قال تجار سيارات في مصر، إن توسع شركات خدمات تأجير المركبات، رفع من حجم الطلب على السيارات الحديثة، الأمر الذي ساهم في ارتفاع أسعارها بجانب الانفلات غير المسبوق في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري وارتفاع تكاليف الاستيراد بنحو كبير.
وقفزت أسعار السيارات الجديدة بشكل غير مسبوق، منذ بداية العام الحالي 2016، فيما أعلن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الحكومي، فتح تحقيق حول الارتفاعات الكبيرة في الأسعار.
وقال أيمن الأبيض، رئيس شعبة السيارات في غرفة الجيزة التجارية (جنوب العاصمة)، إن ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء من أبرز أسباب صعود أسعار السيارات، مشيراً إلى أن العملة الأميركية قفزت مما يتراوح بين 8 و9 جنيهات بداية العام الحالي 2016 إلى ما يقرب من 18 جنيهاً حالياً.
وأضاف الأبيض في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك تراجعاً في الاستيراد نتيجة عدم توفر العملة الأجنبية والقيود التي وضعتها الحكومة على الواردات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات التي شهدت ارتفاعاً في الطلب لاسيما بعد إعلان شركات خدمات تأجير السيارات التوسع في حجم أعمالهما، والتي اشترطت في السيارات الخاصة التي تنضم إليها أن تكون من طرازات حديثة.
وتعمل ثلاث شركات في مصر حالياً بمجال تأجير المركبات عبر تطبيقات على الهواتف المحمولة (النقالة)، أبرزها أوبر"، التي تقدم خدمات بديلة للتاكسي التقليدي (سيارات الأجرة).
وكان أنتوني خوري، المدير العام لشركة "أوبر" في مصر، قال لـ "رويترز" قبل أسبوع، إن الشركة تعتزم استثمار أكثر من 50 مليون دولار في العامين القادمين واتخاذ القاهرة مركزاً إقليمياً لها.
وارتفع عدد سائقي "أوبر"، وحدها إلى نحو 35 ألفاً من 30 سائقاً فقط حين بدأت الشركة عملها في مصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بحسب خوري، مشيراً إلى أن أكثر من 2500 سائق جديد ينضمون إلى "أوبر" كل أسبوع.
وأضحت "أوبر" ومنافستها الأبرز "كريم" لخدمات تأجير السيارات، بديلاً رائجاً في القاهرة لسيارات الأجرة التي غالباً ما تكون متهالكة وتغطيها الأتربة، واشتهر سائقوها بعدم تشغيل العداد ورفع الأجرة والتدخين المتواصل.
لكن عاملون في سوق السيارات لا يرون أن زيادة شراء السيارات الحديثة من أجل الانضمام إلى خدمات التأجير، هو السبب الأبرز لارتفاع أسعار المركبات وإنما الصعود غير المسبوق لسعر الدولار أمام الجنيه المتهاوي.
وقال علاء السبع، عضو شعبة السيارات في غرفة القاهرة التجارية لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار المركبات نتيجة أساسية لارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء، موضحاً أن كل ارتفاع الدولار بقيمة جنيه واحد يرفع سعر السيارة بمتوسط عشرة آلاف جنيه ( 1126 دولاراً) .
وأضاف السبع لـ"العربي الجديد"، أن وكلاء السيارات والتجار يواجهون مشكلة في تحديد أسعار البيع للعملاء بسبب تغيير سعر الدولار بشكل مستمر.
وقفز سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى ما يقرب من 18 جنيهاً، بينما يبلغ في السوق الرسمية بالبنوك نحو 8.88 جنيهات، فيما يقول أغلب التجار والمستوردين إنهم يضطرون إلى شراء العملة الأميركية من السوق السوداء لعدم توفرها في البنوك.
وقال السبع: "الدولار كل ساعة بسعر، ويرتفع في اليوم الواحد أكثر من مرة، وبالتالي لا يمكن أن نحدد للعميل سعر السيارة، ويكون الاتفاق على أن يُحدد السعر النهائي وقت التسليم حسب سعر الدولار".
وتراجعت واردات سيارات الركوب (الخاصة) بنسبة 35.3% خلال يوليو/تموز الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي 2015، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي).
وتعتمد سوق السيارات في مصر على المستورد بالكامل، والمجمع محلياً الذي يعتمد أيضاً، على مكونات واردة من الخارج.
وقال سعد رجب، تاجر وصاحب أحد معارض السيارات في محافظة الجيزة، إن أسعار السيارات مثل جميع السلع في مصر ارتفعت تأثراً بالدولار، مشيراً إلى أن قيمة المركبات الجديدة ارتفعت بما يتراوح بين 60% و70% في المتوسط، كما زادت أسعار السيارات المستعملة بنسبة تتراوح بين 40% و60%، حسب فئة السيارة وحالتها وسنة الصنع.
ولفت رجب في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن زيادة أسعار السيارات الجديدة، أنعش سوق المركبات المستعملة، نظراً للهوة الكبيرة بين السعرين.
وفي ظل الارتفاع الكبير في أسعار السيارات، أعلن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية (حكومي)، عن فتح تحقيق حول هذا الأمر.
وقال الجهاز، في بيان صحافي، في الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنه أوشك على الانتهاء من الفحص الذي يجريه للقطاع حرصاً منه على كشف أيّ ممارسات احتكارية أو قيود تحد من حرية المنافسة، مشيراً إلى أنه من المنتظر إعلان نتيجة الفحص فور اعتماد التقرير من مجلس الإدارة.
كما قال عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك (حكومي)، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الارتفاعات التي تشهدها سوق السيارات "غير مبررة وجنونية".
وطالب يعقوب، المستهلكين، بالتوقف عن شراء السيارات لمدة ثلاثة أشهر، والإبلاغ عن أي تجاوزات، لافتاً إلى أكثر من 60 % من الشكاوى التي يتلقاها الجهاز شهرياً بخصوص السيارات وتلاعب الشركات ضد المستهلكين.
وأشار إلى أن هناك تعاوناً بين جهازي "حماية المستهلك" و"منع الممارسات الاحتكارية"، ومن المنتظر إعلان بيان رسمي بعد انتهاء دراسة السوق لكشف المحتكرين والمتلاعبين.
ولفت إلى تحويل جهاز حماية المستهلك عدداً من شركات السيارات إلى مصلحة الضرائب أخيراً، لشبهة التهرب الضريبي، وذلك من خلال إعطاء بعض شركات للمشتري إيصالاً بمبالغ أقل من المدفوع للتهرب من الضرائب والتحايل على القانون.
لكن العاملون في قطاع السيارات، يرجعون قفزات الأسعار المتواصلة إلى الزيادة المستمرة في سعر الدولار، وصعوبة الحصول عليه إلا من خلال السوق السوداء.
وقال علاء السبع، عضو شعبة السيارات في غرفة القاهرة التجارية : "هناك أكثر من 35 نوعاً من السيارات في مصر، والسوق عبارة عن عرض وطلب، ولا يستطيع أحد أن يتحكم فيه، ولو وفرت الدولة الدولار لشركات السيارات ستنخفض الأسعار".
كما اعتبر أيمن الأبيض، رئيس شعبة السيارات في غرفة الجيزة التجارية، أن " نسبة الزيادة في السيارات منذ بداية العام تبلغ في المتوسط 55%، وهذه النسبة قد يراها بعضهم كبيرة، لكنها قليلة مقارنة بسعر الدولار الذي ارتفع بنسبة 100% في نفس الفترة".
وقال الأبيض، إن هامش الربح في السيارة كلها يبلغ نحو 10% تقسم بواقع 6% للوكيل أو المُصنع، وما يتراوح بين 2% و3% للموزع و1% للتاجر الصغير.
ولم تفلح الحملات التي يشنها البنك المركزي المصري والمداهمات الأمنية ضد شركات الصرافة وتشديد القوانين في كبح سعر الدولار بالسوق السوداء، فقد أغلق البنك أكثر من 40 شركة منذ بداية العام بدعوى التلاعب في أسعار صرف العملات والقيام بمضاربات.
وتزداد الضغوط على الاقتصاد المصري العليل، بسبب تراجع موارد النقد الأجنبي الرئيسية، لاسيما في ظل الانخفاض الحاد للسياحة وعائدات التصدير وقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج. وتراجع إجمالي عدد السياح إلى 3.8 ملايين سائح خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بانخفاض بلغت نسبته 41.8%.
ودعت هذه الأوضاع مجلة إيكونوميست البريطانية في أغسطس/آب الماضي، إلى وصف اقتصاد مصر بالمتدهور إلى مستويات غير مسبوقة، مما يهيئ الأوضاع لانفجار جديد، حيث النظام المصري مفلس، ويعتمد على "حقن نقود سخية من دول الخليج، وبدرجة أقل على المساعدات العسكرية الأميركية".