شركات النفط تتحرّك

28 سبتمبر 2015
شركات النفط الكبرى متفائلة بأسعار النفط مستقبلا (Getty)
+ الخط -
يبدو أن انخفاض أسعار النفط جعل الشركات الكبرى تخرج من مرحلة الصمت إلى الإعلان والإفصاح عن الرؤى والأفكار. ونجد أن العديد من الشركات حاولت إعطاء مقاربات لأسعار النفط في السوق الدولية بعد الانخفاض على مدى أكثر من عام إلى نحو 50 دولاراً أو أدنى من ذلك.

وترى الشركات أن هذا الانخفاض وقتي، وليس مستمراً، نتيجة إداركها لخطورة اللعب بالاستثمارات التي تقودها الشركات العالمية في منابع النفط الأساسية في الشرق الأوسط والخليج على وجه التحديد.

وقد تأثرت الأسعار بشكل كبير بسبب غياب الاستقرار، والأزمات، وصعود موجة الإرهاب، إضافة إلى تضارب بيانات الاقتصاديات الصاعدة ومؤشرات الاحتياطي الأميركي، وكذلك رؤية الوكالة الدولية للطاقة.

اقرأ أيضا: فرضيات مستقبل "أوبك"

ومن بين الشركات، نجد أن "توتال" الفرنسية قد أشارت، عبر مدير الأبحاث في الشركة، ألان ماتيفاود، كبير المحللين لديها، إلى إنه ليس من الصعب أن يستعيد النفط الخام سعر 100 دولار للبرميل قريباً في ضوء التطورات المتوقعة لنمو الطلب، ونصح دول الخليج بالتركيز والاهتمام في المرحلة القادمة بصناعتي التكرير والبتروكيماويات والإسراع في اقتناء التكنولوجيا المتطورة والتقنيات الحديثة للاعتماد عليها في صناعة النفط، والتي تتلاءم مع البيئة ومتغيّرات المناخ وتقلّل من انبعاثات الكربون.

وأوضح ماتيفاود أن هذا السعر هو العادل والمناسب للمنتجين والمستهلكين والشركات على السواء، وأن سعر 40 دولاراً للبرميل يعد كارثياً ويهدد المنتجين والمستثمرين، متمنياً ألا يصل السوق إلى هذا الحد الأدنى المقلق على الإطلاق. ولذلك نجده يقول إن النفط الخام سيظل العنصر الغالب على مزيج الطاقة لعقود مقبلة ولن يتراجع الاعتماد عليه حتى في أسواق الدول المتقدمة، خاصة في الاتحاد الأوروبي، نظراً لأن الاعتماد على الطاقة المتجددة ما زال يحتاج إلى وقت طويل.

اقرأ أيضا: تحركات أسعار النفط المستقبلية

إلى ذلك، أشار مدير قسم الدراسات في شركة توتال إلى إيجابية سياسات منظمة الدول المصدّرة للبترول (أوبك)، منوهاً بأنها تمتلك رؤية مستقبلية صائبة وليس رؤية محدودة وقتية، وتسعى حثيثاً لصالح الصناعة واستقرار الأسواق.

وقلّل من أهمية الإنتاج المتسارع للنفط الصخري الأميركي، وتوقع عودته إلى الانخفاض الحاد بسبب انخفاض الأسعار وارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة التنافس مع النفط التقليدي الأرخص في الكلفة.

وعلى أثر تطورات السوق العالمية، نجد أن الشركات الكبرى قد عملت للأسبوع الثالث على التوالي على تخفيض عدد منصات النفط العاملة، في مؤشر على أن موجة هبوط أسعار الخام في الآونة الأخيرة تدفع الشركات لتعليق خطط أعلنت عنها قبل عدة أشهر لزيادة الأنشطة.

وهذا ما دفع شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية إلى توقيف عمل 8 منصات في الأسبوع المنتهي في 18 من أيلول/ سبتمبر، لينخفض العدد الإجمالي للمنصات إلى 644 بعدما تقلّص العدد بواقع 23 خلال الأسبوعين السابقين، وهو أكبر انخفاض في عدد المنصات خلال ثلاثة أسابيع متتالية منذ أيار/ مايو.

والجديد في السوق النفطي، عودة ملامح دور النفط الإيراني. فقد أعلن أخيراً أن إيران ستعلن في الأسابيع المقبلة عن عقودها الجديدة لتطوير النفط بهدف جذب مشتري الخام والمستثمرين الأجانب فور رفع العقوبات عن قطاع الطاقة بالبلاد، ومن المتوقع الآن على نطاق واسع رفع تلك العقوبات في 2016. وتحتاج إيران إلى شركات النفط الغربية لمساعدتها في إنعاش حقولها النفطية العملاقة المتقادمة وتطوير مشروعات نفط وغاز جديدة، وتأتي عقود النفط الجديدة في إطار جهودها الرامية لجذب مستثمرين أجانب، وسيتم أولاً الإعلان عن العقود الجديدة في طهران في 23 أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام. حيث سيتم عرض العقود الجديدة على المستثمرين خلال مؤتمر في لندن يعقد في ديسمبر/ كانون الأول. وتشير المعلومات إلى أن النموذج الجديد سيتضمن شروطاً مماثلة لشروط اتفاق تقاسم الإنتاج، لكن إيران تتوقع أن تصبح أسعار النفط العالمية بين 40 ـ 45 دولاراً للبرميل في 2016.

اقرأ أيضا: تنبؤات حول أسعار النفط

إذن، تضارب رؤى الشركات واختلاف السياسات النفطية بين الدول المنتجة الكبار ستجعل الأسعار غامضة وغير مدركة لأحجية الاقتصاديات النفطية التي تعاني من إشكاليات كبيرة، كما يحدث في العراق وليبيا وإيران. ولذا، إن إدراك الشركات لحجم المعضلة من الممكن أن يحسّن صورة السوق النفطية الدولية.
(خبير نفطي عراقي)
المساهمون