05 نوفمبر 2024
شارع محمد علي
محمد طلبة رضوان
شارع محمد علي، هو الشارع الذي أسسه محمد علي باشا في وسط القاهرة، ليربط بين مقر حكمه في القلعة وحي الأزبكية مقر استقرار أمرائه، وذلك بعد أن انتهى من بناء قصوره، والمسجد الكبير الذي يحمل اسمه. تحوّل الشارع بعدها إلى شارع أهل الفن والطرب وفرق الرقص والعوالم. والآن، هناك شارع جديد، يشقّه باشا جديد، بعد أن انتهى بدوره من بناء قصور الباشا الأكبر، والمسجد الذي يحمل طيف اسمه، محمولا على أسماء الله، مسجد الفتاح (السيسي) العليم. وعلى طريقة نعيمة شخلع، وزوبة الكمسارية، وعزيزة كهربة، نجمات الشارع القديم، يفعلها محمد علي الجديد، يفرِد الملاية، بالبلدي، ويشرشح للسيد الرئيس والسادة الضباط، ويكشف المستخبّي!
يستكثر بعضهم على فنان مغمور دور بطولة، ويشير إلى علاقته بنظام السيسي 15 عاماً. مثاليتنا أقوى من الرصاص، ولكن يبدو أن أحدا لم يعرف شيئا عن تاريخ هذا البلد سوى من تسريبات رجاله، بعد رحيلهم. وفي الغالب يستخدم الكبير الصغير لبث تسريباته، مذكرات رجال جمال عبدالناصر وصورته التي ظهرت في عصر أنور السادات، المعتقلات، والسلخانات، وفيلما "الكرنك" و"احنا بتوع الأتوبيس"، حسنين هيكل، وخريف الغضب، عن السادات. حتى كواليس جماعة الإخوان المسلمين، المنافس التقليدي، كشفها منشقّون، ومشاركون سابقون فيما يكشفونه. النيات تخص أصحابها، المعول عليه هو المحتوى، واختباره، الأرقام والأشخاص والأحداث والأماكن والتفاصيل. أفضل ما قدمه المصريون في الأيام الماضية هو "شرح الفيديوهات بالصور"، كل قصر يظهر على لسان محمد علي يذهب أبناء المحافظة ويصوّرونه وينشرونه.. هنا كان يبني محمد علي للسيسي بأموالنا، توثيق شعبي، لا يكلف صاحبه حياته.
يظهر محمد علي، لا يخشى سوابق سامي عنان، وهشام جنينة، وحازم حسني، وعشرات غيرهم، رجال النظام، بل رجال الجيش، بل قيادات السيسي ورؤسائه السابقين. لا سياسة، ولا قانون، ولا أخلاق مهنية، أو شرف عسكري. ورغم ذلك يظهر الباشا، ويشقّ الشارع، ليست شجاعة، إنما "انسداد"، سواء كان انتقاما شخصيا، أو عملا منظمّا، لا يمكن إلا أن يكون من داخل أجهزة الدولة، فهو تعبير واضح، ويائس، عن الانسداد السياسي، أبناء النظام وخاصّته وحاشيته لا يجدون معه سبيلا، لا للتعبير، ولا للتنفيس، ولا للشكوى، ولا للحصول على حقوقهم. الباشوات يصرخون، فما بالك بالمواطن، فضلا عن المعارض، الخائن بالضرورة.
شارع محمد علي شارع واحد، بالأحرى زقاق، عطفة. فضائح الجيش وفساده في نشاط يتيم، المقاولات، فماذا عن بقية الأنشطة؟ ماذا لو تحدّث باشوات آخرون؟ ماذا لو افتتح كل واحد شارعا باسمه، وجلس على مقاهيه، وتحدّث إلى الناس، كم من الفضائح، والفساد، والرشاوى، والأموال المنهوبة؟ الأدهى: فضائح الأنفس، عساكر حرامية، سمعنا بها، أما أن يكون الحرامي خسيسا مع أهله، مع أمه، يودعها ثلاجة موتى عشرة أيام، كي يحتفل، يجمع النقوط، رأيناها في السينما واعتبرناها "أفورة"، اضطر مخرج فيلم "الفرح" إلى تقديم سيناريو موازٍ، في مشهد بعد أخير، يخبرنا فيه أن ما حدث لم يحدث، سائق الميكروباص الحشاش لم يفعل ذلك بأمه، السيسي فعل.
فيديوهات محمد علي لا تنتهي. ألف فيديو ولن ينتهي، وما يقوله أقل بكثير مما يخفيه. كما هو واضح، كل تفصيلةٍ تخفي وراءها جحور ضباب، وشقوق ثعابين، وما خفي أوسخ. تسريبات رجال السيسي، في المجمل، ظاهرة. ليست المرة الأولى، ولا الثانية ولا الأخيرة. مدير مخابرات سابق، حري به أن تكون كواليسه خزينة أسرار، وهي كذلك، ولكن على هامشها كمّ غير مسبوق من الفضائح. الوصول إلى مكتبه، والتسجيل له، أكثر من مرة. التسجيل لمدير مكتبه، أكثر من مرة. هذا لا يعني سوى أن رجاله يسجلون له، الأقرب له، والأكثر انتفاعا به. لم تحدث لأحد قبله، ينبئك ذلك عن حقيقة الجنرال، والأدهى: حقيقة ما نسمّيها، انتماء، الدولة المصرية. سؤال واضح وصريح ومؤلم: هل لدينا رجال دولة، هل لدينا رجال في الدولة، هل لدينا دولة، أم شارع محمد علي؟
يظهر محمد علي، لا يخشى سوابق سامي عنان، وهشام جنينة، وحازم حسني، وعشرات غيرهم، رجال النظام، بل رجال الجيش، بل قيادات السيسي ورؤسائه السابقين. لا سياسة، ولا قانون، ولا أخلاق مهنية، أو شرف عسكري. ورغم ذلك يظهر الباشا، ويشقّ الشارع، ليست شجاعة، إنما "انسداد"، سواء كان انتقاما شخصيا، أو عملا منظمّا، لا يمكن إلا أن يكون من داخل أجهزة الدولة، فهو تعبير واضح، ويائس، عن الانسداد السياسي، أبناء النظام وخاصّته وحاشيته لا يجدون معه سبيلا، لا للتعبير، ولا للتنفيس، ولا للشكوى، ولا للحصول على حقوقهم. الباشوات يصرخون، فما بالك بالمواطن، فضلا عن المعارض، الخائن بالضرورة.
شارع محمد علي شارع واحد، بالأحرى زقاق، عطفة. فضائح الجيش وفساده في نشاط يتيم، المقاولات، فماذا عن بقية الأنشطة؟ ماذا لو تحدّث باشوات آخرون؟ ماذا لو افتتح كل واحد شارعا باسمه، وجلس على مقاهيه، وتحدّث إلى الناس، كم من الفضائح، والفساد، والرشاوى، والأموال المنهوبة؟ الأدهى: فضائح الأنفس، عساكر حرامية، سمعنا بها، أما أن يكون الحرامي خسيسا مع أهله، مع أمه، يودعها ثلاجة موتى عشرة أيام، كي يحتفل، يجمع النقوط، رأيناها في السينما واعتبرناها "أفورة"، اضطر مخرج فيلم "الفرح" إلى تقديم سيناريو موازٍ، في مشهد بعد أخير، يخبرنا فيه أن ما حدث لم يحدث، سائق الميكروباص الحشاش لم يفعل ذلك بأمه، السيسي فعل.
فيديوهات محمد علي لا تنتهي. ألف فيديو ولن ينتهي، وما يقوله أقل بكثير مما يخفيه. كما هو واضح، كل تفصيلةٍ تخفي وراءها جحور ضباب، وشقوق ثعابين، وما خفي أوسخ. تسريبات رجال السيسي، في المجمل، ظاهرة. ليست المرة الأولى، ولا الثانية ولا الأخيرة. مدير مخابرات سابق، حري به أن تكون كواليسه خزينة أسرار، وهي كذلك، ولكن على هامشها كمّ غير مسبوق من الفضائح. الوصول إلى مكتبه، والتسجيل له، أكثر من مرة. التسجيل لمدير مكتبه، أكثر من مرة. هذا لا يعني سوى أن رجاله يسجلون له، الأقرب له، والأكثر انتفاعا به. لم تحدث لأحد قبله، ينبئك ذلك عن حقيقة الجنرال، والأدهى: حقيقة ما نسمّيها، انتماء، الدولة المصرية. سؤال واضح وصريح ومؤلم: هل لدينا رجال دولة، هل لدينا رجال في الدولة، هل لدينا دولة، أم شارع محمد علي؟
مقالات أخرى
29 أكتوبر 2024
22 أكتوبر 2024
15 أكتوبر 2024