يزيد شح الزيت النباتي في أسواق تونس، من تدفق الزيت الجزائري المهرب عبر الحدود، في وقت شهد فيه الاستهلاك تنامياً خلال شهر رمضان وعيد الفطر، بينما تتصاعد الانتقادات لتسرب الزيت المدعوم إلى المطاعم ومحلات صنع الحلويات.
وتقدر الزيادة في الطلب على الزيت في رمضان والعيد بحسب بيانات لمعهد الاستهلاك الحكومي بنحو 30 بالمائة، غالبا ما تستغلها محلات صنع الحلويات.
وبحسب بيانات رسمية صادرة حديثاً عن مصالح الجمارك الجزائرية، اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن كميات زيت المائدة المهربة نحو تونس تتراوح سنويا بين 200 و250 ألف لتر، وتجري أغلب عمليات التهريب عبر إقليم محافظة تبسة، مشيرة إلى أن الكميات التي تم ضبطها فقط العام الماضي في المعابر وعلى الطرق الحدودية مع تونس بلغت نحو 60 ألف لتر.
تقول "مريم ب" والتي تعمل في جلب الزيت من الجزائر لصالح محلات للحلويات التقليدية، إن الكميات التي تعبر عن طريق وسطاء عبر المسالك الجبلية أكبر بكثير من الكميات التي تحجزها السلطات الجزائرية.
وتشير إلى أنها تعبر الحدود الغربية بين تونس والجزائر بمعدل ثلاث مرات أسبوعيا، وتجلب معها في كل سفرة نحو 150 لترا تعبر بها الحدود عبر مسلك جبلي بمساعدة مهربين مختصين من البلدين.
وتؤكد أنها تتفق مع مصنع للحلويات، على تزويده بهذه الكميات أسبوعيا مقابل 10 دنانير (3.3 دولارات) لوحدة الزيت ذات سعة 5 لترات، مشيرة إلى أن السعر غالبا ما يكون موحدا بالاتفاق بين مجموعة المهربين الذين يشتغلون في هذه المادة.
وتلفت إلى شهر رمضان وموسم عيد الفطر، هو موسم تهريب الزيت بامتياز، بينما يتراجع الطلب على هذه المادة بعد انقضاء العيد ما يؤثر على السعر المعتمد حيث تنزل أسعار الوحدة بمعدل دينار أو أكثر.
وتقر وزارة التجارة التونسية بوجود تلاعب كبير في سوق الزيت المدعوم، ما يؤثر سلبا على وصوله للأسر. ويقول ياسر بن خليفة، المدير الجهوي (المحلي) لوزارة التجارة في العاصمة تونس، إن جهاز المراقبة الاقتصادية كثف من حملاته قبل رمضان وأثناء شهر الصيام، بهدف التصدي للممارسات الاحتكارية والتلاعب في الزيت النباتي المدعوم.
ويضيف بن خليفة لـ"العربي الجديد" أنه تم إجراء 391 زيارة مراقبة لوحدات التعلیب وتجار الجملة وتجار التجزئة، نتج عنھا رفع 71 مخالفة اقتصادية وتم حجز أكثر من 25 ألف لتر من الزيت المدعوم.
ويشير إلى أنه سیتم وقف تزويد الوحدات المخالفة بالزيت المدعوم لمدة شھر، مع إحالة حصتھا إلى وحدة تعلیب أخرى قصد تصنیعھا وضخھا في السوق.
ويتابع أن نتائج حملات المراقبة، كشفت عن استعمالات غیر مشروعة للزیت وحجز كمیات كبیرة لدى صانعي الحلويات، لافتا إلى أنه جرى اعتماد قرارات إضافية بعد الحملة، تتمثل في الإشراف المباشر للوزارة على توزيع الزيت المدعوم، ووضع برامج خصوصیة لضخ الكمیات الضرورية من ھذه المادة بالمناطق التي تشهد نقصا في المعروض.
وتقدم الحكومة في إطار تقليص نفقات الدعم المخصصة للزيت حوافز لمصنعي الزيت غير المدعوم، منها الإعفاءات الجمركية عند توريد المواد اللازمة لتكرير ھذا الزيت.
ويضيف أن الاحتكار ومسالك التوزيع الموازية تتسبب باستمرار في شح المعروض ورفع السعر، بالرغم من سعي المصنعين لتوفير احتياجات السوق وتوفير كميات إضافية في فترات الذروة.
ويتابع أن تجار الجملة يحتكرون كميات الزيت التي تضخها المصانع، حيث يقومون بتخزينها في مستودعات غير قانونية ويعيدون بيعها بأكثر من السعر الحكومي، إلى المطاعم ومصانع الحلويات، خاصة أن سعر لتر الزيت غير المدعوم يتراوح بين 3 و3,5 دنانير، ما يحرم الفئات الضعيفة (الفقيرة) من الاستفادة من الدعم الحكومي لهذه المادة.
ويواجه أغلب التونسيين ضغوطا معيشية متزايدة. وبينما تراجع معدل التضخم على أساس سنوي، وفق أحدث البيانات الصادرة عن معهد الإحصاء الحكومي، في وقت سابق من مايو/ أيار الجاري، إلى 6.9 في المائة خلال إبريل/ نيسان الماضي، إلا أنها مرتفعة كثيراً عن الفترة نفسها من 2010 والتي كانت تقدر بنحو 3.5 في المائة. وفي مارس/ آذار الماضي، بلغ معدل التضخم 7.1 بالمائة.
ولا يضغط تزايد الاستهلاك على نفقات الأسر فحسب، وإنما على المخصصات الحكومية، حيث تدعم الدولة العديد من السلع. وتتخطى نفقات دعم الغذاء في تونس 660 مليون دولار سنوياً.