لكن كافة القوى المذكورة اتبعت نفس المنهج في كسر الحدود، وإن اختلفت الأهداف بين قومية ودينية وسياسية. فالمليشيات الأفغانية تقدس حدود بلدها مع إيران مثلاً، بينما لا تعترف ومعها جنود "حزب الله" اللبناني و"الحرس الثوري" في إيران بأي حدود لا تصلها أذرع إيران العسكرية. وللأكراد حصتهم أيضاً مع محاولتهم التاريخية لاقتطاع حدود وتشكيل دولة واحدة قائمة على أساس عرقي.
وإذا اتجهنا غرباً أكثر نحو حدود لبنان الشرقية والشمالية مع سورية، فنجد أن العوامل متشابهة: حدود هشة تتعارك حولها مليشيات طائفية مُختلفة تلتزم جميعها حدود اللعبة المُنسقة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية. وإن كان اختراق تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" لحدود لبنان واحتلال بلدة عرسال لساعات طويلة أضعف إخراجاً من المشهد السينمائي الذي كسرت فيه قوات "داعش" الحدود بين العراق وسورية، فإن "كسر الحدود وقع" وبالاتجاهين، مع اندفاع "حزب الله" بكل قوته العسكرية والسياسية والدينية التعبوية نحو سورية عام 2013 لـ"تحريرها من التكفيريين"، ثم اندفاعه قبل أيام من سورية إلى لبنان لـ"تحرير الجرود من التكفيريين" أيضاً. يفوت جميع هؤلاء أن عنوان الخلاف أصبح طائفياً، وأن الحدود لم تعد بين الدول بل بين الطوائف، فمن يكسرها؟