تتخوف منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) وخبراء زراعة من حدوث قفزة في أسعار السلع الغذائية على خلفية تداعيات تفشي فيروس كورونا، وحسب خبراء اقتصاديين كبار في المنظمة ومحللون فإن عمليات الإغلاق وحمى شراء الأغذية تخوفاً من تفشي الوباء يمكن أن تتسبب في تضخم أسعار الغذاء عالمياً على الرغم من وجود إمدادات وفيرة من الحبوب الأساسية والبذور الزيتية في الدول المصدرة الرئيسية.
وهنالك مخاوف حقيقية في الصين التي ضربها الفيروس أولاً من حدوث نقص كبير في الإنتاج الزراعي بسبب نقص العمال في المزارع الذي سببه إغلاق المدن والقرى في المناطق الزراعية. ورغم ذلك هنالك بشائر بانحسار وباء "كوفيد 19" في الصين التي تعد من الدول الكبرى المستهلكة للمواد الغذائية، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليار نسمة.
من جانبها ترى شركات عالمية كبرى في إنتاج وتصنيع الأغذية، أنه لا توجد أزمة حقيقية في إمدادات الغذاء العالمي، على الرغم من الذعر الذي يدفع المواطنين في أنحاء العالم للتخزين وخلق حالة من النقص في متاجر السوبرماركت.
في هذا الشأن، قال البروفسور بجامعة نورث هامبتون البريطانية، ليام فاسام، لصحيفة " فاينانشيال تايمز"، " إن تأخير الشاحنات الحاملة للمواد الغذائية في المعابر ليوم، يرفع من القلق لدى متاجر السوبرماركت ". ويدفع فراغ رفوف المتاجر في المدن البريطانية، وخاصة لندن، من بعض المنتجات لمزيد من الذعر وسط المستهلكين في بريطانيا ويدفعهم نحو المزيد من عمليات الشراء والتخزين.
كما لاحظ مراقبون في بريطانيا، أن بعض تجار الأزمات من أصحاب المتاجر الصغيرة في الأحياء اشتروا بكثافة بعض المنتجات الحيوية والمضادات وبالتالي أحدثوا نقصاً.
ويستفيد أصحاب المتاجر الصغيرة في أحياء المدن البريطانية من "أزمة كوفيد 19" برفع الأسعار للسلع التي اشتروها بأسعار عادية، بنسب كبيرة للمستهلكين الذين يذهبون لمحلات السوبرماركت ولا يجدونها.
من جانبها قالت شركة نستله، كبرى شركات صناعة الأغذية في العالم، " إن تخزين المواد الغذائية لا يبدو ضرورياً، وأن مصانعنا تعمل بطاقتها القصوى".
و
تستورد بريطانيا نحو 40% من حاجتها الغذائية من الخارج، وهنالك العديد من المنتجات الغذائية تأتي من إيطاليا، الدولة التي تعاني أكثر من وباء كورونا المستجد.
وهذه المنتجات تتأخر في الوصول لبريطانيا، بسبب عمليات الفحص الدقيق لدى المعابر، ولكن مستوردين قالوا لصحيفة " فاينانشيال تايمز"، البريطانية، إنهم يستخدمون السفن حالياً بدل الشاحنات لتسريع وصول المواد الغذائية من إيطاليا. في ذات الشأن، قالت شركة كرافت هاينز الأميركية، "الإنتاج والتوزيع لكل منتجاتنا يتواصل بكامل السرعة والطاقة وإمداداتنا مستمرة ولم تتأثر بتداعيات الفيروس".
وقال عبد الرضا عباسيان كبير الاقتصاديين في منظمة الفاو، "كل ما تحتاجه لخلق أزمة هو أن يتجه مستوردون كبار، مثل المطاحن أو الحكومات، للشراء بدافع الذعر".
وأضاف لرويترز هاتفياً من روما حيث مقر المنظمة، " ليست قضية توريد بقدر ما هو تغير في السلوك المتعلق بالأمن الغذائي... ماذا لو ظن المشترون بالجملة أنهم قد لا يستطيعون الحصول على شحنات القمح أو الأرز في مايو/أيار أو يونيو/حزيران؟ هذا هو ما يمكن أن يؤدي إلى أزمة إمدادات غذائية عالمية".
وقال أولي هوي مدير الاستشارات في مؤسسة أيكون كوموديتيز لخدمات السمسرة، "هناك حوالي 140 مليون طن من الذرة المستخدمة في صناعة الإيثانول في الولايات المتحدة، وبعضها يمكن استخدامه في الغذاء إذ لن تكون هناك حاجة لاستخدامه للوقود نظراً لانخفاض أسعار النفط". وأضاف "المهم هو توفير الغذاء في الوقت والمكان المناسبين".
وضخت أغنى دول العالم مساعدات غير مسبوقة في الاقتصاد العالمي مع زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وتجاوز عدد الوفيات في إيطاليا مثيله في بر الصين الرئيسي حيث نشأ الفيروس.
وفوجئ العالم بالوباء الذي أصاب ما يزيد على 270 ألفا وأودى بحياة ما يربو على 11 ألفا، ودفع كثيرين لعقد مقارنات بين تداعياته وآثار فترات مثل الحرب العالمية الثانية وتفشي وباء الإنفلونزا الإسبانية في 1918.