص حماية الأطفال، ولا تقلق حيال الأمر من الناحية القانونية، ولا تنوي اتخاذ إجراءات لوضع حد لتلك الممارسات. فهذه المؤسسات غير أخلاقيّة وهي تُدرك أبعاد المشكلة، وقد عرّضتها بعض المؤسسات غير الحكومية للمساءلة في بداية 2016.

لكن مؤسسات ماركس آند سبنسر (الداعمة للمنظمات الصهيونية) وآسوس وغيرها تفضّل التظاهر بالجهل حيال ما يحدث، وأن تنفي عن نفسها المسؤولية بشتى الطرق الممكنة، كي لا توجه إليها الأنظار. وعندما سُئلوا عن الأمر، أعلنت هذه الماركات نفسها أنها منشغلة بهذه المسألة، وأنها تتخذ إجراءات لـ"تحسين" الوضع. إلا أن كل هذا لا يساوي شيئًا أمام حقيقة الوضع الذي يتدهور على أرض الواقع.

تذكّرنا مثل هذه الأوضاع الصعبة بالظروف التي يعيش فيها اللاجئون في تركيا. منذ توقيع الاتفاق بشأن اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، في 18 مارس/آذار من هذا العام، فإن الملايين من اللاجئين لا يستطيعون الخروج من تركيا.

وفقاً لصحيفة لوموند الفرنسية، فإن مليونين و730 ألف لاجئ متواجدون حالياً في تركيا. ومجموعة ضئيلة منهم فقط هي التي تعيش في مخيّمات، بالرغم من الأموال الطائلة التي يمنحها الاتحاد الأوروبي للنظام التركي. وقت توقيع الاتفاق، نددت به عدة منظمات غير حكومية وحذّرت منه، لأنه سيعرّض اللاجئين لمزيد من الضغط والخطر. ومنذئذ والمخاطر قد تجسّدت على أرض الواقع، خاصةً عن طريق استغلال الأطفال والبالغين الذين لا يملكون أوراقاً رسمية.

أعلنت تركيا في الحقيقة أنها لا تمتلك الوسائل المناسبة لإدارة شؤون ملايين اللاجئين القادمين من سورية. من جهة أخرى، لا تُحتَرَم دائمًا الحقوق الأساسية للاجئين كما يوضّح الفيديو التالي.

في النهاية، بسبب أن الخدمات الإدارية في تركيا مضغوطة لأنها لا تتلقى تمويلًا كافيًا، فالسوريون يبقون أحيانًا بدون وضع قانوني لعدة سنوات. نتيجة لذلك، فإنهم لا يمكنهم العمل في أماكن رسمية، وبالتالي لا يملكون خيارًا سوى العمل بطريقة غير قانونية، وهو سبب كل الانتهاكات والإساءات.

المساهمون