يعاني مزارعو الحمضيات في الجزائر من نقص في مياه الري، بسبب شح الأمطار، في الأشهر الأخيرة، ما يهدد بخسارة محصولهم وينذر بأزمة في وفرة هذا الصنف في موسمه المنتظر مع نهاية فصل الخريف، في وقت تراهن البلاد على الإنتاج المحلي بعد تجميد عمليات استيراد الحمضيات سابقاً.
حالة الخوف والترقب تنتاب المزارع حبيب مناد، الذي قال لـ "العربي الجديد" إن محصول هذه السنة سيكون كارثياً بسبب شح الأمطار التي لم تتساقط، منذ نهاية شهر مايو/أيار الماضي، إلا مرة واحدة أو مرتين طيلة موسم الصيف.
وأضاف نفس المتحدث: "نحن في شهر أكتوبر /تشرين الأول، ولم تسقط الأمطار بعد، وننتظر أن تجود علينا السماء علها تنقذ موسمنا من الخسارة".
وحسب نفس المزارع فإن الشجرة التي كانت تنتج قنطارين (200 كيلوغرام) في المواسم الماضية ستنتج هذه السنة 50 كيلوغراماً على أقصى تقدير".
وأمام هذه الوضعية اضطر مزارعو الحمضيات في منطقة متيجة (90 كلم جنوب العاصمة) المشهورة بزراعة الحمضيات، إلى الاستعانة بالمياه الجوفية ومياه الآبار لتعويض نقص مياه الأمطار، ما زاد في حجم المصاريف التي تعدت توقعات بعض المزارعين حتى قبل بداية موسم جني المحاصيل.
ويقول المزارع عبد الرحمان رنان، إن نقص تساقط الأمطار، في الأشهر الأربعة الأخيرة، دفع بعض المزارعين الى الاستنجاد بالمياه الجوفية لسقي الأشجار، وترتب عن هذا الخيار إنفاق مصاريف إضافية مثل شراء الوقود لتشغيل المضخات وشراء أنابيب جديدة بالنسبة لبعضهم، كما اضطر بعض المزارعين إلى شراء صهاريج مملوءة بالمياه يومياً.
وأوضح نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن بعض المزارعين اضطروا إلى الاقتراض أو إشراك أصحاب الأموال في نشاطهم من أجل إنقاذ موسمهم من الخسارة، فالمزارع يحتاج إلى ما يزيد عن مليون دينار على الأقل (9500 دولار) حتى يضمن اليد العاملة والأسمدة الزراعية ومياه الري حتى ينجح في الخروج بموسم وافر.
وكانت الجزائر قد سجلت السنة الماضية إنتاجاً بلغ 8 ملايين قنطار من الحمضيات مقابل ما يقارب 11 مليون قنطار السنة التي قبلها حسب أرقام وزارة الزراعة الجزائرية، منها 74% برتقال و6% مندرين أو يوسفي.
وأرجعت الوزارة الجزائرية هذا التراجع في الإنتاج إلى الجفاف الذي ضرب البلاد نهاية 2015 واستمر طيلة 2016.
وتضم زراعة الحمضيات في الجزائر حوالى أربعين نوعاً، منها 20 نوعاً من البرتقال و15 نوعاً من اليوسفية والليمون بـ 5 أنواع تنضج عادة مع نهاية فصل الخريف وبداية فصل الشتاء.
ويرى محمد عليوي، رئيس الاتحاد الجزائري العام للمزارعين الجزائريين أن "موسم الحمضيات لهذه السنة سيكون أقل بكثير من السنة الماضية من حيث حجم الإنتاج وذلك لتواصل شح تساقط الأمطار".
وأضاف عليوي، أن التوقعات تصب عند رقم 6.5 ملايين قنطار أو 7 ملايين قنطار في أحسن الأحوال.
ويتوقع نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن تشهد أسعار الحمضيات ارتفاعاً غير معهود راجع إلى اختلال كفتي العرض والطلب الذي كان يسد ارتفاعه في الماضي بما يتم استيراده من حمضيات، خاصة من فرنسا وإسبانيا.
وأكد عليوي أن استهلاك الحمضيات ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة في الجزائر، ويعود سبب ذلك لصناعة العصائر من طرف بعض الشركات الخاصة والعصائر الطبيعية في المنازل، واستعمال هذا النوع من الفواكه في الحلويات، بالرغم من توسع المساحات المستغلة في إنتاج الحمضيات إلى 65 ألف هكتار.
وأغلقت الحكومة الجزائرية، بداية العام الجاري، أبواب الاستيراد في وجه بارونات الحمضيات، بعدما أخرجت هذه الفئة من الفواكه من دائرة السلع الخاضعة إلى رخص الاستيراد، ونقلها إلى دائرة "القائمة السوداء" للسلع الممنوعة من الاستيراد.
وتستورد الجزائر سنوياً ما قيمته 20 مليون دولار من الحمضيات خاصة البرتقال، وتعد إسبانيا وفرنسا الممون الأول للجزائر سابقا.
من جانبها تفهمت وزارة الزراعة الجزائرية مخاوف مزارعي الحمضيات وأبدت استعداداً لمساعدتهم، حيث كشف طاهر برجي، مدير التخطيط والدراسات الزراعية في الوزارة أن "وزارة الزراعة أمرت المديريات الجهوية بفتح أبوابها في وجه المزارعين وتزويدهم بالإمكانيات المادية المتوفرة من جرارات ري وأنابيب مخصصة للسقي وحتى الأسمدة الزراعية لتعويض الأملاح المعدنية التي توجد في المياه".
وحول احتمال وقوع خسائر للمزارعين، قال برجي لـ "العربي الجديد" إنه في حال تسجيل خسائر يحق للمزارع أن يودع ملف تعويض لدى الوزارة ويتم التكفل به في أقرب وقت كما هو معمول به منذ سنوات.