تعدّ جيبوتي من أقل بلدان القارة الأفريقية سكاناً، والشعب الجيبوتي مكوّن من القومية الصومالية، وهم أغلبية السكان، والقومية العفرية والعربية، وهناك أجناس أخرى مثل الأتراك والهنود والسودانيين وآخرين.
وبما أن عدد السكان لا يزيد عن مليون نسمة، وجيبوتي منفذ بحري وحيد لما يقارب تسعين مليون إثيوبي، وهي بوابة لكل وارداتها وصادراتها، فإن هذا يعني أنه ليس هناك فقر يجعلها دولة تعاني أزمة السكن لدى جيل الشباب بنسبة قد تصل إلى 80% ما لم تكن هذه الأزمة مصطنعة. ويمثل الشباب 65% - 70% من المجتمع الجيبوتي، وبهذا يعد المجتمع الجيبوتي مجتمعاً شاباً. إلا أن غالبيتهم لا يملكون السكن الملائم ولا قطعة أرض مهيئة، لأسباب تتعلق بانتشار الفساد الإداري في الأوساط الحكومية، وغياب الرؤية الواضحة، إذ ليس لدى الدولة رؤية واضحة في ما يتعلق بأزمة السكن لدى الشباب في جيبوتي ولا تهمهم أصلاً. وقد عرض وزير الأوقاف السابق، حامد عبدة سلطان، على رئيس الجمهورية، إسماعيل عمر جيلة، مشروعاً يسهم في حلحلة أزمة السكن في البلد، وهو أن تعطى قطعة أرض لكل متزوج جديد، إلا أن هذا المشروع لم ينفذ، مع أن الرئيس وافق عليه في البداية ورحب بالفكرة، وكانت هذه الفكرة تقلّص من أزمة السكن إلى حد كبير، وهي من المشاريع التي ماتت في رحمها قبل أن تولد.
إضافة إلى غياب الخطط الإسكانية الناجحة، حيث ليست هناك خطط إسكانية موجهة إلى الشباب الجيبوتي من قبل الدولة. دون إغفال سوء توزيع الأراضي.
وهناك بعض المساحات الأرضية الواسعة التي قد تصل إلى مئتي متر، ومنها حي (جبود 4)، وهناك أيضاً من الفلل والقصور التي يسكنها رجال الدولة وكبار الوزراء، مثل حي (هرموس) والذي تصل فيه القطع الأرضية إلى خمسة آلاف متر، وبعضها عبارة عن حجم ميادين كرة القدم، بينما الأحياء التي يقطنها الشعب الجيبوتي مكتظة ويمكن القول إنها غير صالحة للسكن بمجلمها.
أنشأت جيبوتي، على مدار العقود الأربعة الماضية، العديد من الأحياء الجديدة لمواجهة مشكلة الإسكان، ومع ذلك لا تزال المشكلة قائمة، وتؤرق الشباب المقبل على الزواج وتكوين الأسر، وليس لدى السلطة الحاكمة نية أو استعداد لبناء وحدات سكنية لحل مشكلة الإسكان. هذا، وتتعدد أنواع السكن في جيبوتي بين سكن الإيواء، وسكن القبور، وسكن الريف، وسكن المناطق الشعبية، وسكن المناطق العشوائية، وسكن المدن الجديدة الذي يضم الإسكان الاقتصادي، والمتوسط والفاخر، وكذلك توجد التجمعات السكنية الخاصة التي يعيش فيها الأثرياء.
لم يحل جميع هذه المشكلات المذكورة أعلاه إلا سكن الأموات "القبور"، وذلك في فترة الوزير حامد عبده سلطان، وزير الأوقاف السابق، الذي اقترح مشروع تنظيم المقابر في منطقة كيلو 12 بضاحية بلبلا، ما جعل سكن الأموات أكثر تنظيماً وأوسع من سكن الأحياء، وذلك بفضل فكرة هذا الوزير الذي مر كالبرق ثم استبعد من التشكيلة.
أما الأحياء فما زال هناك غموض كبير حول مستقبل ساكنيها، وكل الاحياء السكنية التي أنشأتها الحكومة كانت عبارة عن هبات ومساعدات من قبل الدول الأخرى، مثل حي مكة المكرمة، الذي تبرعت به السعودية، وباعته الدولة بأقساط ربحية كبيرة، وحي لوكسمبورج الأوروبي، وحي هدن الإماراتي، وهناك إحياء أخرى، ومع أن هذه كلها منح ومساعدات من الدول الأخرى، إلا أن الحكومة تبيعها وبأقساط كبيرة ومرهقة لذوي الدخل المتوسط أو العالي، أما الشباب المقبلون على الزواج وكذلك ذوو الدخل المحدود أو المعدوم، "فلا بواكي" لهم ولا ينالون منها شيئاً، وهذه السياسة الجائرة تعمّق الطبقية في المجتمع، وتكرّس فقر الفقراء وغنى الأغنياء، كما توفر لأصحاب النفوذ ورجال الدولة والمقربين من النظام الفاسد الذي أوصل حالة الشباب إلى هذه الدرجة المزيد من القصور والرفاهية على حساب المعوزين.
*جيبوتي